دائما ما يلام المصريون علي أنهم لا يستغلون ثروات بلادهم الاستغلال الأمثل، ومن ضمن الثروات التي تتوافر في مصر وتصطدم بها عينك في كل شارع وأمام كل بيت "القمامة"، لا تتسرع وتسد أنفك.. فوراء هذه الرائحة الكريهة رائحة الثروة والربح التي لا تشمها إلا أنوف رجال الأعمال الأذكياء، فمن الثروات الكامنة في القمامة قامت صناعات إعادة التدوير في العالم، ومن بين أنواع القمامة المختلفة ناقش مؤتمر "إدارة مخلفات الأجهزة الإلكترونية" الذي انعقد بمشاركة العديد من الجهات المحلية والدولية صناعة هذه المخلفات والتي قال الخبراء عنها إن التنقيب فيها أكثر ربحية من التنقيب في المناجم.. "الأسبوعي" تابع لكم المؤتمر وناقش الخبراء في اقتصاديات هذه الصناعة. المتابع لأسواق المنتجات الإلكترونية يلاحظ استحواذها علي اهتمامات المستهلكين وكذلك قصر عمرها الافتراضي، حيث وصل عدد المشتركين في خطوط المحمول عالميا إلي 2 مليار في عام 2008 ووصل عدد التليفونات المحمولة في لوكسمبورج إلي عدد يفوق عدد السكان، وهي العوامل التي ساهمت في تنامي المخلفات الإلكترونية والتي تقدر سنويا بما يتراوح بين 20 إلي 50 مليون طن، وتنشأ علي أثرها صناعة إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية النشطة. وعلي الرغم مما تحوز عليه صناعة إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية من اهتمام علي المستوي العالمي إلا أن مسحا أجرته مؤسسة سيداري للبيئة والتنمية وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة علي مستوي العالم العربي كشف عن أن هذه الصناعة غير موجودة في المنطقة وأن النشاط الممارس في هذا المجال يتم من خلال 5 منظمات دولية وأربع شركات وأربع منظمات غير حكومية. مسئولية اجتماعية واستعرض المؤتمر في هذا الصدد بعض الأنشطة التي يقوم بها القطاع الخاص في هذا المجال من منطلق المسئولية الاجتماعية كمشروع لشركة موبينيل لجمع بطاريات المحمول التي تتسبب في أضرار بيئية بالغة ومشروع آخر بالتعاون بين موبينيل وكانون وهيوليت باكارد وزيروكس لجمع بعض مخلفات المكاتب كجمع المخلفات الورقية وإعادة تدويرها. وبخلاف ذلك يلعب القطاع غير الرسمي الدور الرئيسي في عملية إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية التي تقع تحت يديه والاستفادة من خاماتها، ليس في المنطقة فقط ولكن القطاع غير الرسمي في الهند والصين يستورد مخلفات من مناطق مختلفة ليقوم بإعادة تدويرها، وفي ضوء هذه السلسلة الانتاجية فإن المطالبة بنقل صناعة إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية من القطاع غير الرسمي إلي القطاع الرسمي لا تستهدف فقط ضمان معالجة هذه المخلفات بأسلوب غير ضار بالبيئة ولكن أيضا البحث عن فرص الربحية في هذه الصناعة، ففي ظل تنامي استخدام الحواسب والتليفونات المحمولة في مصر والمنطقة تتنامي أيضا فرص تأسيس صناعة واعدة في هذا المجال، فمبيعات الحاسب الآلي في مصر وصلت إلي مليون حاسب سنويا ونما حجم مستخدمي الإنترنت 453% في الفترة من 2005 إلي 2007 وبلغ معدل انتشار المحمول في مصر 22% بحسب آخر البيانات، ومع نمو استخدام الأجهزة الإلكترونية تتزايد المخلفات التي تحوي ثروات قد لا يعرف الكثيرون قيمتها، فبحسب المعلومات المعروضة في أوراق المؤتمر فأكثر من 60% من المخلفات الإلكترونية من المعادن النفيسة كالحديد والألومنيوم والنحاس، كما تحوي المخلفات الإلكترونية علي نسب من معادن كالذهب والفضة، وهو ما دعا بعض الخبراء إلي التعليق خلال المؤتمر علي أن التنقيب في المخلفات الإلكترونية أكثر ربحية من التنقيب في المناجم. هذا إلي جانب مساهمة هذه الصناعة في ايجاد فرص العمل التي يسمونها ب "فرص عمل خضراء" لما تسهم به في تقليل تلوث البيئة وبحسب البيانات المعروضة في المؤتمر فإن صناعة إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية في الولاياتالمتحدة تنمو سنويا تحقق نموا سنويا في عدد وظائفها 8،3% ويتطلب 10 آلاف طن 296 فرصة عمل بينما يتطلب نفس الوزن في أوروبا 250 فرصة عمل.