أزمة كبيرة في بريطانيا هذه الأيام والسبب مصروفات الأسرة المالكة التي تكلف كل بريطاني 62بنسا سنويا (حوالي خمسة جنيهات مصرية ونصف الجنيه)..ويطالب كثيرون بضرورة تقشف العائلة المالكة رغم قيامها بتخفيض نفقاتها السنوية أكثر من مرة لكن ذلك لم يرض دافع الضرائب. وتبلغ الميزانية السنوية للعائلة المالكة البريطانية 58مليون دولار، وهو رقم ليس كبيرا إذا تمت مقارنته بما ينفقه بعض الحكام العرب في رحلاتهم وأسفارهم..لكنهم في الدول الديمقراطية يحترمون المال العام ويضعون قواعد تفصل بينه وبين المال الخاص للحاكم -رئيسا كان أو ملكا- ولذلك تقدم العائلة المالكة البريطانية للشعب إقرارا بثروات أفرادها حتي يكون عليما بتطور ثروات حكامه ومصادرها. ومن بريطانيا إلي الولاياتالمتحدة حيث نشرت مجلة «فوربس الاقتصادية» الأسبوع الماضي قائمة بثروات ملوك العالم، وقد احتل سبعة من الحكام العرب أماكن متقدمة في تلك القائمة بأرقام فلكية جعلتنا نتساءل: هل أصبح حكامنا رجال أعمال أم أنهم في الأصل رجال أعمال تولوا حكمنا؟! فعندما تقرأ أن ثروة رئيس وزراء الإمارات وحاكم دبي قد تراجعت العام الماضي فقط بمقدار 7مليارات دولار (حوالي 40مليار جنيه مصري) فسوف تتساءل: كم كانت ثروته قبل هذه الخسارة؟. ثم تكمل مجلة «فوربس» نشر بقية ثروات حكام العالم، ويتصدرها ملك السعودية بثروة بلغت 18مليار دولار (103مليارات جنيه مصري) والتي زادت بمقدار مليار دولار عن العام الماضي بسبب ارتفاع أسعار البترول حسبما ذكرت المجلة..وبلغت ثروة حاكم الإمارات 15مليار دولار لكنه لم يصل لتلك القائمة منفردا بل اصطحب معه نائبه ليدخل معه بثروة بلغت 4.5 مليار دولار بعد خسارته الكبيرة بسبب أزمة العقار التي ضربت الإمارة التي يحكمها، كما ارتفعت ثروة ملك المغرب إلي 2.5مليار دولار بعد ارتفاع أسعار ثروة المغرب من الفوسفات. عندما تنتهي من قراءة تلك القائمة فسوف تتأكد من غياب الفواصل بين ثروات البلاد والحكام، فعندما زادت أسعار المنتجات البترولية لبعض دول الخليج زادت ثروات حكامها..وعندما انهارت بورصة العقارات في بعض الإمارات العربية، تراجعت علي الفور ثروات حكامها مما يعني أن ثروات البلاد ملك خاص لحكامها، تزيد ثرواتهم وتتراجع كلما ارتفعت أو نقصت ثروات بلادهم. ما سبق لا يمكن أن نراه في أي بلد في العالم يقدر ثروات الشعوب، فثروة أوباما لن تزيد بالمليارات عندما يرتفع مؤشر بورصة نيويورك، ولن تزيد ثروة ملكة بريطانيا إذا ارتفعت أسعار العقارات بلندن.. فما علاقة هذا بذاك؟! لا توجد علاقة إلا في بلادنا العربية حيث ثروات البلاد هي نفسها ثروات الحكام. ما حجم المجهود ونوعية العمل الذي يقوم به أي حاكم حتي يحقق ثروة تقدر بالمليارات..وبأي منطق يبرر لنفسه جمع تلك الثروة؟. ويستدعي السياق السابق أن نعرف راتب باراك أوباما- رئيس أقوي دولة في العالم -والذي لا يتجاوز 34 ألف دولار شهريا (أقل من مائتي ألف جنيه مصري)..وأنه حقق العام الماضي دخلا قيمته خمسة ملايين دولار من عائدات بيع بعض كتبه! تبقي ملاحظة علي قائمة فوربس، حيث تعاطفت مع اثنين من الحكام العرب بعد أن كشفت المجلة عن حجم ثروتيهما المتدني، فرغم عناء الحكم فإنهما لم يحققا الثروة المرجوة وهما سلطان عمان الذي بلغت ثروته 700مليون دولار، وأمير الكويت وبلغت ثروته 350مليون دولار. يبقي للمجلة الأمريكية نجاحها في معرفة حجم ثروات (بعض) حكامنا العرب..ونحن في انتظار نشر ثروات (كل) الحكام العرب.