محمد فريد خميس رئيس لجنة الإنتاج الصناعي والطاقة - مجلس الشوري تحتل قضية توفير احتياجات الدول من الطاقة أهمية كبيرة علي مستوي دول العالم كافة، علي اختلاف مراحل التنمية التي تمر بها، وتزداد هذه الأهمية مع تزايد المخاطر التي تحيط بإنتاج البترول، والذي يمثل المصدر التقليدي لتوليد الطاقة، فالضغط المستمر علي قطاع البترول نتيجة الزيادة المطردة في الطلب العالمي أدي إلي حدوث زيادات مستمرة في أسعاره عالميا، وعلي الرغم من قدرة الدول المنتجة بصفة عامة علي زيادة إنتاجها الحالي منه، فإن الزيادة في الإنتاج مقيدة دوما بعنصر حاكم، وهو أن البترول كمصدر طبيعي غير متجدد وقابل للنضوب، الأمر الذي فرض علي الدول المنتجة له أن تأخذ في اعتبارها حق الأجيال القادمة من الاكتشافات الحالية والابقاء علي مستويات محددة من احتياطياتها منه، وكذا حفاظا علي مستقبل العديد من الصناعات وعلي رأسها صناعات البتروكيماويات وسوف تناقش لجنة الإنتاج الصناعي والطاقة بمجلس الشوري خلال الأيام القليلة القادمة استراتيجية جديدة للطاقة تهدف إلي تصحيح أوضاع المزيج الحالي للطاقة وتعيد التوازن بين متطلبات التنمية وحقوق الأجيال القادمة من مصادر الطاقة في مصر مع كبح جماح المهدر من الطاقة الحالية بسبب منظومة الدعم الحالية. العالم والطاقة لقد تزايد إنتاج واستهلاك العالم من الطاقة حديثا بحوالي 2% سنويا، وتري أغلب التوقعات أن هذا المعدل سيستمر حتي عام 2030 فعلي سبيل المثال، فقد أفادت التقديرات في وكالة الطاقة الدولية خلال عام 2006 بزيادة الطلب العالمي علي الطاقة بمقدار الثلثين في العقود الثلاثة القادمة حتي عام ،2030 لتصل إلي 5.16 مليار طن من البترول ومشتقاته، وهذا يمثل زيادة في معدل النمو بمقدار 7.1% في السنة، وفي الفترة من عام 2007 - 2030. وتؤكد أحدث الأبحاث الدولية أن العالم في طريقه إلي طلب ما يقرب من ضعفي المستوي الحالي، وبذلك سيرتفع استهلاك النفط من حوالي 84 مليون برميل يوميا حاليا إلي 140 مليون برميل ويزداد استهلاك الغاز الطبيعي بأكثر من 120% والفحم بأكثر من 60%. ومن المتوقع أيضا أن تكون الزيادة الكبري من نصيب الصين والهند، وسوف يستحوذ العالم النامي علي نصف الإنتاج العالمي خلال عقدين فقط، أما التوقعات الأمريكية لوصول إنتاج النفط إلي الحد الأقصي له، فقد قدرت أن ذلك قد يحدث قبل عام ،2025 وعندها تبدأ الأزمة الحقيقية ويأخذ الإنتاج العالمي في التناقص وتضطر البقية من دول العالم إلي اللجوء إلي الطاقة البديلة وعلي رأسها الطاقة النووية. وفي يناير 2006 أشار الرئيس الأمريكي "في خطاب حالة الاتحاد"إلي موضوع الطاقة، وطالب الجهات البحثية الأمريكية بوضع حلول للاستغناء عن 75% من استخدام البترول المستورد بحلول عام ،2025 ولقد قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية بالموافقة علي مشروع القانون الذي يعمل علي استغلال وتأمين الطاقة وذلك من خلال تقليل الاعتماد علي الطاقة التقليدية والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة، وفي أوائل عام 2005 أصدرت الحكومة البريطانية كتابا أبيض تحت عنوان "استراتيجية الطاقة" كما يعمل الاتحاد الأوروبي علي البحث عن مصادر بديلة لتوليد الطاقة مادامت هذه المصادر قد ثبتت جدواها من الناحية الاقتصادية. ومما لاشك فيه أن ارتفاع أسعار البترول عالميا قد أدي ومازال يؤدي إلي الضغط علي موازنات الدول الداعمة للمنتجات البترولية، مما أثار جدلا حول قدرة هذه الدول علي الاستمرار في سياسات الدعم التي تنتهجها، والتحديات التي ستواجهها نتيجة لارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذي دفع مصر إلي مراجعة سياساتها بشأن دعم المنتجات البترولية وتحسين كفاءة استخدام الطاقة والبحث عن المصادر البديلة لتوليدها الطاقة، مما يثبت جدواها من الناحية الاقتصادية، إضافة إلي توافر عنصر الأمام بها من الناحية البيئية، وبشكل يتلاءم مع أوضاعها وقدراتها التنموية، ولقد طرح السيد الرئيس محمد حسني مبارك هذه القضية المهمة بكل أبعادها علي الرأي العام المصري في خطابه أمام المؤتمر السنوي الرابع للحزب الوطني مطالبا بفتح حوار مجتمعي حول الطاقة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المنظومة الحاكمة لأمن مصر القومي