تحسنت الشفافية والإفصاح في البورصة بشكل مذهل خلال الأعوام الأخيرة، وأدرك تماما من خلال متابعتي اليومية لسوق المال المصري للجهود المبذولة من إدارتي الهيئة العامة لسوق المال وبورصة الأوراق المالية لسلامة العمليات وزيادة المعلومات وتوفيرها بشكل عادل ومنع التلاعب والغش واستخدام المعلومات الداخلية وزيادة سيولة السوق. هذه هي الأدوار الرئيسية للهيئة العامة لسوق المال وبورصة الأوراق المالية، أما إلقاء اللائمة علي إدارة البورصة أو الهيئة العامة لسوق المال بأن لها دورا في انخفاض السوق هو أمر غير مقبول جملة وتفصيلا. فمن المعروف أن بورصة الأوراق المالية تعكس التطورات الحالية والمستقبلية في الاقتصاد الكلي والجزئي وكذلك في الاقتصاد الإقليمي والعالمي، وكان واضحا أن التراجع الحاد الذي شهدته البورصة المصرية يعود للأزمة المالية العالمية من جهة وإلي وجود مشكلات هيكلية في الاقتصاد المصري نفسه، وأصبح واضحا للجميع أن معظم أسواق العالم ومنها البورصة المصرية تتحرك في اتجاه هابط تحت وطأة تأثير الأزمة المالية العالمية علي الاقتصاد. ولكن المشكلة الأزلية هي في هيكل السوق المصري الذي تسيطر عليه تعاملات الأفراد من جهة وسطوة الأجانب مقابل غياب دور قوي للمؤسسات المحلية، وبالتالي أفرزت هذه الظاهرة عدة نتائج لعل أهمها انتشار الشائعات والاستثمار الذي يعتمد علي الفهلوة من الأفراد وتحركهم بتأثير الشائعات، وأصبحوا كالقطيع توجههم تعاملات الأجانب، ومن النتائج الأخري هي سطوة وقوة تأثير الأجانب علي السوق المحلي. وأصبح المستثمرون الأفراد علي قناعة بأن هناك تقصيرا من إدارة البورصة أو الهيئة وكأن كلا منهما يملك عصا سحرية لتغيير الأوضاع، وغاب عن المستثمرين الأفراد أن البورصة ببساطة تعكس ما يحدث في الاقتصاد ولا تستطيع أن تتحرك بمعزل عن السوق فلا يمكن أن تكون هناك مشكلات عالمية ومحلية وتصعد البورصة فهذا أمر غير منطقي. وأصبحت مطالب المستثمرين تنحصر في أن يكون هناك مؤشر جديد للبورصة وأن يتم إلغاء تعاملات اليوم الواحد أو إيقافها بشكل مؤقت ومنع الأربيتراج بين الأسهم وشهادات الإيداع الدولية. ورغم انني علي قناعة تامة بوجهة نظر الدكتور أحمد سعد رئيس الهيئة العامة لسوق المال والذي يمتلك خبرات واسعة أكاديمية وعملية وكذلك رئيس البورصة ماجد شوقي إلا أنه لا توجد مشكلة أبدا من إصدار مؤشر جديد للبورصة لأن البورصات العالمية كل منها له عشرات المؤشرات وكذلك لا يوجد ما يمنع أن نوقف تعاملات اليوم الواحد ولو لمدة شهرين فقط، وذلك حتي يتأكد المستثمرون أن المؤشر أو آلية اليوم الواحد ليس لها ذنب وليست ضلعا فاعلا في هبوط السوق، وأن الهبوط يأتي لأسباب اقتصادية بحتة تتعلق بالوضع الاقتصادي العالمي ومؤشرات الاقتصاد الكلي. أنا مقتنع تماما بوجهات نظر رئيسي البورصة والهيئة ولكن لماذا لا نحاول أن نستجيب لبعض طلبات المستثمرين أحيانا إذا كانت لن تضر بالسوق؟ [email protected]