كان سونيل كاباديا يقترض بشكل منتظم من البنوك للاستثمار في اسواق الاسهم الهندية علي اعتبار ان هذه وسيلة مضمونة لصعود سلم الطبقة الوسطي مع نمو اقتصاد الهند بمعدلات تقترب من خانة العشرات. لكن حلم الثراء السريع تبدد من تهاوي المؤشر الرئيسي للبورصة الهندية إلي ادني مستوي في ثلاث سنوات الشهر الماضي لتصل خسائره في عام 2008 إلي اكثر من 50% مما اضطر كاباديا إلي نقل اسرته إلي شقة صغيرة في احدي ضواحي العاصمة. يقول كاباديا البالغ من العمر 48 عاما والذي فقد 20 مليون روبية "400 ألف دولار" في تجارة الاسهم هذا العام "سعيا وراء الثراء فقدت قوت يومي". وقد اجتذبت بريق اسواق الاسهم والسلع الاولية المزدهرة الافا من صغار المستثمرين مع نمو الاقتصاد بمعدلات تبلغ 9% أو اكثر خلال السنوات المالية الثلاث الماضية وحديث الحكومة عن رفع معدلات النمو إلي خانة العشرات. لكن مع الانهيار الحاد للبورصات فقد هؤلاء مدخراتهم واصبحوا عاجزين بل وزاهدين في الاستثمار مرة اخري. كما اضر الانهيار بالسلع الاولية حيث انخفضت اسعار السلع من زيوت الطهي إلي المعادن بنسب تتراوح بين 40 و50% خلال اربعة إلي خمسة اشهر مضت. وجاء هذا بمثابة ضربة قوية لثقة الطبقات الوسطي في الهند التي تتطلع لتحسين مستواها كما ان تقلص انفاق هذه الطبقة أثار ايضا قلق الشركات الاجنبية والمستثمرين الذين كانوا يتهافتون علي العمل في الاقتصاد الهندي الذي يبلغ حجمه تريليون دولار. وقال فيكرام بات رئيس شركة اجميرا اسوشييتس ليمتد للسمسرة في مومباي "في الوقت الحالي اصبح المستثمرون يخافون من ظلهم وسيستغرق الامر بعض الوقت قبل ان يعودوا للسوق". وكان معظم صغار المستثمرين قد اغرتهم موجة ارتفاع بدا انها لن تتوقف في سوق الاسهم حيث ارتفع المؤشر الرئيسي لبورصة بومباي إلي ستة امثاله خلال خمس سنوات حتي نهاية عام 2007 تدعمه الاموال الاجنبية. وبعد ان اشتروا حجما قياسيا من الاسهم بلغت قيمته الصافية 17.4 مليار دولار في العام الماضي مع ارتفاع السوق 47% باع كبار المستثمرين الاجانب اكثر من 13.5 مليار دولار من الاسهم في عام 2008. واصبح المتعاملون الباحثون عن الكسب السريع رمزا لتطور اقتصاد الهند واكتسب تداول الاسهم شعبية هائلة بين المستثمرين حتي انه اصبح بامكان البعض كسب رزق زهيد علي الارصفة من خلال بيع طلبات الاكتتاب في عمليات الطرح الاولي مقابل بضع روبيات "سنتات". بيد ان صغار المستثمرين اختفوا إلي حد كبير مع تهاوي السوق، ومن مستوي قياسي فوق 21200 نقطة في يناير هوي المؤشر القياسي لبورصة مومباي بشدة إلي اقل من 7700 نقطة الشهر الماضي. ورغم ان الاحصاءات تظهر ان 2.5% فقط من سكان الهندالبالغ عددهم 1.1 مليار نسمة يستثمرون في الاسهم فإن الخبراء يقولون إن عدد المستثمرين كان ينمو بشكل مطرد عندما تحولت السوق للهبوط الحاد. وقال ابيجيت تشودري مستثمر في الاسهم من مدينة كولكاتا الشرقية خسر مليوني روبية خلال شهر واحد فقط "اسعي لبيع شقتي كي اتمكن من سداد ديوني ولكن الجميع يعرفون الآن انني امر بظروف صعبة ولذا فإن العروض ليست جيدة". واضاف تشودري الذي ظل عاطلا عن العمل لسنوات قبل ان يحقق ثراء في سوق الاسهم "لقد تحطمت تماما ولن اعود ابدا لسوق الاسهم". ومع احجامهم عن الاستثمار في اصول محفوفة بالمخاطر يفضل المستثمرون الآن أمان الودائع الثابتة. وارتفعت الفائدة علي الودائع المصرفية إلي اكثر من 10% خلال شهرين إلي ثلاثة اشهر مضت. وقال فينود كومار شارما رئيس الابحاث في مؤسسة اناجرام كابيتال ليمتد "إلي ان تنتعش الاسواق مرةاخري وتصل إلي مستوي يشعر معه الناس بالارتياح فإن المستثمرين سيظلون بعيدا عن الاسواق وسيفضلون الدخل الثابت والودائع الثابتة". وخفض المحللون توقعاتهم لنمو اقتصاد الهند ولكن لايزال من المتوقع ان ينمو الاقتصاد بنحو 7% في السنة المالية التي تنتهي في مارس المقبل. ونتيجة لذلك اصبح كثير من المتعاملين والمستثمرين الذين حجزوا سيارات فارهة وشققا فاخرة بقروض مصرفية يكافحون الآن لتدبير نفقات تعليم اطفالهم أو حتي سداد فاتورة مشتريات البقالة. يقول دارميش ديف المتعامل في النحاس "كنت اقود سيارة تويوتا اينوفا ولكني الآن افضل ان استقل دراجة بخارية ذات ثلاث عجلات في طريقي للعمل". وكان يشير إلي عربات الركشة التي تعمل بمحرك صغير وتجوب شوارع الهند. ويضيف ديف قائلا: "كنت اريد شراء منزل ولكن كل رأسمالي في التجارة الآن وعلي اية حال فمثلما انهارت اسواق الاسهم فمن المرجح للغاية ان تحذو اسعار العقارات حذوها". ويقول بعض الخبراء إن اسواق الاسهم قد ترتفع بعد عام أو نحو ذلك إذا استقرت الاسواق العالمية ولكن الارتفاع سيكون في حدود 20 إلي 30% فقط فوق المستوي الحالي للمؤشر البالغ نحو 9000 نقطة. وقال تشاندرا موهان موخرجي المدير في أيس فاينانشيال سيرفسيز في كولكاتا "من غير المحتمل ان يرتفع المؤشر إلي المستوي القياسي بين 20 و21 ألف نقطة الذي بلغه في يناير نظرا لأنه من المتوقع ان يستمر تأثير الاضطراب المالي العالمي حتي بعد عام من عودة كبار المستثمرين الاجانب للسوق".