الانهيار المالي في الدول الغنية منح من الناحية النظرية الدول النامية دورا أكبر في إدارة الاقتصاد العالمي غير أن أولي الأمر الجدد يحتاجون إلي ما هو أكثر من الكلام لتحويل النظرية إلي حقيقة. وفي أول مؤشر علي مدي صعوبة تحديث الهيكل المالي العالمي ليشمل الدول النامية التي تحقق معدلات نمو سريعة مثل الهند والصين والبرازيل لم تعرض أي من القوي الاقتصادية الناشئة المشاركة في قمة مجموعة العشرين ضخ مال في صندوق النقد الدولي للتصدي للانهيار المالي. ووافقت مجموعة العشرين علي إضافة اقتصادات السوق الناشئة لمنتدي الاستقرار المالي حيث تتولي هيئات الإشراف علي القطاع المصرفي في الدول الكبري تقييم المخاطر المصرفية ومخاطر الأسواق، كما اتفقوا علي دراسة سبل منح الاقتصادات الناشئة المزيد من المقاعد في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ودعا رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في القمة التي عقدت في مطلع الأسبوع "لبدء عملية غير مسبوقة تتعاون من خلالها الدول المتقدمة والنامية". وذهب البرازيليون لأبعد من ذلك إذ أعلن وزير الخارجية ثيلزو أموريم "حلت مجموعة العشرين فعليا محل مجموعة الثماني الكبار"، وكرر الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا النصيحة الصريحة التي وجهها للغرب علي مدار سنوات مطالبا الدول الغنية بحل مشاكلها الاقتصادية. لكن ثبت في مطلع الأسبوع أن الآمال التي راودت بريطانيا واليابان وغيرهما من الدول بشأن منح الشركاء في الاقتصادات الناشئة أموالا سائلة لصندوق النقد الدولي سابقة للأوان. وصرح وزير المالية السعودي إبراهيم العساف لرويترز بان المملكة لا تنوي تقديم المزيد من المال لصندوق النقد مضيفا أن الشائعات التي ترددت في هذا الصدد غير صحيحة. كذلك لم تستجب الصين التي تقترب احتياطياتها الأجنبية من تريليوني دولار وهي الأكبر علي مدار التاريخ لدعوة رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون للدول التي تمتلك فائضا ضخما للمساهمة. كما أملت اليابان أن تتدخل الدول المنتجة للنفط وتلك التي تمتلك فائضا. وقال الرئيس الصيني هوجين تاو الذي أعلن عن خطة تحفيز محلي بقيمة 586 مليار دولار في الأسبوع الماضي "النمو المطرد والسريع نسبيا في الصين في حد ذاته مساهمة مهمة في الاستقرار المالي الدولي والنمو الاقتصادي العالمي". وحتي قبل هذه الأزمة وجهت انتقادات لهيكل مجموعة الثماني التي تضم ديمقراطيات صناعية غنية إلي جانب روسيا تصفه بأنه لا يتفق مع الواقع الاقتصادي الذي تغير عبر سنوات من النمو السريع في الصين والهند والبرازيل. وقال بعض المشاركين إن المحاولة الأولي لتجميع تلك الدول يعد تطويرا هاما للنظام القديم. وقال شين جي - يون نائب وزير مالية كوريا الجنوبية "إعلان مجموعة العشرين مفصل جدا ويركز كثيرا علي الأفعال. إذا نظرت لبيان مجموعة السبع أو الثماني فإنه يقع في خمسة أو ستة جمل لا أكثر" ولكنه اعترف بأن الإعلان تحدث عن الخطط أكثر من تناول للأفعال. وحذر خبراء من نقاط الضعف التي لا تزال قائمة في اقتصادات الدول النامية ومن بينها الاعتماد علي التصدير لأسواق الدول الغنية مما يعرضها لخطر خاص في ظل أزمة الائتمان. وأحبط تأثير الأزمة المالية التي بدأت في الولاياتالمتحدة خلال الفترة الحالية الحديث عن أن النمو في الصين "لم يعد متصلا" بسلامة الاقتصادات الغربية. ومن العقبات الأخري أمام الاستقرار في أماكن مثل أمريكا الجنوبية عبء الدين الثقيل الذي يقول محللون إنه يحول دول أن تلجأ المنطقة للانفاق المالي لتعويض تأثر النمو الاقتصادي بضعف التدفقات الرأسمالية. وتقول شيلي شيتي مديرة تصنيف الديون السيادية لأمريكا الجنوبية بمؤسسة فيتش للتصنيف في نيويورك "في أمريكا اللاتينية فإن المجال محدود للغاية لتبني سياسات مالية مهمة من شأنها التأثير علي الدورة الاقتصادية الحالية بسبب عبء الدين الاثقل". ويشك بعض الاقتصاديين الامريكيين في قدرة الصين علي ان تصبح جزءا من ازمة الائتمان العالمية حتي تتوقف عن تصعيد مشكلة الخلل في موازين التجارة العالمية نتيجة ابقاء عملتها منخفضة عن قيمتها الحقيقية لزيادة الصادرات. وقال الاقتصادي بيتر موريسي من جامعة ماريلاند "المساهمة الاساسية للدول النامية في الفوضي الحالية والسبب الرئيسي للخلاف معها هو أسعار الصرف التي تقل عن قيمة العملة الحقيقية". وقال: حتي تبدي الصين وغيرها من الدول استعدادا لوقف التدخل يمكن ان نضم اربعة اعضاء صينيين لمجلس الشيوخ الامريكي دون ان يسهم ذلك في تحقيق الاستقرار في السوق.