مجتمع رجال الأعمال مثار كثير من الجدل بعد أن أصبح يمثل 70% من التنمية ونجاح عدد منهم في الحياة السياسية سواء من خلال البرلمان أو الحكومة وأيضا السلوكيات الاجتماعية المثيرة للجدل من قبل عدد منهم سواء في الأفراح أو الجرائم التي أيضا أصبحوا نجوما في أدائها.. كل ذلك يجعلنا نطرح العديد من الأسئلة حول هذه الطبقة ودورها الحقيقي في المجتمعات ونسعي لتقييم ما حققوه خلال الفترة الماضية لوضع تصور لها في المستقبل يجعلها أكثر فاعلية وتأثيرا في الحياة الاقتصادية. وخلال الحوار التالي دارت أسئلتنا مع أستاذ علم الاجتماع وعميد كلية الآداب جامعة القاهرة الدكتور أحمد زايد الذي وضع بحكمة علماء الاجتماع "المشرط" علي جروح تلك الطبقة وحاول أن يضع لها تصورا إيجابيا يجعلها تقود المجتمع مع الفئات الأخري نحو النمو الحقيقي. * ما تقييمك لتطور موقع وشخصية رجل الأعمال من مرحلة الاقتصاد الموجه إلي مرحلة الاقتصاد الحر؟! ** لا نستطيع الحديث عن رجال الأعمال خلال فترة عبد الناصر لأن عددهم كان قليلا ودورهم لم يكن ملموسا لأن الدولة كانت هي التي تقود الاقتصاد رغم وجود القطاع الخاص إلا أن الثورة قامت بتقليصه من خلال التأميم ولذلك لم يلعب رجال الأعمال دورا ملموسا في حياة المجتمع المصري خاصة خلال فترة الستينيات حتي منتصف السبعينيات حيث تبني الرئيس السادات سياسات الانفتاح وبدأ ظهور طبقة رجال الأعمال بقوة ولعبوا دورا أساسيا ليس في الاقتصاد فقط ولكن في المجتمع المصري ككل وأصبحوا الشركاء الأساسيين في عملية التنمية ومع تعاظم ذلك الدور بدأ بعضهم يشاركون في الحياة السياسية علي مختلف ألوانها من خلال الأحزاب والبرلمان وأخيرا من خلال تقلد عدد منهم لمناصب الوزراء وهو تطور إيجابي لأن رجل الأعمال مواطن يستطيع لعب دور أكبر ولا يقتصر نشاطه علي الدور الاقتصادي. ولكن لا نستطيع أن نطلق اسم رجل الأعمال علي كل من يعمل في الاقتصاد أو البيزنس خاصة أن هناك فئة المغامرين الذين تسيطر علي سلوكهم الجوانب الانحرافية ويسعون لاغتصاب الأموال والسلطة وهؤلاء عددهم قليل.. أما رجل الأعمال فهو من يملك رأس المال ولديه قدرة تنظيمية لإدارة هذه الثروة ويسخرها لتحقيق هدفين رئيسيين: الأول هو تنمية رأس المال لمصلحته الشخصية وإلي جوار تلك المصلحة يخدم المصلحة الوطنية والمجتمع ككل من خلال تطوير المنظومة الاقتصادية وإيجاد فرص عمل بحيث يساعد المجتمع للدخول إلي آفاق أخري من التنمية وهذه هي الصورة المثالية لرجل الأعمال التي تحقق تنمية ثروته الشخصية وفي نفس الوقت تنمية ثروات المجتمع وهذا النموذج المثالي تجد في مجتمع رجال الأعمال من يقترب منه جدا ومن يبتعد عنه وبهذا المعني فإن تلك الفئة تلعب دورا كبيرا في قيادة المجتمع إلي النهضة إذا كان لديها هذا الفكر الذي لا يركز فقط علي المصلحة الشخصية وإنما يركز علي مصلحة المجتمع ككل. بين السياسة والبيزنس * ما تحليلك لنمو طبقة رجال الأعمال في مصر بهذا الشكل خلال السنوات القليلة الماضية بخلاف ما يحدث لتلك الطبقة في دول مجاورة لها نفس ظروفنا؟ ** أعتقد أن السبب الأساسي لتنامي دور هذه الطبقة هو الحراك السياسي المتوافر في مصر والتي تفتح الأبواب أمام فئات المجتمع للمشاركة في الحياة السياسية وأولي هذه الفئات هم رجال الأعمال خاصة أن لديهم القدرة المادية للدخول إلي الحياة السياسية بشكل أقوي من غيرهم من فئات المجتمع.. وأؤكد أن ظاهرة اشتغال رجال الأعمال بالسياسة هي ظاهرة في كل دول العالم وإنما وجهة نظري لا يجب أن تكون السياسة هي الشغل الشاغل لرجل الأعمال أو يتحول رجل الأعمال إلي مفهوم "الشراهة" السياسية لأن الشغل الأساسي لهذه الطبقة في عالم المال والاقتصاد فرجل الأعمال له اليد العليا في هذا المجال.. ويمكن للدولة أن تستعين بمن تري فيهم حساً وطنياً وسياسيا عاليا للعمل في السياسة والمشكلة في رأيي أن تتحول السياسة إلي هدف رئيسي أمام طبقة رجال الأعمال والبيزنس مجرد طريق لتحقيق حلمه السياسي سواء عضو مجلس شعب أو رئيس حزب أو غيره من المناصب السياسية وفي هذه الحالة اعتقد أن هؤلاء لا ينطبق عليهم النموذج المثالي لرجل الأعمال والذي هدفه الأساسي تطوير المنظومة الاقتصادية وثروة الأمة وطاقات العمل للمجتمع ولا يجب أن تكون السياسة هدفا في حد ذاته لهذه الطبقة ولذلك تجد أن رجال الأعمال الناجحين جدا يبتعدون عن السياسة والإعلام لأنهم يمتلكون هذه الرؤية عن هدف ودور هذه الطبقة.. وفي تصوري أن مجال رجال الأعمال هو الاقتصاد وأن يكون دخوله إلي السياسة محسوبا بدقة ولفترة محدودة.