6 أكتوبر.. يوم مجيد محفور بأسطر من نور في سجل التاريخ المصري والعربي.. بعد أن حقق الجيش المصري بسواعد أبنائه نصراً مؤزراً علي العدو الصهيوني وقهر جيشه الذي أوصله غروره إلي أنه لا يقهر. وفي كل عام تحتفل مصر والعرب بهذه المناسبة العطرة التي تمر ذكراها السادسة والثلاثون هذا العام.. وإذا كانت جميع فئات الشعب المصري قد شاركت في هذه الحرب وفي تحقيق هذا النصر، فقد كان للمصرفيين دور ملموس فيها، حيث شارك فيها عدد من الأسماء اللامعة في سماء العمل المصرفي.. نذكر منهم: د. فاروق العقدة محافظ البنك المركزي ومحمود عبدالعزيز مستشار محافظ المركزي سابقاً ونبيل الحلو.. وغيرهم حاولنا الوصول إليهم لنسجل بذلك ذكرياتهم عن الحرب دون أن ينتقص ذلك من قدر الآخرين شيئاً. ومن المصرفيين الذين شاركوا في حرب أكتوبر إبراهيم عبدالفتاح مدير عام وعضو لجنة السياسات بالبنك الأهلي الذي تحدث عن تجربته خلال حرب أكتوبر بعد محاولات كثيرة وقال إنه التحق بالجيش في 3 يوليو 1968 وهو تاريخ محفور في ذاكرته لأنه كان نهاية لدراسته التي بدأها في تمهيدي الماجستير في كلية التجارة السنة الثانية، كما توقف أيضاً عمله في البنك الأهلي لحين انتهاء الحرب. ودخل عبدالفتاح الجيش كضابط احتياطي حيث كان قائد سرية مدفعية مضادة للطائرات، وكان هدفها حماية قوات المشاة وتلقي تدريبه في السويس والعين السخنة وبور توفيق وكان ضمن الجنود الذين عبروا قناة السويس، ويضيف ان فترة التحاقه بالجيش كانت من الفترات الصعبة جدا حيث تزامنت مع حرب الاستنزاف والتي كان القتال فيها علي أشده وكل يوم يحمل معه صعوبات جديدة وشهداء جددا وكان من أصعب المواقف كثرة عدد الشهداء حيث كان يفقد في كل يوم العشرات بحيث اذا حصل علي إجازة يومين ويعود يجد بعض زملائه قد استشهدوا، ومن ضمن المواقف الصعبة التي لا ينساها عبدالفتاح خلال فترة تجنيده بالقوات المسلحة ضرب مدفع كامل أمام عينيه وعلي بعد 40 مترا منه بالطائرات الاسرائيلية، ثم اصابته في 11 أكتوبر بشظية في رأسه ويده والتي كانت تستلزم العلاج في مستشفي الجلاء بالاسماعيلية وترك مكان المعركة إلا أن زملاءه طلبوا منه البقاء معهم في السرية فاستجاب لهم ورفض الاخلاء للخلف وعاود ثانية لمكان المعركة علي ان يتم علاجه بحقن البنسلين وعاد ومعه 6 حقن بنسلين وكان أحد الجنود يساعده في غلي الحقنة المعدنية ليعطي له ابرة البنسلين إلي أن جاء يوم تم فيه ضرب الموقع فحدثت لهذا العسكري إصابة أدت لقطع قدمه وعند محاولة اسعافه ونقله للمستشفي كان يبكي بكاء شديدا وعندما قمت بطمأنته بأنه في حالة جيدة وسيشفي قال إنه يبكي لانه لا يوجد شخص آخر يعطي لي حقنة البنسلين قائلا: "مين هيديك الحقنة" فهذه من المواقف التي لا يمكن نسيانها. ويؤكد عبدالفتاح أن حرب أكتوبر علمته دروسا كثيرة اهمها القوة والصلابة والقدرة علي مواجهة أية مشكلة وان لسان حاله يقول دائما إن من نجاني في حرب أكتوبر قادر علي أن ينجيني من أية مشكلة. ويستطرد عبدالفتاح انه عاد لعمله في البنك الأهلي بعد انتهاء الحرب عام 74 ليبدأ عمله في بداية الطريق في الوقت الذي وصل فيه زملاؤه إلي منصب رئيس القسم وفوجئ ايضا بعدم موافقة كلية التجارة علي استكمال تمهيدي الماجستير الذي بدأه قبل الحرب واشتراط سنة تفرغ للبدء في الحصول عليه من جديد، وهنا كان علي أن أجري وأثابر لتعويض ما فاتني من الوقت وكان علي أن أدرس حتي أستعيد ما أنسته الحرب ليمن معلومات عن العمل فحصلت علي دبلومة محاسبة ومراجعة من جامعة القاهرة عام 76 ثم دبلومة دراسات مصرفية من جامعة عين شمس. وكان علي مواصلة دراستي حتي وصلت إلي منصب مدير عام وعضو لجنة السياسات وكنت أول من أسس قطاع الخزانة بالبنك الأهلي عام 98. وأشار عبدالفتاح إلي أنه عند رئاسته لفرع السلام والعاصمة حصل علي لقب الفرع الأول في المنطقة وحصل علي منصب مدير عام المنطقة وكان هذا كله بفضل المثابرة والإصرار علي المواصلة والذي استفاده من مشاركته في حرب أكتوبر المجيدة.