تراجعت الحكومة عن تصريحاتها بأن مصر بعيدة تماما عن تأثير الأزمة المالية العالمية وعكس هذا التراجع ما أعلنته الحكومة علي لسان رئيسها والمجموعة الاقتصادية بأنه سيتم تدبير 15 مليار جنيه ستضخ لمواجهة الأزمة المالية العالمية. والسؤال المطروح من أين يتم تدبير هذه المليارات؟ وإلي أي القطاعات سيتم توجيهها؟ هل إلي التوسع في الانفاق الاستثماري للحكومة خاصة للاسكان والطرق والرعاية الصحية والمناطق الصناعية الجديدة وتطوير العشوائيات الأكثر خطورة وهذا ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء؟ أم ستوجه إلي المستثمر المحلي ودعم التصدير كما أعلن وزير المالية؟ وفي النهاية ما تأثير ذلك علي عجز الموازنة والبرنامج الذي تنفذه وزارة المالية لخفض هذا العجز الي 3% من الناتج المحلي عام 2011/ 2012. يلفت الدكتور صلاح الجندي استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة الي ضرورة دعم القطاعات التي سوف تتأثر بهذه الأزمة وكثير من القطاعات الاقتصادية سوف تتأثر بالتأكيد كالسياحة والتصدير وتجارة الخدمات وبالتالي فإن تلك القطاعات أولي بالرعاية ويجب توفير الدعم اللازم لها في حين ان الاستثمار الحكومي تم رصد حوالي 26 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي 2008/2009 خاصة وان القطاع الخاص يشارك في هذه الاستثمارات بأكثر من 70% أما دعم التصدير فهذا يعني مزيدا من الانتاج وتوليد مزيد من فرص العمل وبالتالي زيادة في معدلات النمو الحقيقي أو علي الأقل ثبات المعدل الحالي للنمو. ويشير الدكتور صلاح الجندي الي ان توفير 15 مليار جنيه سوف يزيد تأزم عجز الموازنة بالتأكيد ولكن الهدف الذي سوف يوفر من أجله هذا الرقم يستحق حيث ندعم المستثمر المحلي ورجل الأعمال الوطني في ظل التأثير السلبي للأزمة العالمية وانكماش الاستثمار الاجنبي مؤكدا ان عجز الموازنة خارج السيطرة منذ العام المالي 2004/2005 حيث كان يصل الي 9.6% من الناتج المحلي الاجمالي ووزارة المالية تنفذ برنامجا طموحا لتخفيض هذا العجز ليكون في حدود المتفق عليه في جميع الدول كنسبة لا تعيق النمو من الناتج المحلي الاجمالي. دعم التصدير ويتفق مع ما سبق الدكتور محمد حلمي الخبير الاقتصادي في ضرورة دعم التصدير في مواجهة الركود الذي يصيب الدول المستوردة للمنتجات المصرية وكذلك ضخ هذه النفقات في دعم المستثمرين المصريين. لكنه حذر في نفس الوقت من التضخم الشديد الذي سيصيب عجز الموازنة حيث ستؤدي كل الأمور الي تفاقم عجز الموازنة حيث إن الركود سيؤدي الي تحقيق أرباح أقل في بعض القطاعات الي خسارة وبالتالي انخفاض الايرادات الضريبية ونقص في الموارد العامة للدولة وكل ذلك في النهاية يزيد من حدة العجز والحل في دعم القطاعات الانتاجية والتصديرية للابقاء علي معدل نمو معقول حتي الخروج من الأزمة. ونبه الدكتور حلمي الي ان العلاج يكمن في ان نتجه الي الأسواق العربية ونفعل الاتفاقيات المؤجلة وغير السارية فيما بين الدول العربية بعضها البعض ونقتدي بالدول المتقدمة في ذلك وان تجتمع الحكومات العربية كذلك لتفعيل اتفاقيات التعاون كاتفاقية التعاون الاقتصادي العربي والسوق العربية المشتركة التي ماتت خاصة ان هناك مؤتمر القمة الاقتصادية العربية خلال يناير القادم وليس هناك مناسبة أفضل من ذلك مطالبا بضرورة جذب الأموال العربية للاستثمار في داخل المنطقة العربية خاصة بعد ما أصابها من خيبة آمال في الأسواق العالمية الخارجية. ويؤكد الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد عميد تجارة بأكاديمية السادات فإن ال15 مليار جنيه سوف تزيد من العجز خاصة انه تم الأخذ في الحسبان الظروف الاقتصادية السائدة عند وضع الموازنة الحالية وتم بالفعل دعم بعض القطاعات المهمة منها بعض القطاعات التصديرية والمناطق الصناعية فأي موازنة عند وضعها وإقرارها لدولة ما يوضع صانعها في اعتباره احتمالية التغيير والظروف المحيطة وكذلك ماذا يفعل في حالة حدوث انخفاض في الايرادات العامة وتعكس ذلك وتؤكده الموازنة الحالية. ويري الدكتور عبدالمطلب ضرورة توجيه هذا الانفاق الي المشروعات العامة والاستثمار الحكومي في المشروعات التي تحتاجها بعض القطاعات كالطرق خاصة اللازمة لبعض المناطق الصناعية في المحافظات والبنية الأساسية المطلوبة في تلك المناطق أيضا أو العشوائيات التي أصبحت تمثل خطورة علي حياة المواطنين وتقع الكوارث بسببها في أوقات غير مؤهلة فيها الخزانة العامة لتحمل تكاليفها مطالبا بضرورة التعلم من الدروس المستفادة من الأزمة وطرق معالجتها لنخرج بحلول نتفادي بها حدوث أزمات أخري.