قال فرانسيسكو جرنر خبير الاقتصاد في وول ستريت، أن اقتراح أوباما الأخير بمنع البنوك من التعامل في أسواق الأوراق المالية باستخدام أموالها، والاستثمار في صناديق التحوط، أو الاستثمار الخاص، يعد عقبة علي طريق التعافي الاقتصادي، علي الرغم من تأييد كبار المستثمرين في أمريكا لتلك المقترحات، ولكنها ليست كافية لتحقيق الهدف المطلوب للقضاء علي ما سببته البنوك للدولة من جراء الأزمة المالية العالمية، وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية. ويضيف أن خطة الرئيس باراك أوباما لفرض ضريبة علي البنوك الكبري سابقة لأوانها، وان مقترحاته الأشمل لردع أنشطة البنوك لن تكون كافية لتحقيق الهدف المرجو منها، وعندما يتم فرض ضرائب علي البنوك، وهي تبذل ما في وسعها للخروج من الأزمة العالمية الأخيرة، يتحول ذلك علي النقيض تماما من السياسة التي تريد انتهاجها، حيث أعلن أوباما أن البنوك في وول ستريت ينبغي أن تدفع ما يصل إلي نحو 117 مليار دولار تعويضا لدافعي الضرائب، وعن الدعم الذي حصلت عليه لانقاذها من الافلاس. وهدفت خطة أوباما إلي تقليص أحجام المؤسسات المالية والحد من أنشطتها التجارية، كما أنه سيسعي إلي منع البنوك التي تلقت مساعدات حكومية من الاستثمار في صناديق التحوط التي تعد أحد أسباب أزمة الائتمان الأخيرة، ومن ثم لن يسمح للبنوك بعد الآن بامتلاك أو الاستثمار في صناديق التحوط أو صناديق الأسهم الخاصة لتحقيق الأرباح، أما إذا كانت المؤسسات المالية تريد المتاجرة للربح فهي حرة في فعل ذلك، ولو فعلت ذلك وتحملت المسئولية، فهذا يعد جيدا للأسواق والاقتصاد، ولكن لا يسمح لتلك الشركات بإدارة صناديق التحوط وصناديق الأسهم الخاصة وأن تدير في الوقت ذاته بنوكا حكومية. وتباينت أراءالخبراء العالميين حول تدخل اقتراحات أوباما، حيث أعرب العديد من رؤساء البنوك العالمية عن قلقهم من تدخل الحكومات المتوالي في عمل المؤسسات المالية والاقتصادية الخاصة، الأمر الذي ينعكس بالسلب علي أداء البنوك، لأن هذا يسبب خوفا لدي المستثمرين ويجعلهم حريصين علي عدم ضخ أموالهم في مؤسسات يعرفون أن الحكومات تتحكم في توجهاتها، ومن ثم لابد من البحث عن حل وسط بين استمرار الدعم الحكومي وتمتع المؤسسات المالية باستقلالية تامة في رسم برامجها الاستثمارية. فيما رأي آخرون أن خطط الرئيس الأمريكي لاصلاح الاقتصاد تسير في الاتجاه الصحيح، وان وجد فيها بعض الثغرات التي يمكن تعديلها، خاصة فيما يتعلق بوضع فروق في التعامل مع البنوك الكبري والأخري الصغيرة، وتأتي مخاوف الخبراء من مستقبل الديون العامة في أوروبا علي وجه التحديد طبقا لتوقعات الاتحاد الأوروبي بارتفاع نسبة الدين العام خلال العام الحالي 2010 في بعض الدول، منها ألمانيا إلي نحو 77%، وبريطانيا 80%، وفرنسا إلي نحو 82%، واليونان بمعدل 125%، وإيطاليا بمقدار 117%، وبلجيكا بنسبة 101%. ورفض خبير وول ستريت تدخل أوباما تجاه البنوك، معللا ذلك بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية منخرطة في الصراعات الدولية، وتسعي جاهدة للتخلص من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في نطاق محدود