تعتبر كلمة (التارجت) من أثقل الكلمات علي مسامع موظفي البنوك خصوصا بعد تحول البنوك إلي منافذ بيعية لعدد من المنتجات المصرفية فيخطيء من يظن أن "التارجت" هو كلمة مرتبطة بموظف مندوب المبيعات فقط بل هو كلمة مطاطة تلتصق بكل درجات الهيكل الوظيفي داخل الفرع الواحد وإن كانت طبقة مندوبي المبيعات هي الأكثر تضررا بسبب الضغوط النفسية التي يتعرضون لها حتي يستطيعو تحقيق "التارجت" المخصص لهم وتتمثل الضغوط التي تمارسها البنوك ولاسيما الأجنبية في التلويح بالفصل إذا لم يتم تحقيق التارجت، وعادة ما تعمد البنوك إلي تعيينهم خارج منظومة "اصطف" الموظفين تقليصا للتكاليف من جهة ومن جهة أخري لسهولة التخلص من الموظف في حال فشله في بيع أكثر المنتجات رواجا وهي بطاقات الائتمان. واستطاعت بعض البنوك الأجنبية خلال فترة الأزمة المالية العالمية ومن خلال سياساتها المتشددة التي وضعتها علي التجزئة المصرفية من التذرع بعدم تحقيق "التارجت" لتسريح أكبر قدر من العمالة التي حملت جزءا كبيرا من أرباح البنك المتحققة في نهاية كل ربع سنة خصوصا تلك البنوك التي تعتمد فروعها يوميا علي تحصيل أقساط القروض وبطاقات الائتمان بالفوآئد المركبة ولا تعرف أي منتج مصرفي سوي ذلك وهذا يتضح من خلال ساحات فروعها المكتظة بالعملاء في نهاية كل شهر لسداد هذه المستحقات أما بقية الهيكل الوظيفي داخل الفرع فإنها محملة بتارجت فتح حسابات وتحويل رواتب ومنح قروض من خلال موظفي خدمة العملاء وغيرهم حيث ينقسم العمل في البنوك حاليا إلي شقين شق يسمي الباك أوفس وهي فئة من الموظفين لا تتعامل مع الجمهور من خلال بعض الأدوات الخلفية وهي مهددة بالانقراض في حال حدوث تقدم تكنولوجي واستخدام برامج شديدة الذكاء قد تؤدي إلي الاستغناء عن هذه الفئة ليبقي الشق الثاني وهم المحملون بهموم التارجت والتي تقيم بمقدار أدائها البيعي. أرقام فلكية وتتباري البنوك في وضع حجم التارجت بصورة قد تصل إلي أرقام خيالية فبعض البنوك تضع علي سبيل المثال 4 ملايين جنيه في الشهر علي موظف خدمة العملاء وهي أرقام فلكية قد لا تتحقق في كثير من الأحيان في ظل حداثة بعض البنوك المنافسة في السوق فضلا عن وجود بعض الإجراءات التشددية التي لا تتسق مع ظرف العملاء الأمر الذي يجعل الموظف في مهب الريح ويجعل من التحايل سمة رئيسية علي عقود العاملين لدي لجوئه إلي مكتب العمل. ففي كثير من الأحيان يصبح هم تحقيق التارجت واجتيازه مقدما علي أي شيء داخل الهيكل الوظيفي للفرع حتي لو وصل الأمر إلي اسوأ أشكال استغلال الموظفين وتحميلهم فوق طاقاتهم لتنهمر عبارات الشكر في نهاية كل ربع علي كل فرع ساهم في تحقيق أرباح للبنك من خلال بيعه للمنتجات بصورة جعلت البنوك تتحول في بعض الأحيان إلي "بقالات" تعتمد علي مدي قدرة الموظف علي الضحك في وجه العميل ومحاصرته بين سندان، ومطرقة الفائدة الباهظة وبيع المنتجات ولا ضير إن كان هناك ذم في بنوك أخري، ليس ذلك فقط، بل امتلأت صفحات الإنترنت بإعلانات جديدة من قبل معارض سيارات وسلع معمرة لمندوبي المبيعات بالبنوك من خلال عبارات تكتب أعلي الإعلان (عاوز تحقق تارجتك تعاقد معانا فورا!!) فقبل السياسات التشددية التي وضعتها البنوك قبل الأزمة ونتيجة لضغوط لتارجت لجأ بعض مندوبي المبيعات إلي تزوير