أثق أن د.حسام كامل العالم والطبيب والدقيق بحكم التجربة كمؤسس لأول مركزين لزراعة النخاع في الشرق الأوسط، أثق انه يعرف بشكل نهائي قيمة "القواعد الإرشادية" لكل تفاصيل الرعاية الصحية بداية من مهمة بواب المستشفي إلي مسئوليات طبيب التخدير ونهاية بتخصيص كل فرد مهما صغر شأنه أو كبر في أي مهمة طبية، فالنخاع العظمي هو الكامل لكل تعليمات المخ بما يجري في الجسد البشري، ولذلك كان اختياره كرئيس لجامعة القاهرة نوعاً خفيا وعلنيا لتطوير صنعة الطب والعلاج في أكبر أكاديمية طبية في المحروسة مصر، وأعني بها قصر العيني. وأثق أن د.سامح فريد عميد طب القاهرة، يسأل نفسه كل صباح علي المسافة الواقعة بين تدريس الطب وتقاليده من أيام علي باشا ابراهيم إلي أيامنا هذه وضعا في اعتباره أي اضافة وضعها عميد سبقه إلي المقعد ليزيد علي ما اضافوه، ولعل أهم ما يتميز به هذا الرجل - بحكم معرفتي بنتائج أعماله - انه استطاع تخفيض نسبة الدروس الخصوصية بطب القاهرة من سبعين بالمائة إلي أربعين بالمائة، وهو واحد من قلة نادرة في مجتمعنا يملك شجاعة الإعتراف بأي خطأ ويملك جراءة تصحيح هذا الخطأ علي الفور، وأنا أكتب ذلك وأنا الذي لم ألتق به إلا مرة واحدة فقط في حفل عام، ولكني أتابع بدقة ما يدور في نبض مصر المحروسة التي تضج بآلام مرضاها، وكل مريض - بشكل أو بآخر - هو استاذ كل أطباء الكون، وخصوصا أطباء مصر لأن الطبيب المصري يتلقي تعليمه علي المريض مباشرة في أغلب الأحيان. وأثق أن مها مراد مديرة قصر العيني الفرنسي لم تجلس علي مقعد إدارة هذا الصرح العالي إلا بعد أن أعادت صياغة مستشفي أبو الريش للأطفال. وهكذا يمكننا ان نري أن أي خطوات لتطوير قصر العيني الفرنسي تنبع من هؤلاء الثلاثة، وبرؤية علمية للقواعد الإرشادية الموجودة بكل مستشفيات الكون، فليست المستشفيات التعليمية فرصة لاقتصاد السوق والربح المادي لبعض ممن تنقصهم المعرفة بحكم أنهم متخصصون في فروع محددة ويملكون فيها براعة هائلة، ولا يملكون رؤية لتفاصيل دقيقة لكل منظومة صناعة الشفاء. ولذلك جاء اختيار الثلاثة للأستاذة الدكتورة عالية عبد الفتاح كنائبة لمدير القصر الفرنسي، لأنها كأستاذة في الرعاية الحرجة تملك التفاصيل والرؤية معا وكل من التفاصيل والرؤية تستند إلي ما يمكن أن نسميته القواعد الارشادية أو الدليل الارشادي لتوصيف وتصنيف أي مرض. أتوقع لهذا الاختيار أن يأتي بنتائج باهرة، خصوصا أن د.عالية التي أعرفها عبر عشرين عاما علي الأقل تملك هدوءا يقظا لا يسمح بالتهاون. وأنا أكتب هذا لأني مدين لكل من حسام كامل وسامح فريد ومها مراد، فضلا عن عالية وزميلها الأصغر تامر فهمي بكامل الرعاية اثناء أزمتي القلبية الأخيرة، لذلك وجب الشكر والتقدير.