تسابق المسئولون منذ أن بدأت تداعيات الأزمة العالمية بإلقاء ظلالها على الاقتصاد، فى الإعلان عن مخصصات حكومية لمواجهة هذه التداعيات، فأعلن نظيف عن ضخ 15 مليار جنيه لمشروعات البنية التحتية، ثم تبعه محمود محيى الدين وأعلن عزم الحكومة ضخ 7 مليارات جنيه للمناطق الاستثمارية الجديدة والقائمة، بينما كانت هناك تصريحات لرشيد محمد رشيد وزير التجارة بتخصيص دعم يصل إلى 150 جنيهاً لكل قنطار قطن، بالإضافة إلى 30 مليون جنيه لدعم مزارع الألبان. المشكلة أنه حتى الآن لم تنفق الحكومة جنيهاً واحداً من تلك المبالغ، فى حين أكد البعض أن كل ذلك مجرد وعود للاستهلاك المحلى فقط وأن الحكومة لن تستطيع تدبير هذه المبالغ نتيجة لانخفاض الموارد السيادية للدولة، إلا أن آخرين أكدوا أن موارد هذه المبالغ موجودة بالفعل متمثلة فى فروق الدعم، وتوفير مبالغ كبيرة كانت تدفعها الحكومة للاستيراد بعد انخفاض الأسعار العالمية. الخبراء انتقدوا أداء الحكومة فى مواجهة تداعيات الأزمة على الاقتصاد وعدم التنسيق بين الوزارات، مشككين فى قدرتها على الوفاء بوعودها، حيث أكدوا أن ما أعلنت عنه الحكومة مجرد تصريحات وردية دون أن يكون هناك خطة تفصيلية عن هذه الأرقام. وأكد الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، أن الحكومة تستطيع بسهولة تدبير المبالغ التى أعلنت عنها للتخفيف من حدة الأزمة، عن طريق ما تم توفيره جراء انخفاض أسعار القمح، والبترول، حيث كانت الحكومة تنفق 128 مليار جنيه لدعم الغذاء والطاقة وأن ما تم توفيره نتيجة فروق الأسعار تستطيع ضخه فى المشروعات التى أعلنت عنها، خاصة وأن الحكومة استطاعت توفير 5 مليارات جنيه من دعم الغذاء، و17.5 مليار من المواد البترولية بعد تراجع أسعارها بإجمالى 22.5 مليار جنيه. لافتاً إلى امتلاك الحكومة موارد أخرى تستطيع من خلالها توفير المبالغ المقررة، ومنها رسوم التقاضى، وضريبة المبيعات إلخ. وحذر النجار من تباطؤ الحكومة فى تدبير تلك الأموال، مؤكداً أنه إذا لم تسارع الحكومة بضخ من 15 إلى 30 مليار جنيه فى الوقت الحالى ستحدث كارثة أخرى مثيلة فى مصر، خاصة وأن العالم يواجه حالة من الركود والكساد، بالإضافة إلى زيادة الطلب الكلى فى الاقتصاد، وأنه لابد من ضخ أموال للاستثمار فى مشروعات جديدة لمواجهة حالة الركود وشبه النجار الاقتصاد بالسيارة العاطلة التى يجب على الحكومة إعطائها "دفعة" حتى تعاود السير مرة أخرى. وانتقد النجار لجوء الحكومة إلى ضخ 15 مليار جنيه فى البنية التحتية، مؤكداً أنها ستؤدى إلى خلق كارثة جديدة وبلاء على مصر، حيث إن مشروعات البنية التحتية ستؤدى إلى خلق حالة من التضخم وارتفاع أعداد البطالة، مفسراً ذلك بأنه فى حالة بناء كوبرى أو رصيف مثلاً سيقوم من يتولون العمل بتلك المشروع بالحصول على عائد كبير، الأمر الذى سيساعد على زيادة القوى الشرائية نتيجة الأجور فى وقت ينخفض فيه الإنتاج المحلى، وتسرح أعداد كبيرة من العمالة. وطالب النجار الحكومة بضرورة توجيه تلك المبالغ إلى تطوير عمليات الإنتاج الصناعى والزراعى، خاصة وأن تلك المشروعات تساعد خلق فرص للتشغيل، لافتاً إلى أن المصانع بدأت بالفعل تسريح العمالة بدءاً من يناير الماضى. فيما أكد يسرى قطب رئيس شركة يونيفرسال للأجهزة الكهربائية، أن الحكومة لابد أن تسارع فى ضخ الأموال التى أعلنت عنها، خاصة وأن كل دولار يتم إنفاقه يعود بنسبة 30% على الحكومة من تشغيل وعائد استثمارى مباشر وغير مباشر من المشروعات القائمة. وقال قطب، إن هناك حالة من التباطؤ من قبل الحكومة فى صرف الأموال التى أعلنت عنها لمواجهة تداعيات الأزمة المالية، حيث لم تصرف سوى 2.2 مليار للمساندة التصديرية، وتنمية الصادرات، وأكد قطب أن الحكومة لم تتعامل مع الأزمة بشكل جيد وكان لابد أن تكون هناك وسائل أخرى للعلاج من خلال دعم أسعار الطاقة وتخفيض الجمارك على المواد الخام إلى أن تصل لزيرو جمارك، وزيادة المساندة التصديرية بنسب أكبر من النسب المقررة، بالإضافة إلى قيام البنوك بتخفيض أسعار الفائدة على المشروعات الصناعية.