اليهود كالعادة يبحثون عن أي "أموال من الهواء" وأدمنوا الحصول علي تعويضات. اليهود المصريون فتشوا في أوراقهم القديمة وادعوا إن لهم أملاكاً في مصر وتركوها "قسراً" بعد هجرتهم إلي إسرائيل ولاسيما بعد قيام ثورة يوليو ويريدون تعويضات حول هذه الاملاك، مصر من جانبها ردت بشكل غير رسمي وطالبت بتعويضات عن المعادن والاثار المنهوبة وبراميل البترول التي استولت عليها إسرائيل وقت إن كانت تحتل سيناء خبراء أكدوا أن إسرائيل تحاول الضغط بورقة التعويضات كي تغطي علي حق العودة الفلسطيني هناك من أكد أن تل أبيب ليس لها الحق في أية ممتلكات لها في مصر خاصة محلات عدس وشيكوريل وغيرها لأن الحكومة وضعت يدها عليها للتقادم بعد مرور أكثر من 15 عاما عليها اليهود حاولوا إثارت القضية من خلال مؤتمرات بالتقادم فيها ويكون ظاهره الالتقاء في موطنهم الاصل وباطنها اثارة المزاعم حول ممتلكاتهم "الوهمية" فللمرة الثانية قامت الحكومة المصرية بإلغاء مؤتمر قام بتنظيمه اليهود المصريون للمطالبة باستعادة ممتلكاتهم التي تركوها في مصر عند رحيلهم منها في أعقاب حرب 1948 ثم بعد قيام ثورة يوليو عام 1952 والعدوان الثلاثي عام 1956. كان المؤتمر الأول سيعقد عام 2006 وعندما ألغي اضطروا لتنظيمه في حيفا في نفس العام تحت رعاية كلية الدراسات الشرقية في إسرائيل وحضره 350 يهودياً مصرياً من 15 دولة والمؤتمر الثاني كان من المزمع عقده من 25 حتي 29 مايو الحالي ولكن كان من المنطقي إلغاؤه. وبالنظر إلي أوضاع اليهود في مصر في بداية القرن العشرين نجد أنهم كانوا من أكبر الطوائف اليهودية في العالم العربي وأكثرهم ثراء ونفوذا وتعليما كما كانوا من أكثر الطوائف اندماجا داخل المجتمع المصري وقد بلغ عددهم حوالي مليون، و978 في فترة قيام إسرائيل عام 1948 وقد تمكن بعضهم من تقلد أعلي الوظائف حيث تمكن قطادي باشا أن يكون وزيرا للمالية ثم للنقل والمواصلات بعد ثورة ،1919 كما كان عضوا في مجلس النواب وقد كانت زوجته الوصيفة الخاصة لمملكة نازلي كما برزت في عالم التجارة والأعمال اسماء شهيرة مثل فيلكس وهنري وموصيري، وعدس وقطاوي وسوارس وسموحة ورولو وسرسقة وشيكوريل. كانت علاقات الود تسود بين المسلمين والمسيحيين واليهود حيث يجاملون بعضهم بعضا ونري ذلك بوضوح في أفلام نجيب الريحاني ومحمد فوزي حيث لا يجد البطل غضاضة في الارتباط بفتاة يهودية في فيلم "فاطمة وماريكا وراشيل". فما حقيقة الممتلكات اليهودية في مصر؟ ولماذا المطالبة بها الآن؟ وموقف القانون الدولي والقانون المصري بشأن تعويض يهود مصر عن ممتلكاتهم؟ د.أحمد فؤاد أستاذ اللغة العبرية بالكليات العسكرية والخبير في الشئون الاسرائيلية يؤكد أن هذه الضجة المتعلقة بإثارة تعويضات اليهود المصريين آتية من داخل إسرائيل وليس من أبناء الطائفة اليهودية في مصر والذين يقل عددهم عن 70 فردا معظمهم من المسنين ويتزعم هذه الدعوة مائير كوهين وقد كان متحدثا رسميا باسم السفارة الاسرائيلية في مصر وكذلك الشاعرة عاداة أهاروني وكلاهما ولدا في مصر وقد حاولا الترويج للفكرة في مصر بأساليب غير قانونية ويضيف فؤاد أن يهود مصر ما كانوا ليتوانوا عن رفع دعاوي قضائية لاسترداد ممتلكاتهم لو كان لهم حقوق بالفعل حيث أثبت التاريخ كما يقول فؤاد إن العقود الاربعة الأولي من القرن ال20 كانت من أزهي