"إن لم يسمع كلامي أضربه "بالبلغة" أو "الجزمة" تعبير كان سائدا في الماضي كأحد المأثورات الشعبية التي كانت تستخدم كأداة للتعبير عن الاعتراض، والرفض وهو أدني أنواع التحقير الشخصي. تجدد استخدام التعبير كأحد أدوات السخط مرة أخري خاصة بين الدبلوماسيين والساسة في اكتوبر عام 1960 وبالتحديد في يوم ،12 حينما كان خرشوف يهتز غضبا مما ورد في خطاب مندوب الفلبين ضد الاتحاد السوفيتي لورنز وسومولونج الذي اشار وقتها تأييد بلاده استقلال دول أوروباالشرقية عن موسكو التي تم ابتلاع حقوقها من قبل الاتحاد السوفييتي فما كان من خرشوف إلا ان انحني إلي الارض ليرفع حذاءه ضاربا به طاولتة كأحد أنواع الاعتراض. ومنذ ذلك التاريخ اختفي استخدام الحذاء في الاوساط السياسية ولكن ظل مستعملا بين عامة الناس وكان يعرف وقتها ب "البلغة"، ولكن مع التطور واختلاف الاجيال استخدمت "الجزمة أو الحذاء" كبديل.. حتي مطلع التسعينيات، وبالتحديد بعد نهاية حرب الخليج الثانية، عندما أمر الرئيس العراقي صدام حسين برسم صورة لجورج بوش الاب باستخدام مادة الموزاييك مكتوب تحتها بالعربية والانجليزية "المجرم جورج بوش" علي أرضية مدخل فندق الرشيد في بغداد لتداس بالاقدام يوميا. وفي عام 2003 بعد احتلال بغداد قامت قوات المارينز الامريكية باسقاط تمثال صدام حسين في ميدان الفردوس وتغطية بعلم الولاياتالمتحدةالامريكية لتنهال عليه أحذية العراقيين ضربا. وفي 23 ديسمبر من نفس العام انقض عدد من اعضاء حزب التحرير الفلسطيني بالاحذية علي أحمد ماهر وزير الخارجية السابق، خلال زيارته للمسجد الاقصي بعد الانتهاء من محادثات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق آريل شارون. ويبدو انه بعد ذلك صار الحذاء ثقافة جديدة لتسود الساحة "السياسية الداخلية" فمنذ عامين واثناء نهائي مباراة مصر لكرة اليد بين الاهلي والزمالك كان مرتضي منصور رئيس نادي الزمالك السابق برفع حذائه خلال النهائي حينما في وجه جماهير الاهلي، ويبدو ان وقتها كانت حمي للأحذية، قام هم طلعت السادات عضو مجلس الشعب بإلقاء حذائه علي أحمد عز بعد مشادة كلامية انهم فيها السادات عز بالحصول علي 15 ألف فدان من أراضي الدولة بسعر 5 جنيهات للمتر وانه تسبب في سقوط البورصة المصرية وقتها. تجددت ثقافة الحذاء مرة أخري منذ اسابيع بعد واقعة الرئيس الامريكي بوش وتعرضه للضرب بالحذاء، لتتكرر في مجلس الشعب المصري الاسبوع الماضي، بعد قيام النائب الاخواني أشرف بدر الدين بخلع حذائه ومحاولته ضرب نائب الوطني السيناوي نشأت القصاص احتجاجا علي كلامه حول اتهامه للاخوان وبانهم يعملون لاعداء الوطن، وهو ما أضطر "بدر" بخلع حذائه لقذف القصاص لم تكن هذه الواقعة التي شهدها المجلس فقط.. بل في اليوم التالي وبالتحديد الاحد الماضي كان نفس التصرف من النائب الاخواني علي لبن بعدما قررت الحكومة وحذف الرموز الوطنية من المناهج الدراسية، وهو ما اضطر "لبن" للقيام بمثل هذا التصرف كأداة إعتراض. الواقعتان أثارتا المخاوف من تفشي ثقافة جديدة لم تكن. معروفة بالصورة الواسعة وهي ثقافة الحذاء. ورغم أن استخدام الحذاء لا يمثل جرماً يعاقب عليه القانون فإن خبراء الاجتماع وعلم النفس اعتبروا مثل هذا التصرف تعبيراً عن الضعف. دلالة علي التحقير ربما مثل هذه الثقافة تعد من أقدم المأثورات الشعبية حسب قول الدكتور صلاح عبدالمتعال أستاذ الاجتماع بجامعة القاهرة، حيث ان هذا التعبير ظل مستخدماً لوقت طويل ب "البلغة" وهي أدني موضع يستخدمه الإنسان ويدل علي التحقير، ويستخدم في البيئة العربية، مذ الماضي، ويقابله بالدول الأخري الضرب بالبيض الفاسد مثلا أو الطماطم. وقال إن اللجوء لمثل هذه الأدوات يعد تعبير عن السخط للفرد العاجز عن استخدام أساليب أخري وهذا يتضمنه التراث الشعبي، وكذلك يلجأ إليه الكثير لعدم نص القوانين علي معاقبة مثل من يقوم بهذا التصرف. وفكرة رفع الحذاء لم نراها منذ سنوات بعيدة ولكن الأحداث التي شهدتها الساحة الإنسانية من توترات بالعديد من الدول ورود افعال المواطنين حول هذه التوترات بالسلب أو الإيجاب اضطرت الكثيرين للتعبير عن غضبهم من خلال مثل هذه الألفاظ