فيما يتعلق بالأخيرة، لوجود خبراء الاقتصاد والاحتياط الفيدرالي الأمريكي، وتلك هي المسائل المعروفة، والمتعلقة بتدخل رئيس الدولة. وقالت فاينانشال تايمز أن الأزمة الأخيرة زادت من ثروات مقرضي البنوك الأمريكيين، وحملة الأسهم، بمئات المليارات من الدولارات، ومن المتوقع أن تخسر الإدارة الأمريكية ما يقدر بنحو 74 مليار دولار من أموالها الأصلية البالغة نحو 125 مليار دولار، فيما يتعلق بالأموال التي تم ضخها في البنوك فقط، ولدي الدولة الأمريكية الحق في تصحيح هذه الحالة من عدم التوازن. وتقول أن تفاصيل ذلك الاقتراح، ستكون بالضرورة سببا للجدل والنقاش، حيث قرر البيت الأبيض استخدام حصيلة الضرائب لسداد الخسائر ضمن برنامج انقاذ الأصول المتعثرة، إلا أن تبرير استهداف هذا الكم من الأموال يشوبه بعض المشكلات، فمن المعروف أن بعض خسائر برنامج انقاذ الأصول المتعثرة ليست لها علاقة بالبنوك، خاصة فيما يتعلق بالخسائر المتوقعة من عمليات انقاذ صناعة السيارات. ومن ثم قد يقف الكثير في صف أوباما، لاسيما أن بعض خسائر القطاع المالي يتم استثنائها خاصة ما يتعلق بثمن بوالص التأمين الموجودة، والمعترف بها في تكاليف تمويل البنوك، ولكن لم تتم المطالبة بها، ومن التعقيدات الإضافية لهذه الضريبة احتمال أن ينتهي الأمر بالعملاء وهم يدفعونها، وهناك كثير من الأمور لا يوافق عليها كثير من الناس، بل وانها موضع خلاف بين السياسيين، إلا أن الضريبة مبررة ويجب الاعتراف بها، وستقبل البنوك رغما عنها علي تغطية التكاليف التي فرضتها علي المجتمع، وستسحب الضريبة السيولة من البنوك المدعومة من جانب حكومات أجنبية، إلا أنه علي الدول الأخري أن تتبع مسارا مماثلا كما يقوم تيم جيثز، وزير الخزانة الأمريكية. وتشير إلي أن النقاش حول هذه الضريبة يجب ألا يلفت الانتباه عن كيفية انشاء نظام مالي، تستطيع بموجبه البنوك أن تفشل بصورة آمنة، ولابد كذلك من زيادة متطلبات توفير رأس المال ويجب أن يكون من الأسهل في المستقبل تحويل ديون البنوك إلي أسهم في حالة حدوث الأزمة، ويبدو أن ذلك الاقتراح سياسيا من الدرجة الأولي، لأنه جاء في توقيت، إذ ان الإدارة الأمريكية أعلنت عنه قبل موسم من توزيع علاوات البنوك، وفي ظل استمرار ارتفاع البطالة الأمريكية، فإن مشهد مسئولي شركات وول ستريت، وهم يحصلون علي مكافآت بعدة ملايين من الدولارات من الشركات التي تم انقاذها، سوف يثير موجات من الغضب، وبالتالي فإن هذه السياسة من قبل الإدارة الأمريكية سوف تعمل علي تهدئة، واستغلال ذلك الغضب الشعبي. ويذكر أن الرئيس الفرنسي ساركوزي، طالب الأسبوع الماضي باعتماد قوانين دولية جديدة لإصلاح للقوانين المصرفية، ومؤكدا توافقه مع الرئيس باراك أوباما في هذا الصدد، وقال ان مهنة المصرفي ليست القيام بمضاربات، بل تمويل التنمية والاقتصاد، فنحن لانزال نواجه أخطارا كبيرة في الاقتصاد ونشجع المضاربات، ودعا إلي "تغيير قوانين المصرفية، حيث يري أنه من الضروري منع البنوك من المضاربة لمصلحتها، وأعلن ساركوزي أن فرنسا، التي ستتولي رئاسة مجموعة الثماني ومجموعة العشرين العام ،2011 ستدرج اصلاح النظام النقدي الدولي علي جدول الأعمال.