في نهاية الأسبوع قبل الماضي أصدر الكنيست الإسرائيلي قانونا في منتهي الأهمية.. ينبغي علينا نحن العرب أساسا أن نعطيه كل الانتباه والحذر ونتحسب لنتائجه وتداعياته. التي قد تكون مدمرة! وينص هذا القانون علي أن' الحكومة الإسرائيلية ملزمة بالمطالبة بتعويض عن ممتلكات اليهود التي تركوها في البلاد العربية بعد طردهم منها عقب قيام دولة إسرائيل عام1948'.ويعد هذا القانون بالغ الخطورة.. وأرجو ألا يستهين به أحد فإن له هدفين أساسيين: الأول: حصر الممتلكات المتنوعة العديدة في البلاد العربية وتحصيل أموال طائلة.. تعويضا عن انتزاعها.. ومقابلا لحقوق استغلالها في السنوات الماضية.. وثمنا لها بالقيمة السوقية الحالية. أما الهدف الثاني فهو أن تظهر إسرائيل أمام الحكومات والرأي العام في المجتمع الدولي بأنها هي أيضا لديها لاجئون من مواطني الدول العربية فروا ولجأوا إليها في مقابل اللاجئين الفلسطينيين الذي فروا وأقاموا في الدول العربية وغير العربية وان للاجئين عندها حقوقا مقابل ما للفلسطينيين! ومن ثم فإذا طالب أحد بحل مشكلة اللاجئين والعودة.. فإن عليه حل المشكلتين معا!!ولا شك عندي ان إسرائيل ستنفذ خطة دعاية محكمة وواسعة تبدأ من القاعدة الي القمة في كل الدول والمحافل الدولية بينما وفي المقابل سنري في الجانب العربي محاولة للتهوين من الأمر إما بحسن نية مفرطة ولا أقول لعدم فهم! وإما تصديقا لما سيسمعه من أطراف أجنبية بأن هذه' زوبعة في فنجان' دون إدراك بأن مثل هذا الكلام وارد في الخطة الإسرائيلية للتمويه.. والاستغفال حتي تدخل الكرة فتمزق الشباك ويتحقق الهدف! وإذ أقول إن إسرائيل هكذا فعلتها بينما كان علينا أعني العرب وليس مصر وحدها ان نبدأ.. فذلك لأن لدينا سجلا حافلا بوقائع تشكل جرائم متكاملة الأركان تدين الحكومة الإسرائيلية ومسئولين فيها ومواطنين.. وهي جرائم مختلفة.. بعضها ضد دول عربية.. أو مجتمعات عربية.. أو مواطنين عرب.. وبينها علي سبيل التحديد استيلاء الحكومة الإسرائيلية ومواطنين إسرائيليين علي ممتلكات مواطنين عرب من مصر وأقطار أخري وليس فقط من فلسطين.. ولكن قبل التعرض لهذا يتحتم توضيح ثلاث حقائق رئيسية هي: 1- انه لم يحدث أي اضطهاد رسمي حكومي أو شعبي ضد اليهود في أي بلد عربي وحتي إذا قيل انه قد وقع اعتداء علي بعض المنشآت اليهودية هنا وهناك.. وبالذات خلال حرب فلسطين عام1948 والعام التالي لها فان ذلك كان رد فعل لما قام به اليهود علي الأرض الفلسطينية ليس فقط خلال الحرب وإنما أيضا قبل الحرب بعمليات النهب والقتل ضد العرب وممتلكاتهم في فلسطين وكذلك بعدها بالمذابح التي ارتكبوها وأشهرها مذبحة دير ياسين التي كانت بعد نهاية القتال وتوقيع الهدنة وخلالها هاجموا القرية الوادعة وذبحوا249 من أبنائها وبناتها. وإزاء هذا كله وغيره فانه كان طبيعيا أن يثور نفر من المواطنين فيشعل النار في مكان أو يرجمه بحجر! 2- انه لم يحدث ان قامت حكومة أي بلد عربي بطرد أي مواطن/ مواطنة فيه لمجرد انه يهودي الديانة. ونؤكد عدم حدوث هذا في مصر حيث كان يعيش أكثر من خمسين ألفا من اليهود. ولا في العراق التي كان بها أكثر من مائة ألف ولا في ليبيا والمغرب التي كان يعيش في كل منهما أكثر من اثني عشر ألف يهودي بعضهم وصل الي مناصب عليا.. ولا في سوريا أو لبنان أو تونس وكان في كل منها عدة آلاف.. ولا في أي بلد عربي آخر.. أما.. لماذا خرج اليهود من أوطانهم العربية فان نسبة قليلة جدا منهم.. خرجوا طواعية أملا في وهم' أرض الميعاد'.. في حين ان الأغلبية تركت البلاد العربية لضغوط من المخابرات الإسرائيلية والوكالة اليهودية. 