يظل عبدالقادر شهيب واحدا من انبل من عرفت بين اهل اليسار المصري.. رأيته في تلك الاعوام التي كانت مصر تتنفس غضبها من اجل الا يضيع علي المصريين حقهم في مجتمعهم دون ان تتسلل اليه جرثومة سوء الاستنزاف وهو ما عبر عنه المصريون بغضبهم ايام يناير من عام 1977. بأبنه ولم اكن اعلم انه قد ارتبط بسيدة هي ابنة واحدة من نبلاء التاريخ ارتبط عاطفيا وزوجيا بانبة المصري المشبع بعشق الوطن يوسف صديق، عضو مجلس قيادة الثورة الذي قاد الجنود مبكرا عن ميعاد انطلاق الثورة في مساء 22 يوليو من عام 1952 ولولا هذا التحرك لما كان في التاريخ المصري شئ اسمه ثورة يوليو، ومن بعد ذلك تواري الرجل بعيدا بحكم قدرة الثورات علي التهام ابنائها تباعا. وعلي الرغم من اني لا اتلاقي مع عبدالقادر شهيب منذ ان ترك العمل معنا في زوزاليوسف ليلتحق بدار الهلال، الا انه لم يكتب حرفا لم اقرأه، امتلأت بالفرح حين تخفف من عبئ رئاسة تحرير المصور وعاد كاتبا في العالم اليوم، لاني اري في كتاباته تطبيقا لقول استاذنا العظيم احمد بهاء الدين "قلبه في المكان الصحيح" وهو واحد بين قلة من اهل اليسار المصري الذين لم يتقوقعوا في النصوص، ولكنه واحد ممن اتقنوا قراءة الواقع ويسهم بقلمه في ترشيد اي اعوجاج، وما اكثر الاعوجاجات في ايامنا تلك. واشهد انه خلال قيادته لدار الهلال من بعد الجليل مكرم محمد احمد، حاول ان يعطي من الفرص ما ابرز لنا كتابا عظاما، موهوبون حتي النخاع وعشاق لهذا الوطن بلا نهاية واهمهم في رأيي الكاتب الموهوب حمدي رزق الذي يرأس تحرير المصور حاليا ولانفتقد في دار الهلال حاليا تلك النار الهادئة التي وضعها احمد بهاء الدين لتخرج الدار من تراب المتاحف لتصير مواكبة لما نحياه من احلام وآمال ولعل ذلك ما اتضح عبر صيانة كتابة الهلال وروايات الهلال ومجلة الهلال فهذا الثلاثي الخلاب اخذ واعطي عبر قيادات نادرة مثل د. حسين مؤنس والمبدع كامل زهيري والجوهرة الصافية النقاء رجاء النقاش ثم الجيب القريب من القلب والوجدان مصطفي نبيل. وحين افتقد عبدالقادر زوجته احسست انا بهول للمأساة التي يعيشها هذا الشاب الذي تعدي الستين، ليرعي نفسه بعد ان اتمت الزوجة النبيلة مهمتها في رعاية الابناء. وفوجئت بانه اطلق اسم "شهدي" علي واحد من ابنائه تيمنا باسم المناضل المصري شهدي عطية استاذ اللغة الانجليزية الذي اعطي مصر خلاصة روحه وعلمه وكان حادث قتله هو من اكبر جرائم العار التي لحقت بالفترة الناصرية، وهي الفترة التي انتمي وجدانيا اليها، واغوص كثيرا في عتابها، لانها لم تلتفت الي قيمة ما كانت تملكه مصر من كنوز بشرية. وحين هممت بالذهاب لعزاء عبدالقادر شهيب وفي وفاة رفيقة العمر، داهمتني نوبة الكلي الصاخبة الالم. وها انا ذا اقدم للزميل العزيز والحبيب كل العزاء. واهمس في اذن الموت: تتواصل الحياة رغم انفك ايها الموت، فتريث قليلا في ضرباتك، لاننا موجوعون بما فيه الكافية.