يغدو الشيخ ولد محمد صباحا ويروح مساء إلي متجره المتواضع بسوق العاصمة الموريتانية نواكشوط وهو يحمل معه آمالا بتحسين الاوضاع المعيشية، ومخاوف من تفاقم الاحوال بعد انقلاب السادس من الشهر الماضي. الاحداث التي شهدتها بلاده جعلت منه متابعا للاحداث السياسية، فيحمل مذياعه باستمرار، ويواظب علي متابعة التطورات، يتوقف بشكل خاص عند الضغوط الغربية علي بلاده وبشكل اخص عند التلويح بالعقوبات الاقتصادية. رغم ان الحدث سياسي فإن الهاجس الاقتصادي حاضر بقوة، مؤثر بشدة في بلد يعيش اكثر من نصف سكانه تحت عتبة الفقر الشديد بحسب الارقام الرسمية، ويستورد قرابة 80% من حاجاته الغذائية من الخارج. ضغوط الخارج علي القادة الجدد، والتلويح بالعقوبات باتت حديث الناس، والخشية من المجهول بالنسبة للبعض صارت سمة اساسية لمرحلة ما بعد السادس من اغسطس. المرحلة المقبلة الانقسام في المشهد السياسي يوازيه انقسام ايضا في الشارع الموريتاني، وفي آراء المحللين الاقتصاديين بخصوص معالم المرحلة القادمة. في حين يري الخبير رياض أحمد الهادي ان البلد مقبل علي عزلة سياسية واقتصادية ستكون لها "نتائجها الوخيمة" علي محمل الاوضاع الاقتصادية، يعتقد الخبير واستاذ الاقتصاد بجامعة نواكشوط عبدالله ولد أواه ان "رسائل" الحصار والضغوط التي تبعث من هنا وهناك ليست إلا "فقاعات" إعلامية ستنطفئ وتتلاشي قريبا. ويجزم ولد أواه ان تلك الضغوط ليست جدية معتقدا ان هدفها سياسي بالدرجة الأولي وان أصحابها يهدفون إلي أمرين: أحدهما انتزاع تنازلات سياسية من القادة الجدد تتمثل أساسا في تحديد أجندة واضحة وتنظيم انتخابات شفافة وثانيهما منع تكرار ما حدث في بلدان افريقية أخري للغربيين فيها مصالح يخشون عليها من مخاطر الاضطرابات السياسية. بيد ان ولد أحمد الهادي يؤكد ان كل المؤشرات تدل علي جدية الغربيين في حصار حكام نواكشوط بسبب ان نفس العسكريين سبقوا وأن قدموا تعهدات مماثلة عام 2005 بعد اسقاطهم لنظام ولد الطايع وهو ما يجعل الطرف الغربي هذه المرة حازما. كما يتوقع ان تتميز المرحلة القادمة بحالة ركود اقتصادي شديد وعجز بالموازنة العامة وهبوط بقيمة العملة المحلية كما ستشل أغلب المشاريع التنموية بالبلاد صحيح ان الحكومة الحالية ستبقي في الحد الأدني قادرة علي تسيير الأمور الجارية بسبب عائدات النفط التي تبلغ شهريا نحو 5 أو 6 أو 7 مليارات أونصة "الدولار =230 أونصة تقريبا" لكن صحيح ايضا ان المشاريع التنموية لن تتقدم خطوة للأمام.