في مقاله علي صفحات جريدة "فاينانشيال تايمز" البريطانية طالب "لويد بلانكفين" رئيس مجلس إدارة بنك "جولدمان ساكس" بضرورة تقييم أصول الشركات علي أساس القيمة السوقية العادلة علي الرغم من أنها قيمة نظرية يصعب تحقيقها في الواقع العملي فهي تشير إلي ثمن البيع الذي يتراضي عليه البائع والمشتري، مشيرا إلي أن الهدف الأساسي من التقييم هو معرفة القيمة الحالية لصافي حقوق الملكية للشركة، كما أنه يكون ملزما من قبل المتخصصين في حال طرح شركة في سوق الأوراق المالية لأن الغرض من ذلك هو تحديد علاوة الاصدار التي يتم اضافتها للقيمة الاسمية للسهم، ويتم التقييم أيضا لغرض اندماج شركة مع أخري أو تنازل أحد الشركاء عن حصته في الشركة لشركاء آخرين أو بغرض بيع كامل الشركة لشركاء جدد. ولفت رئيس بنك "جولدمان ساكس" الأنظار إلي الشفافية والافصاح والتي كانت صلب مقاله في الجريدة موضحا أنها من أكبر الدروس المستفادة من الأزمة العالمية، وقال إن المؤسسات في حاجة إلي المزيد منها لتجنب أي مخاطر مثل الأزمة الأخيرة، حيث شدد مثل باقي الخبراء بضرورة تمسك الشركات المدرجة في أسواق المال بمبدأ الشفافية في إعلان المعلومات التي تتعلق بتداول الأوراق المالية خاصة أوامر البيع والشراء بهدف ايجاد تفاعل بين قوي العرض والطلب، واعلان المعلومات المتعلقة بالصفقات التي تبرم فعلا من حيث أحجامها والاسعار التي تبرم بها حتي يعرف المتعاملون اتجاهات السوق. وأشار أيضا إلي أنه من الضروري الاعلان عن كل المعلومات المهمة لشركات المساهمة التي تساعد المستثمر علي اتخاذ قرارات بيع أو شراء ورقة مالية معينة وتقدير السعر المناسب وتمكن المستثمر من الحكم علي مدي الجدارة والنزاهة التي تدار بها الشركة التي يستثمر فيها موضحا أن الافصاح هو روح سوق الأوراق المالية المنظمة وركنا اساسيا من اركان قيامها واساسا لاستمرار نجاحها وتطورها وأساسا لتدعيم الثقة بها الأمر الذي يؤدي إلي جذب فئات المستثمرين نحو أدواتها. وأوضح أن هناك متطلبات لتوفير المعلومات الموثوقة والمتعلقة بالأنشطة والاجراءات والقرارات والسياسات التي تتخذها الشركة وضمان الوصول إليها منها الالتزام بالانفتاح والشفافية والامانة فيما يتعلق بالمؤسسة وسياستها وأنشطتها علي كل المستويات الإدارية بشكل يسمح بمساءلة جادة للمؤسسة وللعاملين بها فيما يتعلق بمعاملاتها كافة ومع الأطراف ذات العلاقة، بالاضافة إلي العمل ضمن اجراءات واضحة علي تبني المواقف ذات العلاقة بسياسات المؤسسة المالية وايضا الالتزام بسياسة واضحة للنشر تتضمن حفظ كل ما يتعلق ببناء المؤسسة وعملها من خلال إصدار قرارات مجلس إدارة أو لوائح واجراءات مصدق عليها واضحة فيما يتعلق بنشر المعلومات الشفوية والكتابية أو المخزنة الكترونيا. وأشار إلي أن هناك نقطة مهمة تتعلق بالمستثمرين وهي التعهد بتوفير المعلومات الصحيحة للجمهور العام بأعلي مستوي من الدقة وذلك بتخصيص لجنة أو شخص علي الأقل للقيام بهذه المهمة لتوفير قناة اتصال الشركة بالمستثمرين واتخاذ الاجراءات التي تضمن حفظ السجلات والمعلومات التي تتعلق بعمل المؤسسة بما يضمن دقة المعلومات والأمانة وسهولة عملية عرض المعلومات وتحليلها وتقديمها لطالبيها وفق اجراءات واضحة ومنظمة. ومن ثم تتطلب الشفافية اتاحة المعلومات للمستثمرين ويؤكد هذا المبدأ علي أهمية نشر المعلومات المالية الشاملة عن المالية العامة في أوقات يتم تجديدها بوضوح، حيث ينبغي أن تتضمن وثائق الميزانية عرضا للتوقعات المالية العامة في الفترة المستقبلية وكذلك ينبغي الافصاح عن الخصوم في الميزانية السنوية أي ضرورة علانية اعداد الميزانية وتنفيذها والابلاغ بنتائجها ويشمل نوعية المعلومات التي تتاح للمستثمر فيما يخص عملية الميزانية وذلك من