العصور التي عاشها اليهود في مصر. ويشير فؤاد إلي أن اليهود قرروا تصفية أعمالهم وبيع متاجرهم وممتلكاتهم قبل هجرتهم الطواعية من مصر وقد توزعوا بين الولاياتالمتحدة ودول أوروبا واستراليا والأقلية الفقيرة منهم توجهت إلي إسرائيل وكانوا الأقل تعليما وبدون جنسية. يودعم فؤاد رأيه بذكر عبارة وردت في رواية لإحسان عبدالقدوس قال فيها "إن اليهود طردوا أنفسهم" وأنهم لم يختطفوا ولكنهم اختاروا إسرائيل، ومن حق كل إنسان أن يختار السفير المصري السابق في إسرائيل حسن عيسي يصف يهود مصر داخل إسرائيل قائلا: إنهم أكثر الجنسيات اليهودية ارتباطا بمصر حيث يحرصون علي الالتقاء بشكل دوري، والاستماع لأغاني أم كلثوم وعبدالوهاب ويصل عددهم إلي 700 فرد. ويضيف عيسي أن هذا الارتباط بالوطن الأم دعاهم إلي تشكيل لجنة لحصر الممتلكات وقد اطلعوني علي قائمة ضمت بنزايون، وعدس وداوود وشملا، وبعض العقارات والقصور والمعابد موضحا أن ذلك كان عام ،1982 إلا أنني طالبتهم بضرورة أن يتم ذلك بطريقة تبادلية، فنحن أيضا لنا الحق في استرداد ما تم استغلاله من بترول خليج السويس منذ يونيو1967 حتي أبريل ،1982 وكذلك استرداد الآثار المسروقة من سيناء. تعويضات عن البترول ويتفق معه وحيد الأقصري رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي في ضرورة الحصول علي تعويضات عن البترول والمعادن المستغلة في سيناء مشيرا إلي أنه لا يمانع في عودة اليهود المصريين بشرط عودة اللاجئين الفلسطينيين. ومن جانبه أشار أستاذ محمد بسيوني السفير المصري السابق في إسرائيل إلي حقيقة وجود ممتلكات يهودية في مصر لا يمكن تحديد قيمتها الآن مشيرا إلي أنه لن يتم الحديث عن ذلك إلا بعد التسوية الشاملة للقضية الفلسطينية، وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. إلا أن د/ عماد جاد خبير الشئون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية يرجع أسباب إثارة هذه القضية الآن إلي محاولة التغطية علي الحديث المتكرر عن عودة اللاجئين مؤكدا علي أن إسرائيل قد طالبت كل الدول العربية بنفس المطلب وليس مصر فقط. وأشار جاد إلي أن الورثة من الأحفاد الذين خرجوا من مصر لديهم الأوراق التي تثبت ما يمتلكونه في مصر، وكانوا اليهود قد نجحوا في الحصول علي عشرات المليارات من الدولارات كتعويضات من ألمانيا عما أطلق عليها (محارق اليهود). السفير عادل عدوي رئيس جماعة القاهرة للسلام لا يمانع أن يأخذ كل ذي حق حقه بشرط أن يتم ذلك عن طريق الحوار، وإن لا تكون تلك الموضوعات عائقا في التوصل لحل شامل للقضية الفلسطينية. أما للدكتور عاطف البنا خبير القانون الدولي فله رأي آخر، حيث يقول ليس لليهود أي حق فيما تركوه من ممتلكات وعقارات في مصر مادام قد مر عليها أكثر من 15 عاماً، وقد وضعت الدولة يدها علي تلك الأملاك وقانونا هي تمتلكها بالتقادم وذلك طبقا للقانون المصري. وقد أكد البنا علي عدم تصديقه أن يترك اليهود هذه الأملاك دون بيعها لأحد الأقارب أو الأصدقاء، وما تم تأميمه فهو حق الدولة. وفي سؤاله حول حق رسرائيل في اللجوء للمحكة الدولية لاسترداد هذه الأملاك أجاب البنا أن القانون الدولي ليس له علاقة بالتعويضات المادية، ففي هذه الحالة لابد من اللجوء للقانون الداخلي للدولة مشيرا إلي ضرورة توافر المستندات التي تثبت هذه الحقوق.