الشركة العربية للطاقة "طاقة" واحدة من أبرز الشركات في هذا القطاع إلا أن الأزمة العالمية وما ترتب عليها عكس تطورات في أسواق البترول والطاقة العالمية يستوجب التحاور مع خالد أبو بكر حول رؤيته لانعكاس ذلك علي الاستراتيجيات الاستثمارية في الفترة القادمة، كما سألناه عن مدي تأثر الشركة بالأزمة. * بداية أود أن توضح لنا تأثير الأزمة العالمية وانخفاض أسعار النفط علي القطاع البترولي؟ ** الواقع أن أسعار البترول شهدت تذبذبا كبيرا حيث وصل سعر البرميل إلي 60 دولارا في يناير 2008 م ثم ارتفع إلي 142 دولارا في يولية 2008 ثم انخفض إلي 39 دولارا في ديسمبر وهذا التذبذب أضر بمنتجي القطاع البترولي حيث أصبحوا أكثر ترددا إزاء الدخول في استثمارات طويلة الأجل في هذا القطاع وأصبحوا أكثر دقة في اختيار مناطق الاستكشاف الجديدة الأقل في المخاطرة والأسعار. وعموما فأي مستثمر في أي دولة في ظل ظروف الأزمة الحالية سيهتم بالبحث عن الحوافز المقدمة في التعاقدات من حيث سداد مستحقاته في وقت مناسب وجدولة الديون في وقت سريع حتي يضمن أن يجمع مستحقاته في أقرب وقت ممكن. وهناك أيضا قطاع الخدمات المصاحبة لخدمات البحث والاستكشاف الذي يواجه تحديا كبيرا خلال الفترة القادمة حيث إن ارتفاع أسعار النفط الفترة الماضية شجع هذا القطاع علي تكوين كوادر عالية الكفاءة وتأسيس مراكز أبحاث مما رفع من تكاليفها الإدارية وجعل أسعار خدماتها مرتفعة مقارنة بأسعار البترول المنخفضة حاليا، لذا إذا لم تعد هذه الشركات النظر في أسعارها قد تواجه بعض المشكلات، وبالنسبة للغاز فهو أقل مرونة في تغير أسعاره عن البترول نظرا لأن عقوده متوسطة وطويلة الأجل. الغاز المصري * هل هذا يجعل مصر في وضع أفضل باعتبار أنها منتجة للغاز الطبيعي بكميات كبيرة؟ ** هذا يجعل وضع مصر مستقرا ولكن في رأيي أنه يجب ألاَّ تصدر مصر الحصة المملوكة لها من الغاز الطبيعي وأن توجهها كبديل لبعض المنتجات البترولية الأخري المستخدمة محليا. * وما توقعاتك الطلب علي الطاقة في مصر في ظل ظروف الأزمة الحالية؟ ** مصر شهدت نموا كبير الفترة الماضية حيث تعدي النمو الاقتصادي 7% في 2007 ووصل نمو القطاع الصناعي في هذا العام إلي 6.7% وهو ما رفع الطلب علي الطاقة، ولكن بالطبع توقعات نمو الطلب علي الطاقة في الفترة القادمة سينخفض تأثرا بالوضع الحالي، وعموما فالرؤية مازالت غير واضحة ويجب أن ننتظر ونتابع تطورات الاقتصاد العالمي خلال الأشهر القادمة ومدي تأثر الاقتصاد المصري بها، فالواضح أن نسبة من المشروعات الصناعية والمشروعات العقارية الكبيرة الجديدة في مصر تراجع خططها الاستثمارية، ونحن لمسنا انخفاضا في استهلاك بعض القطاعات للطاقة خلال الفترة من سبتمبر الماضي الذي بدأت فيها تداعيات الأزمة العالمية إلي ديسمبر الماضي وصل إلي 5% في قطاع الأسمنت، ولكن لا أعتبر هذه النسب كارثية. * ما رؤيتك لتنظيم قطاع الطاقة في مصر؟ ** أري ضرورة أن تظل هناك رقابة من الدولة علي قطاع الطاقة وحماية المستهلك النهائي، وأيضا يجب ألا تظل الدولة وحدها تتحمل عبء استثمارات البنية الأساسية وتوريد الكهرباء وخطوط الغاز الصغيرة فيجب أن تكون هناك خطة واضحة الملامح باستثمار القطاع الخاص في قطاع الطاقة، وهناك نقطة أخري مهمة وهي أنه في ظل انخفاض الأسعار العالمية للنفط هناك فرصة لتحرير أسعار الطاقة محليا تدريجيا وتقريبها من الأسعار العالمية بقدر الإمكان، مع العلم بالطبع أنه من المستحيل أن يتم تحرير أسعار الطاقة بشكل كامل في خطوة واحدة لأننا نتمتع بالدعم منذ ثلاثين عاما. ضوابط الإقراض * ما التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية علي نشاط شركتكم؟ ** الواقع أننا نقوم بمراجعة مخططاتنا الاستثمارية فنحن نبيع الطاقة للمستهلكين والمناطق الصناعية والتجارية وهذه الشرائح لم تتأثر ولكن الاستثمارات الصناعية الجديدة تراجع نفسها في الوقت الحالي، فهناك مشروعات في قطاعي الأسمنت والأسمدة كانت ستبدأ العمل في 2010 طلبت ألاَّنبني كل بنية الكهرباء والغاز المتفق عليها لأنها تعيد مخططاتها، ومن أثار الأزمة أيضا أن البنوك تعيد النظر أيضا في ضوابط الإقراض ولكننا لا نواجه مشكلة في التمويل البنكي حيث إنه في أوقات الأزمات تنتقي البنوك العملاء الجيدين. * كنت أعلنتم أنكم ستطرحون حصة من "طاقة" في البورصة فهل غيرتم مخططاتكم؟ ** نعم كنا نخطط لذلك وكنا نسرع في الإعداد لهذه الخطوة، ولكن البورصة في الوقت الحالي غير جاهزة لاستقبال الطرح فمهما كان أداء الشركة جيدا ماليا ففي ظل الوضع الحالي للبورصة ستقيَّم الشركة بأقل من قيمتها، لذا نحن نركز الآن بشكل أكبر علي تحسين الأداء داخل الشركة والمحافظة علي مستوي الدخل الذي كان متوقعا تحقيقه منها. مواجهة الأزمة * ولكن سوق الأوراق المالية مصدر مهم للتمويل في ظل ظروف الأزمة المالية؟ ** هو بالفعل مصدر مهم للتمويل ولكن في وقت يتحقق فيه نمو اقتصادي كبير وتحتاج فيه لتمويل كبير لتوسعاتك الاستثمارية. * هل اختلفت الرؤية الاستثمارية للمساهمين في الشركة من غير المصريين في ظل الوضع العالمي المتأزم؟ ** بالطبع هناك تغيرات في رؤية المساهمين في تقييم الاستثمارات والرد علي طلباتنا الاستثمارية فهم الآن يهتمون بمراجعة كل الأرقام ولا يتخذون قرارا استثماريا بدون الاستفسار بشكل مفصل. ونحن بالطبع نراجع خططنا الاستثمارية في ضوء الظروف الحالية. * ما استراتيجيتكم لمواجهة تداعيات الأزمة المالية علي السوق المصري؟ ** سنعمل في الفترة القادمة علي المحافظة علي أفضل أداء في التكاليف والمصروفات ولن نقوم بتسريح العمالة وإنما سنستغل فترة الأزمة في تطوير مهاراتهم بشكل أكبر.