حذر خبير بريطاني من افراط الولاياتالمتحدةالأمريكية في اعتمادها علي السيولة الاجنبية فضلا عن القروض سواء فيما يتعلق بالجانب الانتاجي او الاستهلاكي، الأمر الذي يؤدي الي تكوين فقاعات مثل فقاعة التكنولوجيا لاعتماد الاقتصاد الامريكي علي قطاعي الخدمات والتكنولوجيا مما سبب تضخم هذين القطاعين علي حساب القطاعات الانتاجية بالاضافة الي فقاعة العقارات المشهورة والتي لن ينساها العالم، والتي حولت خريطة العالم الاقتصادية وقادته الي أكبر أزمة عالمية عرفها التاريخ ومن ثم يبقي الاستقرار محفوفا بالمخاطر، من انفجار تلك الفقاعة تاركة وراءها الكثير من الخسائر للشركات الأمريكية والعالمية واضرارا جمة للاقتصادين الأمريكي والعالمي مثلما حدث مع أزمة الرهون العقارية. وتقول صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية انه في حال معرفة المتسبب الحقيقي للأزمة الأخيرة فلن يمنع ذلك حدوث أزمات اخري خاصة في ظل توجيه امريكا أصابع الاتهام مؤخرا الي بريطانيا معتبرة اياها احد أسباب الأزمة حيث يحمل خبير في بنك جولدمان ساكس الأمريكي المسئولية علي اليستر دارلينج وزير مالية بريطانيا لأنه رفض السماح لبنك باركليز الذي كان يرغب في شراء ليمان براذرز الأمريكي المنهار وعمل علي تجنب عملية تصويت حملة الأسهم مما دعا خبير جولدمان الي القول ان بريطانيا صعبت الأمور علينا. ويقول إن إلقاء اللوم علي الأفراد لا يساعد علي تفسير عملية الإفلاس أو في تحديد الكيفية التي تحول دون حدوث عملية أخري مماثلة وفي حال ابعاد بيرنارد مادوف رئيس بورصة ناسداك الاسبق الذي احتال علي المستثمرين وغيره ممن هم علي شاكلته فإن معظم المصرفيين والمسئولين الذين كانت لهم علاقة بالأزمة وبعمليات الانقاذ لم يكونوا مجرمين أو أغبياء في وول ستريت وإنما كانوا أمريكيين لامعين وكانوا يعترفون بالنظام الاقتصادي السائد واستجابوا للاشارات التي صدرت عن السوق فأثناء فقاعة العقارات التي حقق المستثمرون فيها أرباحا سريعة تدافع المصرفيون للحاق بالركب غافلين عن المخاطر الخفية وعندما كان النظام يتداعي وينهار اضطرت السلطات لفتح الخزينة العامة حتي تمنع وقوع كارثة. ويعتمد الاقتصاد الأمريكي في غالبه علي قطاعي الخدمات والتكنولوجيا مما أدي الي تضخم هذين القطاعين علي حساب القطاعات الانتاجية وهو ما يعني ان جزءا كبيرا من قوة العمل خاصة العمالة الماهرة تتركز في هذه القطاعات التي كان أحدها القطاع المالي نقطة بداية الأزمة الاقتصادية الأخيرة وأكثر القطاعات التي تأثرت بها وهذا التأثير يقود الي تقليص حجم هذه القطاعات الي حد كبير مما يعني ان فقد الوظائف سيستمر وسيظل مستمرا وهو مما يرفع معدلات البطالة ويزيد الضغط علي الانفاق الحكومي الذي يعاني من ارتفاع النفقات في الاصل بزيادة الانفاق علي برامج اعانات البطالة وبرامج التدريب. وبالنظر الي المؤشرات الأساسية كمعدلات البطالة وإفلاس المؤسسات والتضخم نجد ان الاقتصادات الكبري لاتزال في منحنيات هبوط وإن كان بمعدلات بطيئة مما كانت عليه في بداية ومنتصف العام الحالي ويرجع ذلك الي خطط الانقاذ والتحفيز التي تم انفاق الحكومات عن طريقها مبالغ ضخمة فضلا عن أن مستويات الاقراض لاتزال منخفضة كما ان القطاع المصرفي الذي خرجت منه الأزمة وكان