أثارت النتائج المعلنة لاجتماع الأممالمتحدة حول أزمة الغذاء العالمية ردود فعل متفاوتة من قبل المنظمات غير الحكومية المعنية بشئون الدول النامية، لكن هذه الردود اتفقت علي ضرورة التعامل مع النتائج بحذر بالغ، والابتعاد عن الإفراط في التفاؤل حتي تظهر آثاراً إيجابية. ورحبت منظمة إعلان برن السويسرية غير الحكومية بحذر بقرار تشكيل خلية عمل لمتابعة الأزمة يترأسها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ودعا المتحدث الإعلامي للمنظمة أوليفر كلاسن إلي عدم اغفال دور البنك الدولي في أزمة الغذاء العالمية الراهنة "ليس فقط بسبب دعم البنك مشروعات تحويل المحاصيل الغذائية المهمة إلي وقود حيوي ولكن أيضا بسبب مواقفه المختلفة من الدول النامية".. وقال كلاسن في حديثه مع الجزيرة نت إن صندوق النقد يتحمل جانبا من المسئولية في تلك الأزمة لوضعه شروطا صعبة للغاية علي الدول الفقيرة منها فرض تصدير بعض المواد الغذائية لسداد ديونها، مما يجعل تلك الدول تعجز عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بينما هي من الدول المنتجة للمحاصيل الغذائية الأساسية وعبرت منظمة خبز للجميع عن مخاوفها من أن تؤدي الأزمة الراهنة إلي التركيز علي الإعانات العاجلة، ونسيان المشكلات المزمنة التي تحتاج إلي علاج سريع يؤتي ثماره في المستقبل. وتتخوف تلك المنظمة مما وصفته تطبيق فكرة "الثورة" الخضراء في إفريقيا التي تسعي لتنفيذها مؤسسة روكفلر جيتس لتحويل القارة إلي حقل تجارب لمصالح الأثرياء فقط. وقال خبير سياسات التنمية بالمنظمة ميجيس باومان إن إفريقيا تعاني مشكلات ملحة يجب حلها علي المدي البعيد، من أهمها قلة مياه الري وارتفاع أسعار الأسمدة التي لا يستطيع مزارعو الدول النامية سداد ثمنها، فضلا عن استخدام المبيدات الحشرية تحت تأثير حماية المحاصيل رغم اضرارها بالتربة. وانتقد باومان دور صندوق النقد والبنك الدوليين في الأزمة، وضرب علي ذلك مثالا بالفلبين قائلا: إنها تدفع الآن ثمن الامتثال لسياسات البنك وصندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية، فتلك المنظمات ألزمت الفلبين بتجاهل إنتاج الغذاء الخاصة بها وتحرير قطاعات صناعية مهمة، فكانت النتيجة أن إنتاجها لا يغطي الاستهلاك المحلي، ولا تستطيع استيراد الأرز بسبب ارتفاع أسعاره بالأسواق العالمية. وأشار باومان إلي تأكيد البنك الدولي في العديد من المناسبات علي أن موضوع الاكتفاء الذاتي ليس ضروريا في السوق العالمية، بينما تشير المشكلة الحالية إلي أن الاكتفاء الذاتي هو صمام الأمان الوحيد الذي يضمن النجاة من تلك الأزمات. وتتفق المنظمات غير الحكومية علي مواقفها من نتائج قمة الأزمة علي ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لخفض أسعار المواد الغذائية، ومنح الغذاء للشعوب المتضررة والتركيز علي تغييرات جذرية في السياسة الزراعية. كما رأت أن صغار المزارعين والصيادين بجميع أنحاء العالم هم الأحق بالحصول علي الدعم والحماية لإنتاج الغذاء لأسرهم لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي الذي ينعكس علي القري والمدن الصغيرة.. وتؤكد تلك المنظمات أيضا علي تعزيز تبادل ونقل التقنيات الزراعية المتطورة إلي الدول النامية والأكثر فقرا، للتخلص من التبعية للشركات الدولية التي لا يهمها سوي جني ارباح طائلة إذ يجب أن تبقي السيادة الزراعية ضمانا ضد تلك الأزمات.