حالة من الضباب والغيوم سيطرت علي أسواق الصرف العالمية خلال الفترة الماضية، وفي الوقت الذي توقع فيه البعض أن تطول هذه الغيوم اليورو بسبب اندلاع احداث فرنسا وتخوفات من امتدادها لدول أوروبية أخري، فان هذه الحالة امتدت لعملات رئيسية أخري علي رأسها الدولار، ودعت هذه الحالة البنوك المصرية إلي التأني في اتخاذ قراراتها الاستثمارية الخاصة بالمتاجرة في العملات الأجنبية. فعلي مستوي الدولار فقد تأرجح قرب أعلي مستوي منذ عامين مقابل اليورو الأوروبي نهاية اسبوع تعاملات الاسبوع الماضي مع تجاهل المستثمرين لبيانات اظهرت ارتفاع العجز التجاري الامريكي الي مستوي قياسي في سبتمبر ودفعت العملة الامريكية للصعود. وعجز اليورو الأوروبي عن الاستفادة من بيانات التضخم في أسعار المستهلكين بألمانيا في شهر اكتوبر والتي اظهرت ان التضخم اقل بكثير من التقديرات السابقة. من ناحية أخري ارتفع الين الياباني عن أدني مستوياته منذ نحو عامين أمام الدولار في اعقاب تقرير اظهر ان الاقتصاد الياباني نما بمعدل اسرع قليلا من المتوقع في الربع الثالث من العام الجاري اذ سجل معدل نمو سنويا يبلغ 1.7% بينما كان المتوقع ان يسجل 1.2%. وتعد هذه احدث احصاءات تظهر ان انفاق المستهلكين يساعد اليابان علي تحقيق انتعاش مطرد بعد ركود استمر نحو عشر سنوات وتراجع الاسعار لفترة تقترب من ثماني سنوات لكن التوقعات الايجابية لم تدعم الين. وفي المقابل ارتفع الدولار تدعمه توقعات باستمرار ارتفاع فارق أسعار الفائدة لصالحه مما دفع مزيدا من صناديق الاستثمار لتحويل استثماراتها إلي العملة الامريكية وخاصة علي حساب اليورو الأوروبي. وطبقا لتأكيدات محللين دوليين فانه منذ بداية العام الحالي انخفضت العملة الأوروبية بنحو 14% مقابل العملة الأمريكية، وتراجع الدولار بنسبة 0.14% إلي 117.80 ين لكنه ظل قريبا من سعر 118.38 ين الذي سجله الاثنين الماضي وكان أعلي مستوي منذ اغسطس عام 2003. وكان الدولار قد تعرض لخسائر طفيفة الخميس الماضي بعد ان اظهر تقرير اتساع العجز التجاري الامريكي الي مستوي قياسي في سبتمبر 2005. وقفز اليورو في البداية مقابل الدولار وبلغ 1.1798 دولار عقب صدور البيانات مباشرة من حوالي 1.1770 دولار قبل ذلك، لكن سرعان ما تقلصت مكاسب اليورو، ووصل إلي 1.1780 دولار وهبط الدولار أمام الين ليصل إلي حوالي 117.55 ين مقارنة مع نحو 117.60 ين قبل البيانات بقليل.وكانت الحكومة الامريكية قد أكدت ان ارتفاع اسعار البترول الي مستويات قياسية في اعقاب اعصار كاترينا وانخفاض الصادرات الاجمالية ساهم في دفع العجز التجاري الامريكي الي مستوي قياسي مسجلا 66.1 مليار دولار في سبتمبر ليتجاوز الرقم القياسي السابق الذي بلغه في فبراير وهو 60.4 مليار دولار وجاء العجز التجاري القياسي اكبر بكثير من متوسط توقعات اقتصاديي وول ستريت بعجز حجمه 60.0 مليار دولار. أما بالنسبة لسعر صرف الجنيه الاسترليني فقد استقر قرب أعلي مستوي منذ أربعة اشهر مقابل اليورو الأوروبي الجمعة الماضية واستقر مقابل الدولار الامريكي بينما تترقب السوق مؤشرات جديدة علي اتجاهات أسعار الفائدة في بريطانيا. وأبقي بنك انجلترا المركزي علي أسعار الفائدة دون تغيير عند 4.5 الخميس الماضي لكن الأسواق المالية تترقب خطوة البنك التالية بعد ان خفض الاسعار للمرة الأولي منذ عامين في اغسطس الماضي لتحفيز النمو. وتعرض اليورو لضغوط في الأيام الاخيرة وانخفض امام العملة الامريكية لأدني مستوي في عامين وسط مؤشرات متضاربة من البنك المركزي الأوروبي حول توقيت زيادة محتملة في أسعار الفائدة. وفي آسيا استمر الدولار في تحقيق مكاسب مقتربا من أعلي مستوي له في عامين مقابل اليورو والين مع توقع المحللين استمرار انتعاش العملة الامريكية لتحقق مزيدا من المكاسب في الايام القادمة. واصلت العملة الامريكية صعودها الحاد مدعومة باتساع الفارق في اسعار الفائدة لصالح العملة الامريكية. وأدت حملة البنك المركزي الامريكي التي مضي عليها 16 شهرا لزيادة اسعار الفائدة الي ارتفاع اسعار فائدة ليلة واحدة إلي أربعة في المائة، ومع توقع ان يستمر المجلس في رفع أسعار الفائدة فإن المستثمرين تحولوا علي نحو متزايد إلي شراء الدولار. وفي المقابل اضعفت من معنويات المستثمرين بشأن اليورو حوادث الشغب الواسعة في فرنسا والضغوط من وزراء المالية وكبار رجال الأعمال في منطقة اليورو حتي لا يرفع البنك المركزي الأوروبي اسعار الفائدة.