كنا نتحدث عن الخسارة التي لحقت بالصناعة المصرية الغذائية نتيجة قرار بعض الدول العربية وقف استيراد مصنعات اللحوم المصرية خشية أن تكون مخلوطة بلحوم الخنازير. هذه الخسارة تأتي نتيجة "الشوشرة" علي المنتج المصري في سياق حملة تبادل الاتهامات علي صفحات الصحف ومحطات التليفزيون التي لا تكف في برامجها وموضوعاتها عن بث "طاقة سلبية" عميقة الأثر في المجتمع المصري. اللحوم مغشوشة بالخنزير وهو لحم محرم علي الأغلبية المسلمة فضلا عن خداع المستهلك، والقمح المستورد من روسيا به بذور سامة وحشرات حية ونافقة، واللبن مغشوش بالفورمالين وبودرة السيراميك والمياه ملوثة نتيجة خلط بين مياه الشرب ومياه الصرف الصحي.. و.. و.. مئات القضايا الوهمية في حجمها التي تعرضها تلك الوسائل الإعلامية التي أصبحت شوكة في جانب المواطن المصري. ما عليك إلا أن تقرأ بعض سطور في صحف معينة أو تستمع إلي بعض المتحدثين في برامج تليفزيونية معينة حتي يتم شحنك بطاقة سلبية غير محدودة لتتحول إلي إنسان عصبي سيء المزاج ناقم علي المجتمع والجيران والأهل والأصدقاء. الطاقة السلبية التي تصيب الإنسان بالانهيار والاكتئاب إذا لم يكن لديه طاقة ايجابية توازنها أو تقاومها يصبح إنساناً ليس لديه جهاز مناعة، يصبح جسمه ميدانا مفتوحا لغزو مختلف أنواع الفيروسات والميكروبات فيمرض ويضمحل أو يرتكب جرائم فظيعة بسهولة دون أن يدري لذلك سببا. إن شحن المجتمع كله بالطاقة السلبية يؤدي إلي كثرة الاضطرابات والمشاحنات وتقليل رؤية الناس للأمل في المستقبل وبالتالي يفقدون القدرة علي اتخاذ القرارات المهمة في حياتهم. يتحول المجتمع ككل إلي مريض نفسي كبير يحتاج إلي علاج بالأدوية والشحن بطاقة ايجابية.. والسؤال من أين تأتي الطاقة الايجابية إذا كان المجتمع رغم أنه يعيش وتسير أموره بطريقة ما غارقا في محيط من الأزمات والمبالغة في دفعه إلي قلب تلك الأزمات. من أين تأتي طاقة ايجابية خلاقة تعيد التوازن النفسي إلي المجتمع وأبواق عالية من الدعاية السلبية تحيط به في كل مكان، إلي أين يهرب إذا أراد؟