كشف التقريرالذي استعراضه وزير التنمية الاقتصادية الدكتور عثمان محمد عثمان مؤخرا أمام اجتماع مجلس الوزراء ان الطلب الاستهلاكي في مصر شهد زيادة بنسبة وصلت ل 3،5% رغم الأزمة المالية العالمية. كما أكد البعض ان هذه الزيادة منطقية وترجع إلي العديد من الاسباب مقدمتها التدخل الحكومي المباشر لتنشيط الأسواق وخفض معدلات التضخم، علاوة علي وجود سيولة داخل المجتمع المصري بالفعل، بينما رأي آخرون ان الطلب الاستهلاكي لا يمكن ان يشهد زيادة في الفترة الحالية خاصة ان هناك تخوفات كثيرة تسيطر علي الجميع وتجعلهم يتوقفون عن الاستهلاك. وحول هذا الرأي وذلك يدور التحقيق التالي بداية يوضح د.أشرف العربي مستشار وزير التنمية الاقتصادية ان الطلب الاستهلاكي شهد بالفعل زيادة مؤخرا بنسبة وصلت ل 3،5% وهي الزيادة التي تم اثباتها عبر بعض الحسابات التي قامت بها الوزارة معتمدة في ذلك علي قياس بعض المؤشرات المهمة مثل الناتج القومي والادخار والاستثمار وغيرها من البيانات الرسمية الأخري الصادرة عن الحكومة، مشيرا إلي أنهم لم يعتمدوا في قياس تلك الزيادة في معدلات الاستهلاك علي استطلاعات للرأي وانما بناء علي حسابات قومية أظهرت حدوث زيادة خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، كما انه لم يتم رصد مدي توجه تلك الزيادة لسلع بعينها وتم حسابها فقط علي المستوي القومي. وأضاف ان الاسباب الحقيقية لحدوث هذا النمو في الطلب الاستهلاكي رغم الأزمة المالية العالمية إنما يعود لانخفاض معدلات التضخم التي هبطت بنسبة وصلت ل50% بسبب توقف الزيادة التي كانت تحدث في الأسعار، مشيرا إلي ان توقف هذه الزيادة كان أحد الأسباب الرئيسية في زيادة الطلب الاستهلاكي، علاوة علي زيادة دخل الفرد بنسب تتراوح ما بين 3 و 4%، بالتالي توجيه جزء من تلك الزيادة للانفاق والاستهلاك، كذلك خفض معدلات الفائدة بالبنوك كان أحد الأسباب التي أدت إلي تنشيط الطلب الاستهلاكي. سيولة د.سمير رضوان المدير التنفيذي الأسبق لمنتدي البحوث الاقتصادية وعضو مجلس إدارة هيئة الاستثمار يؤكد ان الاقتصاد المصري به قدر كبير من السيولة تحدي المبادئ الاقتصادية المتعارف عليها. ويشير في ذلك إلي ما حدث عندما تم طرح أسهم الشركة المصرية للاتصالات بالبورصة، وكذلك عندما قامت مجموعة طلعت مصطفي بطرح أسهم شركة مدينتي وما عقب ذلك من تسابق علي الشراء في حركة أظهرت مدي توافر السيولة بداخل المجتمع المصري. ويضيف رضوان أنه من الأسباب التي أدت إلي زيادة نمو الطلب الاستهلاكي ان أوقات الأزمات دائما تشهد توجه الأفراد للانفاق الاستهلاكي، كعملية نفسية لها تأثير اقتصادي.. علاوة علي الخطوة التي قامت الحكومة فيها بضخ 15 مليار جنيه للأسواق لتنشيطها والتي ذهب جزء منها للاستثمار والقطاع الخاص، وجزء للأجور مما أسهم في التخفيف من حدة الأزمة العالمية الحالية علي العمالة وساعد في الحفاظ علي معدلات دخولها ومن ثم انعكس ذلك علي الحركة الاستهلاكية. يضاف إلي ما سبق العمالة المصرية التي عادت من الخارج وانعكاس ذلك علي الاستهلاك، ومن ثم فإن كل هذه العوامل تؤكد ان زيادة الطلب الاستهلاكي يعد في المرحلة الحالية ظاهرة منطقية لا تدعو للدهشة مطلقا. ثقافة وتشير د.يمن الحماقي عضو مجلس الشوري ورئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس إلي ثقافة الاستهلاك المصرية التي لا تعرف معني الادخار وتؤكد ان هذا الأمر يجعل تزايد معدلات النمو الاستهلاكي الحالية رغم الأزمة العالمية خطوة متوقعة ولا تدعو للتعجب. وتنوه في ذلك إلي أننا كشعب نقوم بالاستهلاك بدون مصادر دخل ولهذا فإن نسب الاستهلاك لدينا دائما ما تكون مرتفعة، بعيدا عن أي أزمات قد تتكون. كما ان الشعب المصري بطبيعته يميل إلي التظاهر والمحاكاة وهي الأمور التي تلعب دورا مؤثرا في الاستهلاك حتي اننا قد شهدنا مؤخرا مع دخول الذهب "الصيني" للأسواق تزايد معدلات الطلب عليه وهو ما يأتي بهدف رغبة البعض في التظاهر أمام الآخرين، وتضيف الحماقي ان من الأمور التي لعبت دورا مؤثرا في تزايد معدلات الاستهلاك عدم تأثر بعض الأنشطة والصناعات بالأزمة الحالية وبقاء العمالة لديها بأجورها ومن ثم انعكاس ذلك علي الحركة الاستهلاكية وكذلك زيادة المعدلات السكانية بالقطع كان لها دور في زيادة الاستهلاك.