لقد كان هناك من يأمل أن تنجو أوروبا من الاضطرابات العنيفة التي تجتاح "وول ستريت"، ولكن الأيام الأخيرة حملت إلي هؤلاء الكثير مما يثير خيبة الأمل.. فالأسواق الأوروبية قد زلت أقدامها ومؤشر إنفاق المستهلكين هبط إلي أدني مستوي له منذ عام 2001 في كل دول منطقة اليورو، كما هبطت ثقة رجال الأعمال أيضا علي نحو غير متوقع وتشير الأرقام كما تقول مجلة "الايكونوميست" إلي أن أوروبا ربما تكون قد دخلت بالفعل مرحلة الركود الاقتصادي وأصبح السؤال هو عن مدي عمق هذا الركود وطول المدة التي سيستغرقها. وإجابة هذه الأسئلة كلها ستتوقف دون شك علي أكبر اقتصادين في منطقة اليورو وهما ألمانيا وفرنسا. ويشعر الألمان انهم محزونون ومضطهدون.. ففي حين كان الآخرون يعيشون علي الائتمان الرخيص والفقاعات المتفجرة، كان عليهم أن يتمسكوا بالقيم الاجتماعية ولكن ارتفاع الأجور أفقد اقتصادهم قدرته التنافسية. لقد حقق الاقتصاد الألماني فائضا في العام الماضي، وازدهرت الصادرات وعمليات الاستثمار علي نحو مكن اقتصاد ألمانيا من تحقيق أفضل معدل نمو منذ التسعينيات. وفجأة تبدد كل شيء بسبب عوامل خارجية خصوصا أن زيادة أسعار المساكن كانت عنصرا مساهما في انتعاش منطقة اليورو، ولم يكن ممكنا أن تنجو ألمانيا بمفردها. ولاشك أن الصادرات كانت سببا فيما أصاب الألمان أخيرا.. فالصادرات أسهمت بنصف ما حققه الاقتصاد الألماني من معدل للنمو بلغ 5.2% ولكن الطلبيات الخارجية علي السلع الألمانية هبطت بنسبة 4.3% في العام الأخير حتي نهاية يونية الماضي. ومع انحسار البطالة وارتفاع الأجور كان الأمر الطبيعي أن يرتفع إنفاق المستهلكين، ولكن هذا لم يحدث، لأن الحكومة امتصت هذه الزيادات عن طريق رفع ضريبة القيمة المضافة في عام 2007.. وعانت ألمانيا، فوق ذلك، مما حدث هذا العام من ارتفاعات في أسعار الطعام والوقود. وانخفض الاستهلاك الخاص في ألمانيا للعام الثاني علي التوالي كما أن البطالة سرعان ما ستعود للارتفاع. وبعد أن حقق الاقتصاد الألماني نموا بلغ 5% سنويا في الربع الأول من 2008 عاد لينكمش في الربع الثاني وربما ايضا في الربع الثالث. ومعظم التوقعات تشير إلي نمو ألماني محدود جدا في العام القادم 2009.