تقاطر الكثيرون علي إسرائيل الأربعاء الماضي احتفاء بالذكري الستين علي تأسيسها.. بوش كان في الطليعة.. وجاء جورباتشوف، توني بلير، هنري كيسنجر، الرئيس الإندونيسي السابق وحيد عبد الرحمن، دينيس روس، الملياردير رجل الإعلام والصحافة روبرت مردوخ وكثيرون.. بوش تعامل مع إسرائيل كيوتوبيا.. كفردوس نادر.. كديمقراطية ونموذج فريد من نوعه وليست احتلالا غاصبا مارست التطهير العرقي وأزالت نحو أربعمائة قرية فلسطينية من الخريطة.. دولة قامت علي أشلاء وجماجم الأطفال. خطاب بوش في الكنيست جاء خطاب بوش أمام الكنيست الخميس الماضي لزيد الطين بلة، فلقد وقف يشيد بإسرائيل وديمقراطيتها ويؤكد دعم أمريكا لها والوقوف بجانبها.. لم يغب عنه وهو ينعت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب أنه بذلك إنما يشيد بالتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل وبإنجازاتها في تشريد شعب بأكمله ولذا لم يرد ذكر للدولة الفلسطينية إلا عرضا، ولا غرابة فلقد جاء إلي المنطقة يحمل مشاريعه المدمرة لدولها وسياساته الهادفة لترسيخ الطائفية المذهبية.. ولهذا قالها صريحة أمام الكنيست، رغم ما يراه البعض من أن تحالف أمريكا مع إسرائيل سبب في كل أزمات المنطقة إلا أن أمريكا ستظل إلي جانب إسرائيل التي ستشعر بهذا الدعم وكأنها تمتلك قوة 307 ملايين شخص عدد سكان أمريكا فأمريكا أقدم وأفضل صديق لإسرائيل في العالم..! هدف الجولة لم ينس بوش في خطابه أمام الكنيست أن يضفي علي إسرائيل طابع اليهودية الذي توجها به في مؤتمر أنابوليس الذي عقد في 27 نوفمبر الماضي فأكد أن إسرائيل ستحتفل بذكري مرور 120 عاما علي قيامها كواحدة من أعظم الديمقراطيات في العالم.. دولة آمنة مزدهرة لليهود.. ولا شك أن جولة بوش في المنطقة والتي شملت الرياض وشرم الشيخ إنما جاءت في الأساس لمشاركة إسرائيل احتفالها بذكري اغتصاب الوطن الفلسطيني وجاءت لاقناع السعودية بزيادة إنتاج البترول لتخفيض أسعاره إنقاذا للاقتصاد الأمريكي. صهيوني حتي النخاع..؟ لم يكن لزيارة بوش أية علاقة بدفع مفاوضات السلام وبالتالي لم يتطرق بوش إلي الفلسطينيين فهم بالنسبة له أشبه ما يكونون بالكابوس وهناك فرق بين إسرائيل التي تمثل له الأحلام الوردية وبين العرب والفلسطينيين الذين يشكلون كابوسا قاتلا.. بل إن بوش تعمد أن يبدأ خطابه أمام الكنيست باللغة العبرية قائلا: يوم استقلال سعيد لإسرائيل وهو ما استدعي تصفيق الحضور له.. بدا بوش صهيونياً أكثر من الكنيست نفسه علي حد وصف ساسة إسرائيليين أمثال سلفان شالوم وزير الخارجية السابق وعضو الكنيست عن حزب الليكود * هناك فرق كان خطاب بوش أمام الكنيست بمثابة اعلان حرب علي شعوب المنطقة بل ان موقفه الداعم للدولة اليهودية دفع تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الي ان تهدد بأن حل اقامة الدولتين لن يكون قابلا للحياة إلا اذا اسقط الفلسطينيون كلمة النكبة من قاموسهم!! ولاشك ان خطاب بوش امام الكنيست قد اعطي جرعة توثيقية جديدة لاسرائيل في كل ممارساتها ضد الفلسطينيين وكأنما جاء خصيصاً ليقر حملات الاغتيال والتدمير والمصادرة وقضم الأراضي والحصار الضاري والحواجز والاغلاقات، جاء ليصادق علي كل هذه السياسات وبذا كان من الطبيعي ان يظهر كذبه وخداعه وتضليله في الوعد باقامة دولة فلسطينية قبل نهاية العام الحالي وقبل أن يرحل عن البيت الأبيض. صفعة بوش للعرب.. زيارة بوش لاسرائيل كرست الحقيقة القائلة بأن التفاوض ليس سوي ملهاة لذر الرماد في العيون ولن تسفر عن أية نتائج تذكر، خطاب بوش في الكنيست كان صفعة لكل العرب والمسلمين الخطاب اسقط مصداقية أمريكا كوسيط شريف نزيه أمين في عملية السلام. تحدث عن دعم اسرائيل ضد الارهاب وغض الطرف كلية عن ارهاب دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين من خلال عمليات الاغتيال اليومية ومن خلال فرض حصار جائر علي الفلسطينيين وهو ما حدا بالمعلق الاسرائيلي جدعون ليفي إلي أن يكتب في صحيفة "هآراتس" منتقداً قطع الكهرباء والممارسات ضد الفلسطينيين قائلا بأن دولة تفعل ذلك لا يمكن إلا أن تكون منظمة ارهابية. إسرائيل ووهم القداسة أليس غريباً بعد هذا أن يستمر عباس في عبثية المفاوضات مع اسرائيل بعد أن أظهر بوش مدي حرصه علي الدولة اليهودية ومنحها كل الدعم في سبيل ترسيخ كيانها كمحتل غاصب؟! وتبقي اسرائيل غير معنية بالسلام، اسرائيل معنية بأمر واحد ألا وهو الاستيلاء علي كل الأراضي الفلسطينية فعينها علي الخليل وأريحا والضفة الاخري من الأردن علي أنها لها في نهاية المطاف وانها لن تتنازل عن شبر واحد منها، وإسرائيل مازالت تعيش وهم القداسة وان شعبها هو شعب الله المختار ولقد تعامل بوش معها من هذا المنطلق ولا غرابة فلقد رآها علي درجة من القوة والمنعة تؤهلها لان تتوج في ذكري تأسيسها. عبثية المفاوضات لقد أبرز احياء يوم النكبة الانقسام الداخلي بين سلطة رام الله التي تسعي جاهدة للتفاوض مع اسرائيل من أجل التوصل إلي تسوية سلمية، وبين حماس التي تتشبث بالمقاومة كسبيل لاسترداد الحقوق حيث إن المفاوضات التي تجري حتي الآن لم تسفر عن نتائج تصب ايجابا في صالح القضية اللقاءات عبثية وتستغلها اسرائيل كسباً للوقت وفرصة للقيام بكل ممارساتها علي الأرض سواء بالنسبة لتكثيف الاستيطان أو فرض الحصار أو عمليات الاغتيال اليومية وقضم الأراضي الفلسطينية، مباحثات عباس مع أولمرت لم تسفر عن أي شيء اللهم إلا عن قبلات وعناق ومصفاحات ساخنة.