رغم الانخفاض الملموس في معدلات الفقر من 23،4% إلي 18،9% بما يعادل 3% التي جاءت علي خلفية الإصلاحات الاقتصادية التي اتجهت إليها الحكومة.. مؤخرا إلا أن الأزمة المالية أثارت كثيرا من التساؤلات حول مدي تأثر الأزمة علي معدلات الفقر.. وما إذا كانت تساهم الأزمة في تراجع المعدلات أم ستزيد منها لندخل وقتها من جديد في نفق مظلم فيما يتعلق بالفقراء. وإذا كانت أهداف الألفية التنموية أيضا تشير إلي الوصول بالفقر مع حلول 2015 إلي أدني مستويات.. فإن الوضع قد يختلف تماما في ظل الظروف الراهنة. ورغم التفاؤل السائد بحدوث انخفاضات جديدة في معدلات الفقر إلا أنه - علي حد قول الخبراء - فأن الأزمة وانعكاساتهاعلي معدلات الفقر لها وجهان إذا ما استغل الجانب الايجابي منه بضخ نفقات استثمارية من شأنه تشغيل عمالة فإن ذلك سيعمل علي تراجع نسبة الفقر.. أما إذا استسلمت الحكومة للركود دون اتخاذ أي إجراءات فإن نسبة الفقر ستزيد عن المعدلات. سيناريوهات متعددة الإحصائيات الرسمية حول الفقر قبل حدوث الأزمة حسب قول الدكتور سمير رضوان الخبير الاقتصادي تشير إلي حدوث تراجع في معدلات الفقر خلال الفترة من فبراير 2005 إلي 2008 بنسبة بلغت نحو 3%، حيث سجلت نسبة الفقراء عام 2005 نحو 23،1% وانخفض العام الماضي لنحو 18،9% وذلك نتيجة ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في ال3 سنوات الماضية. وقال إن هذا النمو الذي شهده الاقتصاد ووصوله لنحو 7% كان له الآثر الايجابي علي مختلف القطاعات، حيث زاد متوسط الاستهلاك العائلي للأسرة وإذا كان عدد الفقراء 20% فإن عدد الذين علي حافة الفقر 20%، ليصبح إجمالي النسبة 40% ورغم تراجع نسبة الفقراء إلي 18،9% فإن الوضع بعد الأزمة المالية سيختلف تماما بالنسبة لعدد الفقراء. فالسيناريوهات التي تحدد اتجاه الفقر خلال الفترة المقبلة بالزيادة أو التراجع مرهونة بالعديد من المعايير والعوامل التي تحددها الحكومة وإذا كانت معدلات النمو الاقتصادي أيضا ساهمت في تقلص إجمالي عدد الفقراء إلي 35،7%، فإنه غير متوقع أن يتم الحفاظ علي نفس النسبة، إلا إذا سارعت الحكومة في استراتيجيتها للحد من الآثار المرتبة علي الأزمة فيما يتعلق بمعدلات الفقر وذلك من خلال الاستمرار في الحفاظ علي الاتجاه التنازلي لمعدلات الفقر والذي لن يتم إلا بتحقيق معدلات نمو جيدة والحد من الزيادة في المستوي العام للأسعار، بالنسبة السلع الغذائية التي يستهلكها الفقراء ومحدوو الدخل، بعد أن وصلت إلي أعلي مستويات سعرية. وهذا يتحقق أيضا من خلال ضخ أموال ضخمة كإنفاق استثماري بمليارات الجنيهات سيعمل علي زيادة عدد العاملين والحد من البطالة. وقتها حسب تفسيره قد تستمر معدلات التنازل للفقراء أو الذين علي حافة الفقر، خاصة أن معدلات النمو الاقتصادي قد تصل خلال العامين القادمين إلي 5% وهو لن يكون له أي تأثير علي زيادة أعداد الفقراء إذا ما زادت الحكومة من نفقاتها الاستثمارية. وبصورة عامة - حسبما قال - فأن الآثر الايجابي سيعمل علي تضييق الفوارق والفجوة بين الأغنياء والفقراء الذين لا يريدون إلا البقاء. وعلينا ألا ننسي أن 5.8 مليون شخص استفادوا من تصاعد معدلات