الحكومة تعترف في الموازنة بارتفاع الأسعار وتتهرب منها في الأسواق؟! قدمت الحكومة مشروع الموازنة العامة للدولة 2010 - 2011 إلي مجلسي الشعب والشوري - وبغض النظر عن بنود الموازنة العامة - إلا أن بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية وصل إلي 8.115 مليار جنيه بالمقارنة بحوالي 2.95 مليار جنيه في موازنة العام الحالي، أي بنسبة زيادة تصل إلي 22% لكن في حقيقة الأمر فإن بند الدعم والمزايا الاجتماعية يحمل معاني ودلالات تبين أن الحكومة طبقا لما يحدث في الأسواق العامة تتناقض مع نفسها.. وهناك تضارب شديد بين الأقوال والأفعال وحتي التوقعات، بدليل إذا كان هناك انخفاض في أسعار السلع والخدمات - كما يدعي المسئولون - لماذا قررت الحكومة زيادة بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية؟!. لكن في المقابل لماذا اقترحت الحكومة علاوة بنسبة 7%.. رغم التوقعات بأن الرئيس مبارك سوف يتدخل لزيادة نسبة العلاوة في الوقت الذي عاود فيه مؤشر الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين الصعود إلي أكثر من 13%.. والأهم من ذلك لماذا تقرر الحكومة منذ تقديم الموازنة إلي مجلسي الشعب والشوري زيادة بعض البنود فجأة مثل معاشات الضمان الاجتماعي الذي زاد بنسبة 500 مليون جنيه ليرتفع في الموازنة إلي 6.1 مليار جنيه وكذلك الميزانية الاستثمارية لوزارة الري بنسبة 600 مليون جنيه لتصبح 4.2 مليار جنيه. وهذه الإجراءات هي بمثابة اعتراف ضمني من الحكومة نفسها بارتفاع أسعار السلع والخدمات خلال الفترة الأخيرة.. وأن هذه الارتفاعات قد تستمر في الفترة القادمة ويكفي أن اللحوم في المناطق الشعبية وصل سعرها إلي 50 جنيها للكيلو.. هذا بخلاف بقية السلع الغذائية الأساسية، فقد وصل سعر السكر إلي 450 قرشا و5 جنيهات للكيلو وكذلك أسعار منتجات الدقيق وحتي الخضراوات والفاكهة التي بلغ فيها معدل ارتفاع الأسعار إلي أكثر من 60%.. ويكفي أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد سجل نسبة ارتفاع في الطعام والشراب وصلت إلي 22%. لكن في المقابل فإن الجدل الدائر الآن في كل الأوساط السياسية والشعبية والخدمية فيما يتعلق بضرورة تعديل الحد الأدني للأجور في ظل الارتفاعات المستمرة في أسعار السلع والخدمات، هذا الجدل ترجمه العمال في الشركات الخاصة وحتي العامة إلي اعتصامات وإضرابات واحتجاجات أمام مجلسي الشعب والشوري، وإذا كانت الحكومة قد قررت زيادة بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بنسبة 22% إلا أنه كان عليها أن تعيد النظر في الحد الأدني للأجور.. بدلا من زيادات تقررها مثل العلاوة الاجتماعية.. في مقابل موجات من ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة غياب آليات الرقابة الحكومية علي أسعار السلع الأساسية. وطبقا لمذكرة المجلس القومي للأجور حول الحد الأدني للأجور في مصر.. والتي مازالت حبيسة الأدراج الحكومية في وزارة التنمية الاقتصادية ومجلس الوزراء منذ منتصف عام 2008 فإن قضية الحد الأدني للأجور كما قالت المذكرة نفسها لابد من تعديلها علي أساس اعتبارات العدالة الاجتماعية وحماية محدودي الدخل واستفادة الفقراء من ثمار ما يقال «النمو الاقتصادي» المرتفع الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة، وأكدت المذكرة أهمية هذه القضية في الوقت الحالي في ظل الارتفاع الملحوظ في مستوي الأسعار وتكلفة المعيشة بصفة عامة والأعباء التي يتحملها الفقراء ومحدودو الدخل، ورغم ما تقوله الحكومة عن ارتفاع قيمة الأجور خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 144% إلا أن الزيادات المتتالية في المستوي العام للأسعار قد أدي إلي استقطاع نسبة كبيرة من زيادة الأجور تصل إلي 60% أي أن الزيادة الحقيقية في الأجور لا تتعدي 80%. وأكدت الدراسات الخاصة للأجور أن 40% من المشتغلين في مصر يعملون بدون أجر نقدي وحوالي 50% من العاملين بأجر يعملون في الحكومة وقطاع الأعمال.. بينما يصل نصيب القطاع الخاص غير المنظم 26% في حين أن هناك 40% من المشتغلين في مصر يعملون في القطاع الخاص غير الرسمي.