3- انه وفي ضوء ما سبق فانه يمكن التأكيد علي ان أحدا من الحكومة أو المواطنين لم يسلب أو يستولي علي أية ممتلكات أو متعلقات خاصة باليهود فإنهم هم قبل رحيلهم الطوعي ومغادرتهم تصرفوا فيما يخصهم بالبيع أو بغيره.. وربما نستثني من هذا أمرين أولهما: انه قد وقعت بعض جرائم التجسس والعمالة التي شارك فيها يهود وبينها مثلا القضية المشهورة باسم' فضيحة لافون' نسبة إلي اسحق لافون وزير الدفاع الإسرائيلي الذي أشرف علي العملية بمعرفة مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل وقتها وكانت عام1954 حيث دبرت المخابرات الإسرائيلية خطة نفذها عملاؤها من اليهود في مصر لإلقاء متفجرات علي بعض المنشآت الأمريكية في القاهرة والإسكندرية.. مثل دور السينما والمراكز الثقافية وغيرها وكذلك علي منشآت يهودية.. بهدف الايقاع بين ثورة23 يوليو في مصر وبين الولاياتالمتحدة وادعاء ان الأمن مزعزع في مصر. أما الأمر الثاني المستثني فهو انه عندما صدرت القرارات الاشتراكية بمصر وسوريا1960 1961: فإنه كان من بين الذين خضعوا للحراسة أو التأميم: يهود أو رؤوس أموال يهودية.. وهذه قرارات سيادية للدولة تم تطبيقها علي الجميع بلا استثناء.. بصرف النظر عن الجنسية والدين وقد حدد القانون سبل واجراءات التعويض للمتضررين. الخلاصة إذن.. انه لا توجد شرعية قانونية يرتكز اليها القانون الاسرائيلي الجديد.. فلماذا إذن صدر؟ ان الاجابة هي انهم تحسبوا للمستقبل! .. والتفسير انه كان علي العرب المبادرة ومنذ سنوات وليس فقط الآن لاقامة الدعاوي القضائية امام المحاكم الدولية والوطنية ضد اسرائيل وضد مسئولين فيها.. ارتكبوا جرائم لم تسقط بالتقادم ويحق لنا المطالبة بتعويضات عنها.. وبمعاقبة مرتكبيها.. ولا أريد هنا ذكر هذه الجرائم فان مساحة المقالة لا تتسع.. لكني أشير الي بعضها بدءا من قصة سرقة قديمة أقرت بها الكتب المقدسة وهي سرقة اليهوديات لمشغولات ذهبية قمن باستعارتها من جاراتهن. وفي الفجر هربن مع الرجال في رحلة الخروج الشهيرة مع سيدنا موسي.. ومن هذا الذهب وبعد صهره صنع اليهود( البقرة الشهيرة).. ولقد كان يمكن القول ان هذه قضية قديمة لولا ان القانون ينفي ذلك.. وتحديدا فانه منذ نحو عشر سنوات أقامت منظمة يهودية دعوي أمام القضاء السويسري تطالب فيه المانيا بأموال اليهود التي كانت مودعة في بنوكها ثم استولي عليها الحكم النازي فكسبت القضية لأن الجريمة لاتسقط بالتقادم. ومن ثم فاننا وبالقياس يمكن ان نفعل.. ولقد حاولنا ذلك بحملة ووجدنا قانونيين تحمسوا.. لكن المشكلة كانت في التكاليف المالية.. ولم نجد سندا!! ومن الجرائم الأخري.. مذبحة دير ياسين وما بعدها من اغتيالات ومجازر حتي الآن ومن ثم.. فانني هنا أنادي الذين لديهم ممتلكات بارسال صور من مستنداتهم الينا.. وكذلك من يملك وثائق عن جرائم اسرائيل.. وانادي بتشكيل لجنة عليا للاشراف علي هذا كله.. ولا أعرف هل تكون بمباركة الجامعة العربية.. أم من خلال تجمع أهلي.. وهل تجد تمويلا.. أم إن الذين معهم المال يخافون علي مصالحهم.. وهل نفعل.. أم نسكت حتي يحاصرنا الآخر!