لقضايا الفساد ألف وجه خاصة في مستوي الإدارة العليا في المجتمع وتظهر هذه القضايا غالبا عندما يتم التعاقد معهم من خارج الهيئة أو المؤسسة مقابل أجور متميزة، وتشهد مصر تكرارا لهذه القضايا من وقت لآخر نتيجة لسوء اختيار الأشخاص المسئولين في الإدارات العليا من ناحية ولعدم وجود قوانين وتشريعات رادعة وأجهزة رقابية تكشف هذه الألوان من الفساد إلي جانب اخفاء المعلومات داخل دهاليز ومعاقل البؤر الفاسدة من ناحية أخري. "الأسبوعي" تطرح السؤال: لماذا تتكرر قضايا الفساد علي مستوي الإدارة العليا؟ وكيف نقضي علي هذه البؤر؟ وما الضوابط الواجب اتخاذها والنماذج الشهيرة في القطاعات المختلفة التي ظهر فيها الفساد؟ وهل يتم إعفاء الراشي من الجريمة إذا أبلغ عنها واعتباره شاهدا ملكا؟ كثير من الأسئلة والإيضاحات يجيب عنها خبراء القانون والصناعة والاقتصاد والتخطيط في التحقيق التالي. يقول د. أمين مبارك رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب السابق والأستاذ بهندسة القاهرة: الفساد هو نتيجة طبيعية لتضارب المصالح بين العام والخاص ويبرز هنا تفضيل بعض الأشخاص المصالح الخاصة عن المصالح العامة وتكون النتيجة انه يستخدم نفوذه أو سلطته علي المصالح التي ترد له لصالحه أو لصالح أقاربه أو معارفه، مشيرا إلي أن الدولة لا ترحم أحدا إذا ثبت بالأدلة انه فاسد وتقطع رقبته سواء أكان موظفا في الدولة أو مستشارا أو غيره، موضحا انه لا يجب أن يتم اتهام شخص أي كان في شرفه وشرف أسرته وأبنائه إلا بعد التأكد وإثبات التهمة لأن ذلك يكلف هذا الشخص وأسرته الكثير من السمعة والشرف. ويطالب د. مبارك بإجراء التحقيقات أولا قبل الإعلان عن قضية الفساد أو الرشوة وتكون هذه التحقيقات في منتهي الدقة والشفافية والوضوح ولو ثبت ذلك ضده يتم اتخاذ جميع الإجراءات وإذا لم يكن متهما وبريئا لا يعلن عن ذلك في أي وسيلة إعلامية حتي لا تسوء سمعة الناس لأن أغلب الشكاوي كيدية. لجان خارجية يضيف: لابد أن نتبع الشفافية والوضوح في المناقصات والمزادات وتشرف عليها لجان خارج دائرة الاختصاص وتكون لها خبرة في مجال العمل، موضحا انه استدعي ضمن لجنة عليا للإشراف علي أعمال وزارة التموين والتجارة الداخلية لمدة 12 عاما منذ عام 1982 1994 وكانت اللجنة مشكلة من أساتذة في كلية الهندسة وكليات أخري بسبب الشائعات التي كانت تدور حول تفشي الفساد في وزارة التموين في ذلك الوقت سواء من رشاوي أو تزوير أو غير ذلك، وقامت هذه اللجنة المكونة من 10 أساتذة متخصصين ولهم خبرة في وضع قواعد للبت في عمليات الترسية والمناقصات وبعد الفحص والتحقيق حول الشكاوي المقدمة لم تظهر حالة فساد واحدة لجميع قطاعات الوزارة سواء حصصا تموينية أو مطاحن أو مخابز أو غير ذلك أو حتي بالنسبة للمعونات التي كانت ترد للوزارة من الخارج وكانت بمليارات الجنيهات وكانت اللجنة تضم أيضا خبرات من الوزارة واستمرت اللجنة في عملها لعدة وزارات أيام الوزراء ناجي شتلة وأبو الدهب وجويلي. يوضح د. أمين مبارك أن عمل اللجنة كان ناجحا وحقق نتائج مرضية وسريعة أدت إلي استمرار عمل الوزارة بنجاح وهو ما نريد تطبيقه علي جميع الوزارات والهيئات التي لها علاقة بالدعم وتوزيع الحصص وتلقي المعونات وتوزيع الأراضي بوضع نظم محكمة وآليات واضحة يتم من خلالها التحكم في النظام الداخلي للعمل بالوزارة ويمنع أية عمليات اختلاس أو رشاوي ويتم ذلك إذا كانت هذه اللجان محترمة ولها خبرة وتخدم الوطن ومن السهل جدا تطبيقها في مصر خاصة انها طبقت منذ ربع قرن تقريبا. تشريع صارم ويتفق مع الرأي السابق الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق مضيفا أن الرشوة في بلدنا تحتاج لتشريع وقانون صارم يتم تطبيقه علي المرتشي فالفساد شيء غير أخلاقي يؤثر علي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولابد من القضاء عليه، موضحا أن تكرار الفساد وانتشاره يرجع إلي عدم وجود المساءلة والمواجهة السريعة ولابد أن تتخذ ضد الفاسد إجراءات الرقابة إلي جانب تعليم أبنائنا في مراحل التعليم منذ الصغر العناية بالتربية والأخلاق، موضحا أنه لن نستطيع القضاء علي الفساد بصوره المختلفة في المجتمع لأن أرباحه مغرية جدا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة بين صغار الموظفين أصحاب الدخول الضعيفة وعلي الدولة أن تواجه ذلك بتوفير الاحتياجات وتزيد من المرتبات لهؤلاء الموظفين، إلي جانب الفساد الذي يظهر بين بعض رجال الأعمال بحثا عن زيادة الربح نتيجة للطمع والجشع.