خطابات مفردات المرتب بالاتفاق مع موظف الشركة الذين يرغبون في الحصول علي بطاقات الائتمان بصورة قد لا تتفق مع استيفائهم لمعايير الجدارة الائتمانية قبل منح البطاقات أو القروض وذلك فقط من أجل الإيفاء بموجات التوبيخ التي كانت تلقي علي مسامعهم في نهاية كل يوم لعدم تحقيق "التارجت" اليومي. صراعات كبيرة ويقول بعض موظفي خدمة العملاء في عدد من البنوك الأجنبية والخاصة ل "الأسبوعي" "فضلوا عدم ذكر أسمائهم" لم نعد نشعر أننا نستحق لقب محاسب في بنك بل الأحري أن يطلق علينا جميعا لقب مندوبي مبيعات "فالتارجت" أصبح السمة الرئيسية لموظف البنك أيا كان منصبه مرتفعا جدا، وقد يكون سببا رئيسيا الآن في البحث والانتقال إلي بنوك أخري لديها تارجت أقل فهو معيار الانتقال من بنك إلي آخر. وأضاف هؤلاء أن سياسة التارجت باتت صراعات كبيرة داخل كل فرع وسببا رئيسيا في صعود موظفين علي أكتاف آخرين دون الارتكاز علي معايير الكفاءة الفنية فعلي سبيل المثال يطمح مدير أي فرع في الترقي إلي وظيفة مدير منطقة وهذا لن يتحقق إلا من خلال تسخير موظفي الفرع لتحقيق التارجت ومن ثم يصبح مديرا لمنطقة بصورة قد تجحف حقوق آخرين. أما الواسطة فما زالت الباب الخلفي للترقيات خاصة في البنوك الكبري ذات الباع الطويل في السوق المصري والتي تجعل داخل البنك تكتلات وأحزابا تتولي زمام الأمور وإن بعض القيادات موجودة بصورة صورية. من جانبه أوضح فتحي ياسين الخبير المصرفي أن المهارات المتمثلة في اللغة والقدرة علي جذب العميل لم تعد هي المقياس لاختيار الموظفين في البنوك الكبري المعتمدة علي تاريخها وسمعتها في السوق، فقد أصيبت معظم البنوك بسعار تحقيق الربح وأصبحت تفتح الباب علي مصراعيه لموظفين غير مؤهلين ولكنهم استطاعوا تحقيق التارجت في بنك آخر قبل انضمامهم للبنك الجديد وهذا يجعلهم في طليعة الموظفين الأكفاء المرشحين لتقلد مناصب داخل بنوك ظلت قبلة وحصنا منيعا أمام أي موظف يفتقد المهارات الفنية والتقنية وبالتالي غاب مفهوم المدارس المصرفية التي كانت سائدة في السوق وهو أمر ينذر بالخطر. المعيار الأوحد ويعلق ماجد الصفتي خبير الموارد البشرية في البنوك علي ذلك قائلا إن التارجت بات سمة رئيسية لاختيار موظفي البنوك وإن كان ارتفاع حجم التارجت مؤشراا رئيسيي لنجاح الموظف في اختراق العميل واقناعه بمنتجات البنك إلا أنه لا ينبغي أن يكون هو المعيار الأوحد في انتقاء الموظف حيث يجب أن تكون المعايير المهنية لها دورها معتبرا أن سيادة فكرة التارجت في أروقة البنوك قد يجعل الكثيرين يفكرون في الانسحاب من مجال العمل المصرفي. وتابع قائلا إن اختيار الموظفين الجدد ينبغي أن يكون علي أساس مؤهلاتهم وجدارتهم الشخصية فبعد أن يتسلم البنك الطلب يقوم عضو من فريق التوظيف بالبنك بتقييمه لمعرفة مدي استيفائه للمعايير الخاصة بالوظائف الخالية في البنك وقتها، وإذا انطبقت عليه هذه المعايير يقوم البنك بدعوة المتقدم لإجراء مقابلة أولي وعند اجتيازه المقابلة يتم إدراجه بقائمة أفضل المرشحين لإجراء مقابلات أخري وحسب الوظيفة التي يتم التقدم لها، ربما يطلب من الشخص تقديم سلسلة اختبارات خصصت لتقييم مدي استعداد وملاءمة المتقدم للوظيفة وعند اتمام جميع المراحل بنجاح يقدم البنك عرض توظيف للمتقدم للعمل لديه.