تسريح العمالة في البنوك بات ظاهرة تحت ذريعة الأزمة المالية العالمية وما يتطلبه الأمر من تقليص للنفقات وضرورة أن يتم الاستغناء عن العمالة الهامشية غير الضرورية من وجهة نظر البنوك حيث بدأت بنوك مصرية تسريح أعداد من العمالة، خصوصا في أقسام التسويق والمبيعات، وهي عمالة لا تندرج ضمن الكادر الوظيفي المعين في البنوك، بل توفرها شركة خدمات خارجية لتقوم بمهمة الترويج لمنتجات البنك واستقطاب زبائن جدد. وذلك علي الرغم من أن رؤساء ومسئولي بنوك عاملة في مصر نفوا تسريح عمالة، مؤكدين أن الذين يتم تسريحهم هم من الذين لم يحققوا إنتاجية للبنك، مشيرين إلي أن البنوك تتوسع حاليا في فتح فروع جديدة مما يتطلب بدوره عمالة جديدة. فلم تكن واقعة بنك بيريوس هي الوحيدة في القطاع المصرفي بل سبقها تسريح للعمالة من بنوك أخري بسبب الأزمة المالية العالمية وبدعوي عدم تحقيق الموظفين للإنتاجية المطلوبة منهم علي حد وصف مسئولي هذه البنوك. أكد خبراء مصرفيون مستقلون أن إقبال البنوك العالمية الكبري علي تصفية أعداد كبيرة تقدر بالآلاف من الموظفين لديها سيتطلب من فروعها في مصر مجاراة هذه السياسة، وخفض بعض الأعداد من موظفيها، وتوقعوا أيضا أن تلجأ بنوك القطاع العام إلي فتح باب المعاش المبكر حتي تتخلص من جزء من العمالة لديها، متوقعين أن تقوم البنوك بتسريح حوالي 20% من عمالتها. وقال الرئيس السابق للبنك الوطني المصري أحمد قورة: إن البنوك الأجنبية العاملة في السوق المصري ستسعي خلال الفترة الحالية إلي تسريح جزء كبير من العمالة لديها بغرض ترشيد نفقاتها. بداية الأزمة أحمد سلامة "وهو واحد من الذين تم تسريحهم من أحد البنوك الأجنبية الكبري" أوضح ل "الأسبوعي" أن الأزمة بدأت بممارسة ضغوط عليه من قبل المديرين ومطالبته بتحقيق "التارجت" المطلوب منه مصحوبا بتشدد في السياسات الائتمانية للبنك وهو الأمر الذي أدي إلي زيادة الأمور تعقيدا ثم انتهت التهديدات بمنحه مهلة يتم خلالها تحقيق التارجت المزعوم وانتهت بفصله من البنك دون أي أسباب هو ومجموعة من زملائه. محمد فؤاد الأنصاري "أحد العمالة التي تم الاستغناء عنها من أحد البنوك الأجنبية الكبري أيضا" ولكن هذه المرة فوجئ محمد فؤاد بقرار بفصله تعسفيا دون أي أسباب هو وثلاثين آخرين من زملائه بدعوي الأزمة المالية العالمية وما يتطلبه الأمر من خفض النفقات حتي بات قطاع المبيعات والتسويق خاويا علي عروشه ولم ينته الأمر عند ذلك حيث تقدم عدد من زملائه بشكوي إلي مكتب العمل إلا أن البنك وإدارته لم يستجبا للشكوي ولم يلتفت إليها وظلت ماضية قدما في تسريح العمالة حتي وصل الأمر إلي ما هو عليه الآن. أحمد جابر نموذج ثالث لتسريح العمالة من أحد البنوك الخاصة الكبري حيث فوجئ بقرار فصله هو وعشرة آخرين من زملائه بدعوي أن عقودهم مؤقتة وانهم لم يحققوا الإنتاجية المطلوبة منهم الأمر الذي أدي إلي اتخاذ قرار عاجل بتصفيتهم من البنك ولم تستجب إدارة البنك ولا البنك المركزي للشكاوي التي تقدموا بها. محمد شاهر "أحد الموظفين الذين تم تقليص أجورهم وتسريح أعداد من زملائه في إطار سياسات تقليص النفقات" حيث لجأ أحد البنوك الكبري خلال الأسبوع الماضي إلي الاستغناء عن عدد كبير من مندوبي المبيعات في المركز الرئيسي للبنك علي الرغم من قلة أعداد العاملين في هذه الإدارة حيث يبلغ عددهم في المركز الرئيسي قرابة الستة موظفين أما علي مستوي الفروع فقد اتخذ البنك إجراءات أخري مثل الإعلان عن عدم صرف البدل المصرفي لمندوبي المبيعات في الفروع الذي يبلغ ستمائة جنيه ليتقلص الراتب لكل موظف من ألف وثمانمائة جنيه إلي أف ومائتي جنيه ويذكر أن مندوبي المبيعات في هذا البنك تندرج تحت بند العمالة المؤقتة وهي غير معينة بل يتم تعيينها من خلال شركة تابعة للبنك. ابتزاز الدولة من جانبه يري ماجد الصفتي خبير الموارد البشرية أن جزءا كبيرا من القطاع الخاص يحاول أن "يبتز" الدولة تحت اسم الأزمة المالية، مشيرة إلي أن القطاع الخاص كانت له الأولوية في الانفاق الإضافي في الموازنة من خلال تخصيص دعم الصادرات في الوقت الذي لا يلتزم فيه بدفع نسبة ال 1%، وهي النسبة القانونية من صافي الربح للتدريب بحجة أنه ليس في حاجة إلي التدريب، وكذلك يقوم بإجبار العمالة علي توقيع استقالات غير مؤرخة والتوقيع علي إيصالات أمانة، معتبرا أن شريحة من القطاع الخاص تسعي إلي التحجج بالأزمة للخروج بأقل الخسائر أو تحقيق الأرباح بسبب احتكارات في سلاسل التوزيع والتسويق، منبها إلي أن الاستغناء عن العمالة يسهم في زيادة الركود، حيث إنه يؤثر سلبا علي القوة الشرائية.