في الفترة الأخيرة، تزايدت التوترات في الساحة الفلسطينية، لا سيما في الضفة الغربية، بعد تقارير أفادت بأن حركة حماس قد طلبت من مسؤولين في السلطة الفلسطينية، تنسيق وتسهيل تخزين الأسلحة التي بحوزتها. الطلب الذي يراها مراقبون أنها خطوة غير مسبوقة في العلاقة بين الفصيلين، أثار ردود فعل متباينة، تتراوح بين الحذر الشديد والغضب العارم، لاسيما في صفوف الأوساط السياسية والشعبية في الضفة الغربية، في حين لا تزال السلطة الفلسطينية تدرس الطلب، إلا أن التقييمات الأولية تشير إلى صعوبة الموافقة عليه بسبب المخاوف الأمنية والسياسية التي تحيط بمثل هذه الخطوة. - مخاوف من التصعيد الإسرائيلي أحد أهم القضايا التي أثيرت حول هذا الموضوع هو التوقيت، لأن الفلسطينيين في الضفة الغربية يواجهون العديد من التحديات الداخلية والخارجية في الوقت الراهن، مثل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية، والتضييق على السلطة الفلسطينية، والأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها معظم الفلسطينيين. في ظل هذه الظروف، قد يبدو من غير المنطقي بالنسبة للكثيرين أن تسمح السلطة الفلسطينية لحركة حماس، التي تعد من أبرز خصومها السياسيين، بتخزين أسلحتها على الأراضي الفلسطينية في الضفة، إذ أن السلطة التي تحاول الحفاظ على أمن الضفة الغربية، تخشى أن يشكل ذلك تهديدًا لها، ويفتح باب تصعيد جديد ليس في مصلحة الفلسطينيين خاصة وان الاحتلال يتوعد بالمزيد من الإجراءات العقابية. لا يُمكن إغفال أن حركة حماس، قد تكون تسعى إلى استغلال هذا الطلب، كوسيلة لزيادة نفوذها في الضفة الغربية وتعزيز قدرتها العسكرية، في حال وقوع تصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي، أو تصاعد الخلافات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية. - مواقف سياسية وتكتيكيات عسكرية متباينة ومن المعروف أن «حماس»، كان لها إمكانيات عسكرية قبل السابع من أكتوبر، لكن لم تكن لديها نفس القدرة في الضفة الغربية، بسبب ضغوط السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، لذلك تخزين الأسلحة في الضفة قد يُمكن الحركة من تحقيق توازن استراتيجي بين الضفتين، وتعزيز موقفها العسكري والسياسي في حال حدوث تصعيد ما. لكن لا يمكن النظر إلى هذا الطلب، بمعزل عن السياق السياسي الفلسطيني الأوسع، لأن العلاقة بين حماس والسلطة الفلسطينية، تعيش حالة من التوتر المستمر، منذ الانقسام الذي وقع في عام 2007، حيث تمزقت الساحة الفلسطينية بين حكومتين متنافستين، «حكومة حماس في غزة»، و «حكومة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية». منذ ذلك الوقت، تتباين المواقف السياسية والتكتيكيات العسكرية بين الطرفين بشكل مستمر، وهو ما يعكس عمق الخلافات التي تتجاوز مجرد توزيع السلطة، إلى كيفية إدارة الملفات الأمنية والعسكرية، في هذا السياق، يرى الكثيرون في الضفة الغربية، أن هذا الطلب من حماس قد يكون محاولة جديدة لخلق «قدم» لها في الضفة، وهو ما يعزز من المخاوف من انفجار الأوضاع في حال تنفيذ الطلب. - تحديات السلطة وحماس على الرغم من التحفظات التي تثيرها فكرة السماح لحماس بتخزين أسلحتها في الضفة الغربية، فإن هناك من يعتقد أن هذا الطلب، قد يكون جزءًا من محاولة لتوحيد الصف الفلسطيني، لمواجهة التحديات الإسرائيلية. وعلى مستوى المجتمع المدني، تباينت الآراء بين من يرى في هذا الطلب فرصة لتقوية الموقف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، ومن يرى فيها تهديدًا لأمن المنطقة واستقرارها، خاصة في ضوء التجارب السابقة مع حماس. ويبقى السؤال الأهم: هل ستوافق السلطة الفلسطينية على طلب حماس أم ستظل متمسكة بمواقفها الأمنية والسياسية؟ هذا يعتمد بشكل أساسي على الحسابات الداخلية والتقييمات الأمنية التي ستأخذها السلطة في الاعتبار. من المؤكد أن القرار في هذه القضية سيكون له تداعيات كبيرة على العلاقات بين الفصائل الفلسطينية، وعلى الوضع الأمني والسياسي في الضفة الغربية بشكل عام، ورغم التحديات التي تواجهها السلطة وحماس في هذه المرحلة، فإن الوضع الفلسطيني يبقى متأثرًا بشكل رئيسي بالضغوط الإقليمية والدولية، وبالطبع من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل فرض سياسة الأمر الواقع على الأراضي الفلسطينية.