ترجع الأهمية الاقتصادية للبحيرات المصرية إلي كونها مصدرا أساسيا للثروة السمكية والملح ومنذ ما يقرب من 40 عاما بدأت التعديات علي هذه البحيرات حيث انتشرت مافيا الأراضي والذين وضعوا أيديهم بالقوة علي مساحات كبيرة بالبحيرات وعمل التحاويط والحوش حولها والقيام علنا بسرقة الزريعة ومنع أي صياد من الاقتراب من تلك المساحات إلي جانب استقطاع مساحات كبيرة من البحيرات واستغلالها في الزراعة أو بناء المنازل الأمر الذي أدي إلي تناقص مساحة البحيرات من مليون فدان إلي 230 ألف فدان فقط الآن بنسبة فاقد 77%.. ومؤخرا بدأت تظهر علي السطح مشكلة أخري متعلقة بتلوث البحيرات بمياه الصرف الصحي غير المعالجة حيث يعتبر مصرف بحر البقر أخطر هذه المصادر ويبلغ طوله 190 كيلو مترا ويمتد من جنوبالقاهرة مارا بمحافظات القليوبية والشرقية والإسماعيلية والدقهلية ويصب في بحيرة المنزلة وتقدر كميات مياه الصرف الصحي غير المعالج التي يلقيها المصرف حوالي 5.1 مليون متر مكعب يوميا منها حوالي 1.25 مليون متر مكعب من القاهرة الكبري وحدها وتتعدد مياه الصرف فمنها الصرف الصحي الناجم عن مخلفات مساكن المجمعات السكانية التي تلقيها شبكات الصرف الصحي مباشرة من المدن والقري المطلة علي البحيرات كما يوجد الصرف الصناعي غير المعالج وتكمن خطورته فيما تحمله هذه المياه من معادن ثقيلة أهمها الحديد والرصاص والزنك والكادميوم وتتركز هذه المعادن في أنسجة الأسماك التي تعيش داخل البحيرة مسببة في المستقبل البعيد مخاطر كبيرة علي صحة الإنسان كما يوجد التلوث الناجم عن الصرف الزراعي المحمل بالمبيدات. ومؤخرا أعلن أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي أن الحكومة قررت تشكيل لجنة لإنقاذ البحيرات الشمالية (المنزلة والبرلس ومريوط وادكو) من التعديات التي وصلت إلي مرحلة أصبحت تهدد سلامة البيئة المصرية، اللجنة ستضم رئيس هيئة تنمية الثروة السمكية بالإضافة إلي المحافظين وممثلي جميع الجهات المعنية الأخري لتلافي التضارب في القرارات التي يستغلها البعض في التعدي علي أملاك الدولة حيث سيتم إنشاء صندوق لإدارة كل بحيرة يرأسه محافظ الإقليم، مؤكدا أن التعديات علي البحيرات تؤدي إلي تعرض الدولة إلي خسائر كبيرة تصل إلي المليارات بسبب تكاليف الإزالة وارتفاع أسعار معداتها التي تصل تكلفة أحد حفارات تطهير البحيرات إلي 96 مليون جنيه. الخبراء من جانبهم رحبوا بالخطوة مؤكدين أن زيادة نسب التلوث في البحيرات سوف يؤثر سلبيا علي الثروة السمكية والقضية تحتاج إلي تدخل فوري وسريع من جانب المسئولين للحفاظ علي هذه الثروة القومية التي يمكن من خلالها تحقيق حلم الأمن الغذائي من الأسماك والذي رغم كونه أحد مصادر البروتين الحيواني إلا أنه أصبح المصدر الأول حاليا نظرا لما يتميز به من ثبات أسعار علي مر السنوات الماضية إلي جانب كونه وجبة آمنة في ظل المشكلات التي تعاني منها مصادر البروتين الأخري اللحوم والدواجن بعد تفشي أمراض انفلونزا الطيور والخنازير. بداية يوضح المهندس كارم أبو هاشم رئيس الإدارة المركزية للإنتاج والتشغيل بهيئة تنمية الثروة السمكية أن السبب وراء الضجة المثارة بشأن الأسماك التي يتم تربيتها في مياه الصرف الصحي يعود إلي وجود ما يطلق عليه برك الأكسدة في مدينة العاشر حيث تقوم المصانع بالصرف في منطقة تقع ما بين العاشر والإسماعيلية وهي في الأساس منطقة صرف حيث تم استغلالها من جانب بعض الأفراد من خلال جلب الزريعة وتربيتها في هذه المياه وقد تم تدارك الأمر من جانب المسئولين ويتم القبض علي جميع المخالفين. يضيف أبو هاشم أن معظم البحيرات كالبرلس وادكو بكفر الشيخ ومريوط بالإسكندرية يتم تغذيتها بمياه الصرف الزراعي والتي تمثل عاملا أساسيا لبقاء هذه البحيرات فمن دون هذه المصارف قد تتعرض هذه البحيرات للجفاف كما انها غير مضرة، مشيرا إلي وجود بعض القري التي تقوم بضخ صرف صحي في البحيرات ولكن نسبة هذا الصرف بالنسبة لحجم البحيرات لا يمثل شيئا. أضاف أن المشكلة الحقيقية تكمن في الصرف الصناعي فالمياه بها مواد صلبة ثقيلة وكيماويات قد تؤدي إلي قتل السمك في الحال. تنسيق ومراقبة ويشير أبو هاشم إلي وجود تنسيق حاليا ما بين هيئة تنمية الثروة السمكية ووزارة البيئة وشرطة المسطحات المائية حيث يتم حاليا عمل دوريات منتظمة لمراقبة المخالفات ومصادرة السمك في حالة تربيته في مياه الصرف الصحي أو الصناعي وإعدامه والقبض علي الشخص المخالف إلي جانب قيام وزارة البيئة بمتابعة المصانع التي تقوم بضخ الصرف في البحيرات هذا بالإضافة إلي الاتفاق مع هيئة الصرف الصحي لعمل محطات معالجة للمياه قبل رميها في البحيرات.