لم تكن عملية اغتيال محمود المبحوح احد قادة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الأولي، ولن تكون الاخيرة في سجل المخابرات الاسرائيلية حتي وإن لم تعترف بذلك حتي الآن، ففي موازاة حرص اسرائيل علي عدم التعقيب رسميا علي تحميلها مسئولية اغتيال القائد العسكري في حركة حماس في إمارة دبي قبل أيام، خرجت تعقيبات علي الاغتيال تتباهي بأن العملية تنسب إلي أجهزة الاستخبارات الخارجية الاسرائيلية "الموساد"، وهناك عمليات اغتيال نسبت للموساد في الماضي القريب والبعيد من دفعه أن يؤكدها الموساد أو ينفيها، ولكن استعراضها جاء من منطلق التباهي ب "الذراع الطويلة" للاستخبارات الاسرائيلية. تتعمد اسرائيل تاريخيا سياسة عدم التعقيب علي اتهامات للموساد بتنفيذ عمليات اغتيال أو تفجير نفذت في انحاء العالم، حتي علي تلك التي لم تنفذها في الواقع، ويري واضعو هذه السياسة أن تحميل الجهاز المسئولية عن عمليات من هذا القبيل يرفع من شأنه، ويحقق الردع الذي يعتبر أحد أهم المبادئ التي ترتكز عليها العقيدة الأمنية الاسرائيلية، لكن التزام الصمت يأتي تنفيذا لقرار إسرائيلي قديم بالغاء الغموض محيطا بهذا النوع من العمليات خاصة أن الاعتراف بارتكابها علي أراضي دول أخري يركب انعكاسات ومضاعفات هي في غني عنها. قد يكون نبأ اغتيال قيادي في حركة حماس أحد العناوين الرئيسية في نشرات الاخبار، وعناوين الصحف، لكن ما سيجعله خبرا أول بامتياز هو وقوع العملية في دبي تحديدا، فعلي الرغم من أن عدة دول من ضمنها دول عربية كانت مسرحا لاغتيالات طالت كوادر من حركة حماس كانت اسرائيل تقف وراءها، فإن اغتيال محمود المبحوح "50 عاما" العضو البارز في كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري للحركة، يعد استهدا فالكوادر الحركة في منطقة الخليج العربي، وأمرا نادر الحدوث فيما يتعلق بالاغتيالات السياسية في إمارة دبي التي تحاول أن تنأي بنفسها عن مثل هذه الاضطرابات الأمنية، وهو ما أكده قائد شرطة دبي الفريق جناحي خلفان، وعدا ذلك تشدد الامارات القبضة علي مطاراتها وتتحكم دبي الكترونيا في حركة الدخول والخروج من مطارها الدولي، وهو الامر الذي ينطبق بشكل أو بآخر علي جميع مطارات الامارات العربية المتحدة. وعلي الرغم من كل هذه الإجراءات الأمنية، فإن عملية اغتيال القائد الحمساوي لها أبعادها الخاصة، لكنها ليست المرة الأولي التي تكون فيها دبي مسرحا لاغتيال سياسي علي الرغم من كل ذلك، ففي مارس 2009 كانت دبي علي موعد مع اغتيال سياسي جديد الهدف هذه المرة كان المقاتل الشيشاني سليم عماديين، وهو أحد أبرز خصوم الرئيس الشيشاني الموالي للروس رمضان قادرون. غير أن الصمت الذي اكتنف أروقة الحكم في اسرائيل لمدة عشرة أيام لم يدم طويلا فقد نشر موقع صحيفة يديعوت احونوت الاسرائيلي علي الإنترنت تقريرا يلمح فيه إلي احتمال أن يكون أحد قادة حماس العسكريين محمود المبحوح قد قتل في دبي بأيدي الموساد، وأن العالم لن يتعجب اذا كان الموساد يقف وراء هذه العملية، فلاسرائيل أسباب عميقة تجعلها تسعي لتصفية الحسابات مع المبحوح، فهو كان من مؤسسي الزراع العسكرية لحركة حماس التي تعرف باسم كتائب عزالدين القسام خلال الانتفاضة الأولي، وهو الذي كان شريكا فاعلا في التخطيط، ومن ثم التنفيذ لعمليتي خطف وقتل الجنديين الاسرائيليين في "سبسورتاس" "وايلان سعدون"، لذا فالجيش الاسرائيلي والمخابرات منذ أن عرف أن المبحوح كان شريكا في العملية وهما يطاردانه بالتعاون مع الموساد، فضلا عن اتهام المبحوح بدوره المباشر في عمليات تهريب الأسلحة خاصة إلي قطاع غزة، لذا فإن عملية الاغتيال هذه لا تأتي للثأر فقط كما تعتقد حماس، إنما ليحقق هدفين مهمين أولهما: افشال عمليات الردع، والثاني: هو اخراج المبحوح من دائرة العمل في تهريب السلاح من إيران إلي قطاع غزة، وهي عملية افشال مهمة لأنها ستراكم صعوبات علي مواصلة التهريب في المدي القريب إلي حين ايجاد بديل له، ومن سيحل محله سيكون أكثر حذرا وهذا الردع هو ما أراد المنفذون تحقيقه، وبما أن الموساد هو المشبوة الرئيسي والفوري فإن الخوف منه سيتعاظم، لذا فإن اغتيال المبحوح شكلت ضربة موجعة لحماس وللزراع العسكرية للحركة كما أن اغتياله يوازي اغتيال عماد مغنية وسيكون صعبا الصحوة من الضربة وايجاد البديل المناسب ان وجد اصلا وسيحتاج الأمر إلي وقعت كبير..!