النمو، بعد أن وصل عدد الفقراد إلي 1،8 مليون شخص. أهداف الألفية وبلا شك فأن زيادة نسبة الفقراء أو تراجعها سيكون له تأثيره علي أهداف الألفية الثالثة، التي تحذر من تصاعد الفقر وتطالب التعجل بتنفيذ الخطط الاستثمارية لاقتصار الموعد الزمني للألفية من 2015 حيث حددت أن يصل عدد الفقراء عام 2008 إلي 8%. لصالح الفقراء إذاً الأزمة المالية تركت لشأنها فإن ذلك يعني زيادة نسبة الفقراء.. بل تعميقها بهذا بدأ الدكتور نادر الفرجاني كبير الاقتصاديين معلقا علي مدي الاستفادة من الأزمة المالية وتوجيهها لصالح الفقراء ايجابيا. وقال إن الحكومة أمامها خيار واحد لا بديل عنه وهو العمل علي ضخ أموال بجميع القطاعات، حتي يتم التمكن من تشغيل أكبر عدد ممكن من الشباب من غير العاملين. ولولا ما شهدته الأسعار بما يتعلق السلع والخدمات الغذائية، والارتفاعات المخيفة طوال الفترة الماضية نتيجة زيادة الأسعار عالميا لشاهدنا استمرار التراجع في معدلات الفقر. وعلي الحكومة هنا استيعاب درس الأزمة والقيام في الفترة المقبلة بالعودة في الانفاق علي الخدمات الأساسية في مقدمتها الصحة، التعليم، سيعمل علي رفع مستوي الخدمات والتشغيل ثم تقلص معدل الفقر. مثل هذه الإجراءات من شأنها دعم نجاح الألفية في أهدافها، رغم أن تحقيق الأهداف يتفاوت من قطاع لآخر، ففي الوقت الذي نجحت إلي حد كبير في تقليص نسبة وفيات الأطفال، مازالت نسبة الفقر محدودة. إذا حسب تعبيره لا تراجع للفقر بدون تدخل حكومي في دعم جميع القطاعات القائمة. النمو.. والفقر لابد من ضرورة العمل علي زيادة معدل النمو الاقتصادي ليصل إلي 8% لمواجهة مشكلة الفقر حسب ما حددته الألفية من أهداف، ولكن مع الأزمة قد يتغير الحال وفقا لرؤية الدكتورة نهال المغربل أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فالحد من الفقر صار مرهونا بزيادة النمو الاقتصادي إلي 8% ولكن بعد الأزمة اختلف الحال وتراجع النمو إلي 4% فكيف تستطيع الحكومة مواجهة ذلك إلا من خلال إعادة توزيع الثروة والاستثمارات في محافظات الصعيد وهذا يتماشي مع أهداف الألفية التنموية التي تهدف إلي تخفيض معدلات الوفيات، تحسن الصحة، التعليم الأساسي. فالوسيلة لن تكون إلا بتوسيع قاعدة الإنفاق الاستثمار للحد من الفقر. الحكومة المستفيد الوحيد في ظل الأزمة المتوقعة وفقا لما يراه الدكتور أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد العلوم السياسية أن تضيق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، علي أن يتحسن المستوي المعيشي للفقراء وهذا قد يكون نظريا أما من الناحية العملية فلا شيء يتحقق. وعلي أي حال حال فإن طبيعة الاقتصاد المحلي لا يشعر معه الفقراء بأي تحسن فبالدراسة تبين أن الحكومة هي المستفيد الوحيد من الأزمة حينما تقوم باستيراد السلع الغذائية بالأسعار العالمية التي شهدت انخفاضا.. أما الفقراء فقد يقعون ضحايا لمحتكرين بالسوق وهنا تظل الأزمة قائمة وتتزايد نسبة الفقراء. وإذا ما تم تحقيق حسب رؤيته شبكة ضمان اجتماعي علي درجة عالية من الكفاءة، وكذلك دعم التأمين الصحي وتشغيل الشباب فمع ذلك قد نحقق الاستفادة من الأزمة ونحد من الفقر.