"اخطر ما في الزواج هو تلك اللحظة التي تفتش فيها الزوجة في المظهر الذي دخل به زوجها مساء بعد يوم عمل طويل. فهذه النظرة قد توقظ في اعماق الزوج الاحساس بأنه ارتكب مغامرة ما، او صرف قدرا زائدا من النقود، او اهمل في شراء ما اوصته به الزوجه. ان الزوج العائد من العمل هو باحث عن رحم يحميه من متاعب يوم طويل". هذا ما حدثتني به الطبيبة النفسية وصديقة عمري كلوديا بلاك من تامبا بولاية فلوريدا الامريكية، فضحكت قائلا: تحدثيني عن المشكلات التي تعالجينها في عيادتك النفسية وتنسين التعليق علي ما يحدث في انتخابات الرئاسة الامريكية، سواء ماكين او أوباما، او النائب بايدن الذي تقول في حقة كونداليزا رايس كلمات إعجاب. قالت: ان مؤسسة الزواج في الولاياتالمتحدة هي أكبر المؤسسات الصغيرة التي تتعض للهدر تحت وطأة ظروف عمل قاسية يواجهها رب الأسرة، او تواجهها المرأة المطلقة، او تواجهها المرأة التي لم تتزوج وترغب في تحقيق حلم الاسرة الصغيرة. وهذا هو أهم ما في أجندة الطبيب النفسي. واضافت: من الصحيح ان المواطن الامريكي الذي يشعر طوال الوقت بأنه غير محتاج إلي العالم، صارت الآن عيونه معلقة علي سعر البترول، وعيونه معلقة علي بيت جاره الذي له ابن او قريب موجود في العراق او افغانستان. وصار يحاول سبر غور السياسة الخارجية، ويتساءل: "لماذا استيقظت روسيا من نومها الطويل؟ وهل عادت الأمبر السوفيتية من جديد من خلال الحرب مع جورجيا، واعادة جسور الصداقة مع سوريا؟ ولكن علي الرغم من ذلك فالانسان الامريكي يبحث عن حياة تليق به، وهو الأمر الصعب في ظل المطاردات غير العادية لعذاب الفواتير اليومي والاسبوعي والشهري، ومن خلال الارتفاع المفاجيء في اسعار كل شيء دون ان يقابل ذلك ارتفاع مناسب في الاجور. ولذلك يحاول الزوج - غالبا - ان يزيد من ساعات عمله كي يحصل علي المقابل المادي. وآه من لحظات ازدحام المرور، حيث يمكن للسيارة ان تستهلك الكثير من البترول. عادة ما تكون السيارة هي رمز لمكانة اجتماعية، ولذلك يفضل الامريكيون السيارات الكبيرة الفخمة ويبتعدون عن السيارات الزهيدة الثمن او القديمة. وحيث يعود الزوج إلي المنزل ليجد الزوجة التي تفتش بعيونها عن آثار السكرتيرة الحسناء، او زميلة العمل المطلقة حديثا، فالمسألة تصل إلي حد الصراخ من الزوج، وغالبا ما ينقلب الصراخ إلي معركة، ومن المعركة إلي البحث عن الانفصال. وكل ذلك لان الزوج المحمل بالضغوط يلتقي بزوجة مزدحمة بعدم الثقة بالنفس، وتكن النتيجة حالة في العيادة النفسية، ويصبح ترميم الزواج مسألة مهمة تحتاج اثنتي عشر جلسة من التواجد في العيادة النفسية. وكعادتي دائما ما انهي حواري مع صديقتي كلوديا بلاك قائلا:رزق الهبل علي المجانين.فتوجه لي الدعوة كي ارحل من القاهرة إلي تامبا، كي تؤكد لي ان الهبل يوجد في عدم اعطاء فرصة للرجل ليعبر عن مخاوفه للزوجة، وان الزوجة تتوهم ان زوجها مصدر طمع من أخريات، وهو لن يكون كذلك ان لم تعطه هي لغيرها. وأؤكد لكلوديا مرة أخري ان عملها ودخلها الذي يزيد علي المليون دولار في السنة يأتي من الهبل والمجانين، فتوافقني، لتضيف:ورغم ذلك فأنت لا تستغني عن صداقتي وانا لا استغني عن تريقنك فهيا تعالي بسرعة، وسأفهمك بأسرع مما تفهمك زوجتك.