أكثر القطاعات المتأثرة لم يتخلص من معظم اصوله الرديئة وحتي الوقت الحالي لايزال الكثير من الديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها وأيضا الديون المضمونة بأصول عقارية فقدت قدرا كبيرا من قيمها في دفاتر الكثير من البنوك خاصة الكبيرة منها مما يشير الي أن مسلسل افلاس البنوك أبعد ما يكون عن نهايته. وتوضح الصحيفة انه إذا كان هناك جهة ينبغي تحميلها مسئولية الأزمة فهي رؤساء البنوك التي كانت تسيطر علي قروض الرهن العقاري وعلي الائتمان المهيكل إلا أنه حاليا لا يوجد سوي لويس وانجيلو موزايلو الرئيس الأسبق لبنك كنتري وايدهما الرئيسان التنفيذيان الوحيدان لمجموعات مالية كبري اتهمت بالقيام بأعمال خاطئة أما بولسون الرئيس الأسبق لبنك أوف أمريكا وتيم جيثنر وزير الخزانة الأمريكي مثلهما مثل السابقين فهم ارتكبوا اخطاء ولم تقتصر تلك الأخطاء علي حالتي بنك ليمان وشركة التأمين الأمريكية ايه اي جي. وعند استخدام أموال دافعي الضرائب لإعادة هيكلة البنوك لم يفرضا شروطا قاسية بدرجة كافية علي الجهات التي تلقت أموال الانقاذ والي حد ما فإن وزير الخزانة ضحية لنجاحه فقبل عامين كان كثير من الخبراء يعتقدون ان كثيرا من البنوك الامريكية مفلسة ولكن البنوك الكبري حاليا تحقق أرباحا كبيرة لدرجة ان جهودها التي تهدف الي تقسيم هذه الأرباح مع كبار الموظفين تسبب الغضب في أمريكا واخرها ما وزعه بنك جولدمان ساكس من أرباح علي موظفيه. ومن ثم فإن الخطأ لا يقع علي الأفراد ولكن سببه يرجع الي السياسات والأنظمة التي سمحت للبنوك وغيرها من المجموعات المالية ان تصبح كبيرة جدا لدرجة لا يمكن معها توجيه السيطرة أو النصح بطريقة عقلانية وبولسون وجيثنر لم يخترعا عقيدة أكبر من أن تفشل وفي حالة "ليمان" حاولا الوصول ببنك ليمان الي تحقيق أرباح هائلة إلا أن النتيجة كانت بمثابة كارثة علي الاقتصاد العالمي. ويعاني الوضع المالي الحكومي في الولاياتالمتحدةالأمريكية من تحديات بالاضافة الي ما تملكه أمريكا من خيارات لا تدع مجالا للتفاؤل فيما يتعلق بقدرتها وإدارتها الحالية علي التعامل مع هذه الأزمة التي تعتبر أكبر تهديد ليس للاقتصاد الأمريكي بل لغالبية أنحاء العالم وفقا لما يراه كثير من المحللين ولم تكن الأزمة التي بدأت كأزمة مالية عادية تضرب القطاع المالي بين حين وآخر بل كانت كالشرارة التي كشفت نقاط الضعف في الكيانات الاقتصادية المتقدمة علي وجه العموم والاقتصاد الأمريكي علي وجه الخصوص حيث كشفت هذه الأزمة ان الاقتصاد الأمريكي يعاني من مشكلات هيكلية حقيقية غير ظاهرة للكثير من المراقبين بسبب غطاء الرخاء الاقتصادي المصطنع الذي وفرته للمستهلك الأمريكي والفوائض المالية التي تأتي من الدول النفطية والصين واليابان في شكل قروض عقارية واستهلاكية. ومن ثم أطلق مجلس النواب الامريكي قانونا للاصلاح الشامل من شأنه تعزيز الانظمة وتقليل المديونية وتسهيل عملية تسييل بنوك من قبيل ليمان وغيره بالاضافة الي ذلك اقترح البيت الابيض بناء علي حث من جانب الخبراء أن يتم الحد من قدرة البنوك علي استثمار اموال المودعين في مجالات تتسم بالخطورة كصناديق التحوط وشركات الاسهم الخاصة فضلا عن اقتراح أوباما الأخير والذي سبب قلقا لدي الكثير من البنوك الأمريكية.