لا شك أن ظاهرة الاحتباس الحراري والتغييرات المناخية التي صاحبتها من ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية وانتشار معدلات الجفاف أن تصبح خيارا صعبا أمام الحكومات التي عقدت العزم علي مكافحة الظاهرة ومعالجة مشكلة ارتفاع تكاليف المعيشة لأن الإجراءات التي تتخذ لمواجهة التغيرات المناخية غالبا ما تؤدي إلي تضخم تكاليف الطاقة حيث يزيد هذا من أسعار الوقود الاحفوري ويشعل فواتير الغذاء من خلال استغلال الأراضي الزراعية لإنتاج وقود متجدد. يقول جوزيف ستيجليتز الخبير الاقتصادي الحاصل علي جائزة نوبل "هذا المكون المهم من الاقتصاد العالمي الغذاء والطاقة تعرض لتشويه بالغ بسبب تسعير المياه والهواء الخالي من الكوبون بأسعار أقل من أسعارها الحقيقي وبالتالي فإن ارتفاع أسعار الغذاء في ظل مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري يصبح أمرا لا مفر منه". وأضاف: ستيجليتز أن خفض الدعم الامريكي والأوروبي للزراعة والوقود الحيوي سيؤدي إلي خفض أسعار الغذاء لكن ليس هناك أي بديل عن الضرائب علي الوقود الاحفوري مثل النفط لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. تقول صحيفة وول ستريت إن أسعار النفط القياسية أثارت احتجاجات واضطرابات في الشوارع في أوروبا وسببت حالة من عدم الارتياح في أمريكا والهند ويهدد هذا الدعم اللازم لمكافحة التغير المناخي. وقال هارلان واتسون كبير المفاوضين الأمريكيين في قضية التغيرات المناخية إن تباطؤ الاقتصاد واحتمال ارتفاع أسعار البنزين "بشكل مفاجيء" سبب حالة من التوتر للأمريكيين خاصة في ظل الشكوك المحيطة بالمزايا المستقبلية التي ستعود من جراء تخفيف حدة ظاهرة الاحتباس الحراري. وتهدف السياسات المناخية إلي خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون والناتجة من حرق الوقود الاحفوري لكن شركات المرافق تحمل التكاليف الإضافية من زيادة الضرائب علي الكربون وتصاريح الانبعاثات وتوفير الطاقة الشمسية الباهظة الثمن علي المستهلك. ويقدر بير ليكاندر المحلل في "يو بي اس" أن خطة الاتحاد الأوروبي لتبادل حصص الانبعاثات تمثل ما بين 15 و20% من أسعار الطاقة الأوروبية واسهمت سياسات الطاقة المتجددة بنحو 2% لكن من المنتظر ارتفاعها بسرعة في ظل أهداف الاتحاد التي تتسم بالطموح. ويقول علماء بالامم المتحدة وخبراء اقتصاديون بارزون مثل نيك ستيرن إن تكلفة مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري علي النمو السنوي ستبلغ كسوراً من المئة لكن هذا سيصل إلي متوسط علي المدي الطويل يكون له أثر أكبر عاجلا وليس آجلا. وتؤثر التغيرات المناخية علي الغذاء بطريقتين إما مباشرة من خلال أحداث حالات الجفاف الاستثنائية أو من خلال رد فعل سياسي لتحويل المحاصيل الغذائية إلي وقود حيوي مثل الايثانول لأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عنه أقل من تلك الناتجة عن البنزين وهذا هو الهدف من إنتاجه. ويمكن أن يرفع التغير المناخي من أسعار الفواتير المستحقة علي الاسر من خلال المياه وزادت "المناطق الشديدة الجفاف" إلي أكثر من الضعف منذ سبعينيات القرن الماضي وفقا لتقرير نشرته مؤسسة سيتي في يناير الماضي. والنتيجة ستكون انفاق المؤسسات التجارية مزيدا من المال لزيادة الامدادات من خلال محطات لتحلية مياه البحر وتركيب أنابيب جديدة أو خفض الطلب من خلال عدادات المياه وهي التكاليف التي قد يحملونها علي المستهلكين.