مبادرة الرئيس مبارك برفع العلاوة الاجتماعية إلي 30%.. اشبه بالنسمات التي نتحين مرورها في قيظ الموسم الصيفي.. فالكثيرون من موظفي الجهاز الحكومي لن تؤثر العلاوة في زيادة أجورهم بأكثر من 100 جنيه إلا أن هذه القشة التي سيتعلق بها محدودو الدخل في ظل طوفان ارتفاع الأسعار ستكلف الدولة 12.5 مليار جنيه.. والسؤال الآن: كيف ستوفر الدولة هذا المبلغ الضخم من موازنتها؟ هل تؤثر التزامات الدولة الجديدة علي اتباع سياسات تعطل النمو الاقتصادي؟ وهل إلزام الحكومة القطاع الخاص بتنفيذ العلاوة الاجتماعية يحمله أعباء تعرضه للخسارة؟ هذه هي الأسئلة التي طرحناها علي الخبراء من خلال التحقيق. تخفيض دعم الطاقة واحد من أكثر الحلول التي يراهن عليها الخبراء كمصدر لموارد العلاوة الجديدة ويعود ذلك إلي أسباب عدة منها إشارة الرئيس مبارك إلي هذا المورد في سياق اعلانه عن العلاوة الجديدة اضافة إلي حجم ما يمثله دعم الطاقة من نفقات الموازنة.. فكما تقول د.نهال المغربل الخبيرة بالمركز المصري للدراسات فإن ترشيد دعم تقدر نفقاته بأكثر من 36 مليار جنيه سنويا من الممكن ان يسهم بحصة كبيرة من ال5.12 مليار جنيه المطلوبة لتغطية العلاوة الجديدة وتلفت د.نهال إلي ان سياسة إلغاء دعم الطاقة المستخدمة في الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة التي تنفذها الحكومة بشكل تدريجي خلال هذا العام إحدي آليات ترشيد استهلاك الطاقة لا تمثل تكلفة كبيرة علي هذه الصناعات التي تدر أرباحا كبيرة كما أن أي سياسات مستقبلية بخصوص رفع سعر السولار أو البنزين لن يكون لها تأثيرات كبيرة علي تضخم الأسعار نظرا لأن سلة السلع التي تؤثر في التضخم تمثل السلع الغذائية نسبة كبيرة منها وتكلفة الطاقة تمثل نسبة صغيرة من تكلفة هذه السلع علاوة علي أن رفع أسعار البنزين يشجع علي تقليل استهلاكه في ظل انتشار ظاهرة الاسراف في شراء السيارات بين الفئات مرتفعة الدخل. فيما يري د.زهدي الشامي عضو اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع ان رفع أسعار الطاقة قد يؤدي الي رفع الأسعار حتي وان كانت اسعار الطاقة الجديدة لا تمثل عبئا كبيرا علي المنتجين. ويضيف: لقد تسبب انتشار الاحتكار في رفع الأسعار مما اضطر الحكومة لرفع العلاوة الاجتماعية.. وإذا أرادت الحكومة ان تمول العلاوة الجديدة من تخفيض دعم الطاقة فهي تعطي مبررا للمنتجين برفع الأسعار والتهام الزيادة الجديدة في الدخول. ويري انه من الممكن تخفيف حدة آثار تخفيض دعم الطاقة بصياغة استراتيجية تستهدف رفع الأسعار علي الاغنياء فقط ويضرب مثالا علي ذلك بتحديد سعر البنزين وفقا لسعة السيارة وتاريخ تصنيعها. بيع الأصول بيع الأصول أحد أبرز الحلول المطروحة أيضا لتغطية تكاليف العلاوة الجديدة فحكومة د.نظيف قطعت شوطا كبيرا في تطبيق سياسات الخصخصة وبيع الأصول وتري د.نهال المغربل انه يجب علي الحكومة ان تبدأ في الترويج لبيع أصولها الخاسرة خاصة في مجالات كقطاعات النسيج والسياحة والاسكان وهي القطاعات التي ستوفر ايرادات كبيرة للدولة من وراء بيعها وسيسهم دخول القطاع الخاص فيها إلي زيادة النمو الاقتصادي مضيفة: "التحدي أمام الحكومة هو أن تنجح في اقناع الرأي العام بالخصخصة ومقاومة ضغوط وسائل الإعلام عليها بعدم البيع" إلا أن د.محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها يري ان بعض عمليات بيع الأصول والخدمات ساهمت في رفع الاسعار والتوسع فيها لتمويل ايرادات العلاوة قد يرفع من التضخم ويلتهم زيادة الرواتب موضحا انه من الخطورة ان تمول الحكومة العلاوة من بيع خدمة أو مرفق أو صناعة استراتيجية في مقابل إطلاق يد القطاع الخاص للاحتكار في هذه المجالات ويرفع التضخم ونفس الحال فيما يتعلق بسياسة الحكومة الخاصة ببيع الأراضي بالمزادات والتي أدت إلي رفع أسعار الاسكان. موارد جديدة وفي إطار الحديث عن اضافة موارد جديدة للموازنة فإن الحصيلة الضريبية تعد أهم الموارد والواقع ان وزارة المالية كانت قد نفذت اصلاحات عدة فيما يتعلق بالسياسات الضريبية ستسهم في رفع حصيلة الضرائب خلال الفترة القادمة فقانون الضرائب الجديد علي الدخل الذي خفض الضريبة إلي نسبة 20% ساهم في توسيع قاعدة الممولين ورفع الحصيلة الضريبية وهي الحصيلة المتوقع لها ان تزيد مع ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي كذلك مطروح تشريعات ضريبية جديدة كقانون الضرائب العقارية وضريبة الدمغة وقانون ضريبة القيمة المضافة وهي القوانين المتوقع ان تسهم في رفع الحصيلة إلا أن الحصيلة المتوقعة من قانون الضريبة العقارية بعد تعديله يمكن ان تصل إلي 5.1 مليار جنيه وفقا لتصريحات وزير المالية د.يوسف بطرس غالي والزيادة المتوقعة من ضريبة الدمغة بعد تعديل القانون الخاص بها هي 800 مليون جنيه وفقا لتصريحات رئيس مصلحة الضرائب.. وهي مبالغ ضئيلة لتغطية تكلفة العلاوة الجديدة.