التعليم في مصر تحول إلي معضلة كبيرة فسوق العمل لم يعد يستوعب خريجي المدارس او الجامعات الحكومية لانخفاض مستواهم العلمي وعدم تأهيلهم لمتطلبات سوق العمل باستثناء خريجي بعض الكليات مثل الطلب والهندسة الذين يعانون ايضا من ازدحام المدرجات وتكدس الاعداد، بالاضافة إلي خريجين دبلومات فنية لا يتقنون أي حرفة، ومهن لا تجد من يشغلها واصحاب مصانع يبحثون عن عمالة آسيوية بديلة. أما الجامعات والمدارس الخاصة أو ما يسمي الانترناشيونال التي يتوافر لها تعليم حقيقي فمصروفاتها باهظة ولا تناسب القدرات المادية للجميع. وقد عقدت سلسلة من المؤتمرات القومية لتطوير التعليم ففي عام 1993 تم عقد المؤتمر القومي لتطوير التعليم الابتدائي، وفي عام 1994 عقد المؤتمر القومي لتطوير التعليم الاعدادي ثم تلا ذلك مؤتمر قومي عن المعلم اعداده وتطويره ورعايته وكان في عام 1996 وفي عام 2000 عقد المؤتمر القومي لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم وفي ديسمبر 2004 عقد مؤتمر التعليم في الاسكندرية والذي أكد علي ضرورة الابقاء علي مجانية التعليم كحق لكل مصري والتأكيد علي تطبيق مبدأ التدرج في عملية تطوير التعليم كما تم انشاء الهيئة القومية للاعتماد والجودة وبالرغم من ذلك مازالت الدروس الخصوصية تمثل عبئا كبيرا علي غالبية الاسر المصرية ولم يطرأ أي تحسن ملموس في الخدمات التعليمية فأين الحل؟ د.فاروق اسماعيل رئيس لجنة التعليم بمجلس الشوري يوضح ان عدد المدارس والجامعات الحكومية في مصر كبير جدا والتطوير المطلوب لاعادة هيكلة المؤسسات التعليمية وتحديث البنية التحتية من معامل ومكتبات وتدريب المعلمين وتغيير المقررات يحتاج إلي تكلفة مادية عالية والتمويل محدود بالرغم من زيادة الميزانية المخصصة للتعليم من 36 مليار جنيه العام الماضي إلي 48 مليار جنيه في العام الحالي، فمن الظلم اتهام الحكومة بالتقصير فالمشروع يحتاج إلي بعض الوقت، ولو تم تجديد 20 أو 30 مدرسة وجامعة سنويا للوصول للجودة المطلوبة، فسوف يتم انجاز شيء ما علي حد قوله ويضيف: "ما لا يدرك كله لا يترك كله" ولكن سوف تستغرق العملية بعض الوقت. وقد اشترك اعضاء هيئة تدريس الجامعات في برامج الجودة اختياريا ويحصل كل عضو في المقابل علي مكافأة 2000 جنيه. ويعلق علي ذلك رئيس لجنة التعليم بالشعب قائلا: البعض مثل اعضاء هيئة تدريس كليات الطب لديه عمله الخاص في المستشفيات والعيادات لذا لايوجد لديه التفرغ أو الوقت اللازم للمشاركة. ويضيف التعليم الخاص سوف يواجه نفس الإجراءات فالمؤسسة التعليمية التي لن تحصل علي شهادة الجودة خلال فترة 6 سنوات بدءا من سنة 2008 سوف يتم الاعلان عنها بصفتها مؤسسة غير معتمدة، وبالتالي لن يكون هناك اقبال من الطلبة علي الالتحاق بها. الجودة مكلفة حسن القلا صاحب مجمع مدارس واستاذ تنمية بشرية في الشركة الدولية لتنمية التعليم يؤكد ان عدد المدارس الخاصة التي حصلت علي شهادة الجودة محدود جدا فتكلفة الحصول عليها يصل إلي 50 ألف جنيه، والمصروفات الدراسية الحالية لا تكفي لتغطية التكلفة ونظرا لظروف الأزمة العالمية لا يمكن زيادتها، فتكلفة تدريب المدرس الواحد لاحداث تنمية بشرية مستدامة تتراوح بين 1000 - 2000 جنيه سنويا. د. فيليب اسكاروس الخبير التعليمي بالمركز القومي للبحوث التربوية ورئيس لجنة التعليم بالحزب الناصري يؤكد ان هناك زيادة عددية في المدارس المتاحة وزيادة في الانفاق في التعليم ومجهودات كبيرة تبذل ولكن الواقع المتردي مقاوم للاصلاحات، فلا يوجد تحسن ملموس في الخدمات التعليمية التي تعتمد جودتها علي كفاءة المدرس أولا والامكانيات المادية للمؤسسة التعليمية والإدارة الناجحة. وينتقد اسكاروس الخريجين الذين من المفترض ان يبنوا الأجيال. للأسف الشديد كليات التربية لا تصلح لإعداد المدرس فهو يقضي 4 سنوات كاملة لدراسة العلوم التخصصية والتربية، واذا اراد استكمال دراسته العليا للحصول علي الماجيستير والدكتوراه في احد فروع العلوم مثل البيولوجي او الفيزياء او الكيمياء وفلابد ان يلتحق بالسنة الثانية بكلية العلوم أولا وبعد الحصول علي البكالوريوس يسمح له بالتحضير للماجيستير، أما خريج العلوم الذي يلتحق بالتدريس فهو أفضل من الناحية العلمية ولكن تنقصه النواحي التربوية، ولذا يجب اشتراط الحصول علي دبلوم تربوي ليس فقط لاكتساب مهارة التعامل مع الطلبة، ولكن لتعلم كيفية تبسيط المعلومات وتوضيحها.