بعد أن حققت الحكومة وفرا كبيرا في إنفاقها العام علي دعم الغذاء والطاقة من خلال الانخفاض الحاد في أسعار الغذاء والمنتجات البترولية عالميا، أعلنت الحكومة الأسبوع الماضي عن تفاصيل الإنفاق الإضافي في الموازنة المقدر ب 15 مليار جنيه، والمخصصة لمواجهة الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية علي السوق المصري، حيث أعلن الدكتور يوسف بطرس غالي - وزير المالية - عن حزمة إجراءات لتحفيز الاقتصاد القومي قيمتها 15 مليار جنيه تشمل تخفيضا في جمارك المواد الوسيطة والسلع الرأسمالية بقيمة 1200 مليون جنيه لتحفيز المستثمرين علي التوسع في نشاطهم، وضخ استثمارات جديدة، وإعفاء المستثمرين من ضريبة المبيعات علي مشترياتهم من السلع الرأسمالية بدعم قيمته مليار جنيه لمدة عام، ودعم الصادرات بمبلغ ملياري جنيه، وتخصيص 800 مليون جنيه لتحسين الخدمات الأساسية بالمحافظات نصفها لمناطق جنوبالوادي "الصعيد". وتشمل المخصصات المالية للجهات العامة التي تمت زيادتها في الموازنة العامة بقيمة 11،3 مليار جنيه منها مليارا للطرق والكباري، و3500 مليون لمياه الشرب والصرف الصحي، و800 مليون لمشروعات التنمية المحلية بالمحافظات و400 مليون لمشروع بناء الوحدات الصحية الأساسية، و150 مليونا لتمويل مشروع بناء المدارس، و400 مليون لدعم المناطق الصناعية بالدلتا، و400 مليون للسكك الحديدية. وتواكب ذلك مع تصريحات وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد عن خطة لمواجهة التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية تشمل سياسات حيث كشف الوزير عن برنامج متكامل لتشجيع الاستثمار في مجالات التصنيع الزراعي، يتضمن تخصيص 500 ألف فدان للاستثمارات الجديدة في مجال التصنيع الزراعي، بالإضافة إلي تخصيص 300 مليون جنيه كدعم إضافي للتصدير للأسواق غير التقليدية، خاصة الأسواق الأفريقية، وغيرها من السياسات. فما هو تقييم الخبراء لحزمة السياسات الحكومية لمواجهة الأزمة العالمية، وهل كان توزيع الإنفاق العام هو التوزيع الأنسب علي القطاعات المختلفة لتحقيق الأهداف المرجوة من تنشيط الاقتصاد المصري ومواجهة شبح الركود؟ حوافز النمو يقول مجدي صبحي الخبير بمركز الأهرام للدراسات إن اتجاه النسبة الأكبر من الانفاق الإضافي إلي البنية الأساسية هو نمط نموذجي لايجاد حوافز النمو ينتمي إلي المدرسة "الكينزية" الشهيرة. حيث إن مشروعات البنية الأساسية تسهم في توزيع سريع للدخول علي المساهمين في تنفيذ هذه المشروعات والصناعات المرتبطة بها، وهو ما يجعل عائدها علي الاقتصاد أسرع من العائد المتحقق من المشروعات الإنتاجية التي قد تستغرق وقتا أطول لتحقيق العائد منها. أضاف صبحي أن الاتجاه إلي تخصيص نسبة كبيرة من الانفاق الإضافي علي مشروعات البنية في مجالات كالسكك الحديدية والطرق والمياه والصرف كان اتجاها سليما حيث إنه أنسب لظروف الاقتصاد المصري من الانفاق علي مشروعات كإنشاء المدن الصناعية الجديدة في ظل توقعات بتباطؤ الاستثمار الأجنبي. إلا أن صبحي يري أنه كان من الأفضل أن يتم توجيه نسبة أكبر من الانفاق الإضافي إلي مشروعات التعليم والصحة من النسبة المقررة حيث إن هناك حاجة تنموية ملحة لهذه المشروعات وهي في الوقت نفسه توجد نفس محفزات النمو التي توجدها مشروعات البنية الأخري. كذلك ينتقد ضعف النسبة المخصصة للإنفاق علي الصعيد حيث يشير إلي أن الصعيد به أعلي معدلات الفقر في مصر وفي أشد الحاجة للتنمية علاوة علي أن هذه الفئات إذا ارتفعت دخولها لا تفكر في الادخار لذا فمن الانسب أن يتم التركيز علي زيادة الدخول في الصعيد لأنه سيتبعه إنفاق أكبر مما يحقق الهدف الرئيسي من الانفاق الإضافي في الموازنة وهو تنشيط السوق والخروج من حالة الركود. يشير صبحي إلي أن حديث المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة عن مواجهة آثار الأزمة المالية العالمية بسياسات كالتوجه للسوق الأفريقي غير منطقي حيث إن مثل هذه الاستراتيجيات تتطلب عدة سنوات لتنفيذها ومواجهة آثار الأزمة المالية تتطلب حلولا علي المدي القصير. كذلك يلفت إلي أن إشارة وزير التجارة والصناعة إلي طرح 500 ألف فدان لتنشيط التصنيع الزراعي يتوقف مدي تأثيره علي طبيعة هذه الأراضي ومدي توافر المياه فيها مشيرا إلي أن الحكومة لم توفق في تحقيق المستهدف من مشروعات قومية كبري كتوشكي. خطة إنقاذ فيما تري د.نهال المغربل أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الحكم علي توزيع الإنفاق الإضافي في الموازنة وكونه أقل من الحاجات التنموية في بعض المجالات يجب أن يأخذ في الاعتبار أن المبلغ في المجمل - 15 مليار جنيه - ليس مبلغا كبيرا وأنه مناسب في ضوء ارتفاع عجز الموازنة، لافتة إلي أنه قد يكون مرحلة أولي تتبعها إنفاقات إضافية أخري خلال العام المالي.