خلال عرض تقرير سابق عن الميزانية قبل تاريخ مناقشة واعتماد الميزانية السنوية وبوقت كاف مع بيان مجموعة الايرادات ومجموع المصروفات والفائض أو العجز أو الدين العام، وعرض مشروع الميزانية علي المنظمين. وطالب بضرورة إنشاء وكالات ومؤسسات لمحاربة الفساد وذلك بأن تكون قوانين الدولة تسمح بإنشاء وفتح الهيئات والمؤسسات المختصة في مكافحة الفساد ومنحها الصلاحيات التي تمكنها من القيام بمهامها أو علي أن ينصب جوهر عمل هذه الوكالات في الحصول علي المعلومات وإجراء التحريات اللازمة واعطاء التوصيات الخاصة بتوجيه الاتهام للأفراد المسئولين عن الفساد الإداري في المؤسسات فضلا عن تقديم النصح لرؤساء الإدارات والأجهزة المختلفة فيما يتعلق بالتغيرات التي تطرأ علي الأداء المؤسسي التي يمكن أن تساعد في القضاء علي وقوع الفساد الإداري مستقبلا وذلك لدعم وتطوير الشفافية موضحا أن ذلك يتطلب تطوير مهنة المحاسبة وأيضا المراجعة. وحذر من تقييم الأصول بالطرق التقليدية والتي لا تتماشي مع أسس المحاسبة الدولية حيث إن عملية التقييم من الأمور المهمة في اقتصادات الدول سواء كان ذلك يخص أسهما أو عقارات أو غيرهما، كما حذر من التقييمات العشوائية والتي من شأنها أن تضيع حقوق المساهمين وتمنح في الوقت نفسه مجالس إدارات بعض من الشركات فرصا لاظهار الشركة كأنها حققت أرباحا، وهذا خطأ جسيم لأن المساهمين يمثلون ملاك الشركة، ومن ثم من الضروري معرفة المساهمين لحقوقهم وحاجتهم إلي الحماية من قبل مجالس الإدارات، لأنه من المفروض أن تكون مجالس الإدارات أكثر فعالية من تعزيز القوانين فتلك الحقوق لم يتضمنها قانون واحد وإنما جاءت في سياق عدة قوانين ومن ثم فإن المساهم عليه مسئولية والتزام لأنه يلعب دورا مهما في الحفاظ علي حقوقه من خلال انتخابه لأعضاء مجلس الإدارة. ولفت إلي القيمة العادلة للسهم باعتبارها شيئا مهما عند اتخاذ قرار استثماري إلا أن الظروف الحالية التي تمر بها الأسواق في ظل آثار الأزمة المالية تفرض التعامل بحذر مع أي تقييمات وعدم الاعتماد عليها بشكل كبير خاصة في ظل وجود متغيرات جديدة وسريعة، حيث طالب بأهمية وجود تنظيم قانوني لإصدار تقارير القيمة المزعومة، وضرورة تخصيص جهات معينة تتسم بالحيادية والنزاهة، للقيام بتلك العملية بعيداً عن الشركات الاستثمارية التي يتهمها البعض بأنها تقوم علي المصالح، ومن ثم فمن المنطقي لا يصح لها إصدار تقييمات أو صيات فيما يخص الأسهم. واقترح بعض الخبراء في الفترة الأخيرة أن يكون هناك إشراف مباشر من هيئات الرقابة التابعة لأسواق المال علي عمليات التقييم وأن تقوم بمراجعة التقارير قبل إصدارها حيث شهدت الشهور الماضية كثافة التقارير الخاصة بالقيمة العادلة للأسهم، مع انتشار كبير لهذه التقارير بالرغم من التباين الكبير بينها، وتنوع نظرتها للسهم الواحد بل إن الاختلاف أصبح موجوداً في تقييمات الشركة نفسها للسهم الواحد بين فترة وأخري ليست بعيدة عنها، حتي أن أغلب الأسهم لا تصل للقيمة التي تعلنها هذه الجهات نهائياً وبعضها يتعرض لهبوط متواصل عقب صدور مثل هذه التقارير. وقال إن هناك عددا من المستثمرين عبروا عن غضبهم تجاه الجهات القائمة علي إصدار هذه التقييمات واتهموها بعدم النزاهة والعمل علي تحقيق مصالح خاصة باعتبارها مستثمراً أساسيا في الأسهم وترغب في الحفاظ علي مصالحها ومصالح عملائها أيضا خصوصا وأن أغلب الشركات القائمة علي التقييم لديها محافظ استثمارية كبيرة وكذلك صناديق برؤوس أموال طائلة، وأي تحرك للأسهم يؤثر عليها بشكل مباشر ومن ثم فإن التقارير الصادرة عنها لن تكون بعيدة عن ذلك ويكون الهدف الأساسي منها هو تحقيق المكاسب للشركة أولا أو تقليل الخسائر التي تتوقعها علي حساب باقي المستثمرين في السوق.