يبدو أننا دخلنا موسم المزايدات الحزبية الرخيصة من أوسع أبوابها هذه الأيام ، هناك ترتيبات داخل الحزب الوطني لاختيار مرشحيه للانتخابات المقبلة سواء لمجلس الشورى أو الشعب المقبل ، هناك كلام كثير قاله أمين التنظيم في الحزب أحمد عز عن أنهم أخطأوا في الاختيار في الانتخابات السابقة مما أدى لظهور أعضاء بالبرلمان أصبحوا عبئا على الحزب وعارا عليه ، وأنهم سيحاولون هذه المرة أن يكونوا أكثر دقة في الاختيار ، وهو ما أثار القلق في أوساط برلمانيين حاليين وآخرين طامعين ، ولا يحتاج كلام عز لشرح واستدلالات ، لأن هذا البرلمان الجديد ، برلمان أحمد عز ، شهد أكبر عدد من الانحرافات السلوكية والإجرامية لأعضائه ، الذين اختارهم الحزب بعناية وعلى الفرازة ، فخرج منهم تجار المخدرات والمهربون ومحترفو القمار وفاسدو الذمم الذين باعوا الأكياس الملوثة التي لا يعلم إلا الله كم دمرت من أكباد المصريين وأجسامهم ومنهم القتلة الذين أعماهم الجشع فانتهى الأمر إلى إغراق ألف مواطن دفعة واحدة ثم الهرب خارج البلاد بالتواطؤ مع آخرين ، وهكذا ، وما حدث في البرلمان المصري أول أمس لا يخرج عن هذا الإطار ، إطار الانحرافات الإجرامية لبعض نواب الحزب الوطني التي تصب في النهاية في خانة العار الذي يلحق حزب الرئيس مبارك ، الكلمات التي أطلقت في البرلمان المصري أول أمس تعقيبا على سلوك الجهاز الأمني تجاه مظاهرات الشباب يوم 6 أبريل وجرأة بعض النواب على المطالبة بقتل الشباب المصري بالرصاص الحي دفاعا عن السلطة ، هو كلام ساقط وإجرامي من نفس نوعية الانحرافات التي جلبت العار للحزب الوطني الحاكم ، ولنا أن نتصور المجتمع الدولي عندما يسمع قيادات الحزب الحاكم في مصر تنادي بقتل المواطنين إذا تظاهروا للمطالبة بحقوق سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها ، لنا أن نتصور مستوى الفضيحة عندما نقول لهم أن نواب الشعب يطالبون بقتل الشعب ، إذا أغضب السلطة أو السلطان وتجرأ على النزول إلى الشارع للاحتجاج السلمي ، هذا ضرب من الجنون أو السفه أو الغباء السياسي ، وهو دليل جديد على أن "الفرازة" التي استخدمها أحمد عز ورجاله لاختيار مرشحيه للوطني كانت مقاييسها لا تتصل بالسياسة ولا تعنى حتى بأبسط معايير الخبرة السياسية ، مجموعة من الأميين سياسيا وثقافيا واجتماعيا ، ربما كان معيار الاختيار هو "الدفع" أو التوقيع المسبق على بياض لأي قرار يطرحه الحزب أو مشروع قانون أو غيره داخل البرلمان ، بكل تأكيد تأتي مثل هذه الكلمات الرخيصة والساقطة في سياق مزايدات ، ستكثر في الفترة المقبلة ، من كل المتطلعين والذين يريدون أن يقدموا شهادات حسن سير وسلوك حزبي والتزام تام بالأوامر ، ولكنهم مثل "الدبة" التي تقتل صاحبها ، في المثل البسيط الذي كانوا يحكونه لنا صغارا ، فها هم يقدمون الحزب الحاكم أمام الرأي العام المحلي والدولي كحزب دموي متطرف ، وأن قيادات الحزب أكثر دموية واشتهاء للقمع والترويع من الأجهزة الأمنية للدولة ذاتها ، وأنه حزب غير أمين على شعبه وأمنه وأمانه وحقوقه الأساسية ، حتى الحق في الحياة ، أصبحوا يصادرونه إذا نزل المواطن إلى الشارع وقال : لا ، في وجه السلطة ، سيكون مؤسفا ومخجلا أيضا أن نطرح مقارنة من نوع خاص ، وأن نقول أن "الصهاينة" في فلسطين لا يجرؤن على إعلان مثل هذا الكلام الإجرامي في مواجهاتهم مع الشعب الفلسطيني ، حتى وإن مارسوا عمليا جنس هذه الجرائم كقوة احتلال هناك ، ولكن "صهاينة الحزب الوطني" جرؤا على أن يطالبوا علانية بتصفية أبناء الشعب هنا وقتل شباب مصر إذا تظاهر طلبا للحرية أو الإصلاح أو التغيير . [email protected]