اتفق الخبراء علي أهمية وجود مصانع للحكومة وخاصة للسلع الاستراتيجية وأكد أن عودة الحكومة لإنشاء مصانع جديدة لا يعتبر "ردة" ولكنه تصحيح للسياسة الحكومية موضحين أن سيطرة القطاع الخاص علي السوق لا يعد أمرا إيجابيا ولا يفيد الاقتصاد بصفة عامة كما أنه لايحقق مبدأ المنافسة وطالبوا بأن يتم ذلك طبقا لسياسات دقيقة ودراسات وبرامج محددة بمعني أن هناك قطاعات يجب أن تدخل فيها الحكومة وقطاعات أخري يجب أن تتركها للقطاع الخاص حيث يقول عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية أن دور الحكومة لا يمكن الاستغاء عنه خصوصا في مجال الصناعات الاستراتيجية والحاكمة، مشيرا إلي سيطرة القطاع الخاص علي صناعات بعينها أمر غير مرغوب فيه ولا يفيد الاقتصاد خصوصا إذا أردنا وجود منافسة حقيقية في السوق لكن ذلك لابد أن يتم في وجود سياسة واضحة بمعني تحديد المشروعات التي يمكن أن تتدخل فيها الحكومة والمشروعات التي ليس من الضروري وجود الحكومة فيها مضيفا أن وجود دور للقطاع العام في صناعة الحديد والأسمدة والأسمنت والسكر أمر ضروري لا يمكن الاستغناء عنه لسببين أولهما أن الحكومة تدعم الغاز لتلك الصناعات وبالتالي فإن استفادة القطاع العام من أموال الدعم أفضل من استفادة القطاع الخاص والسبب الآخر هو أهمية تلك الصناعات بالنسبة للمستهلك والاقتصاد بصفة عامة مشيرا إلي أن القطاع العام أقام في الفترة الأخيرة مصانع في تلك القطاعات لرغبته في توسيع قاعدة المنافسة والحفاظ علي توازن السوق خاصة في قطاع الاسمدة اليوريا بالمجمع الصناعي بأبو قير في السويس حيث تم إنشاء خطين جديدين ساهم فيهما القطاع العام بنحو 83% كذلك استحوذ القطاع العام مثلا في شركة المقاولون العرب وبعض شركات التأمين العامة بالمشاركة مع شركة أخري علي رخصة لإنشاء مصنع أسمنت جديد بالمنيا كذلك ساهمت الحكومة متمثلة في بعض شركات القطاع العام في إنشاء مصانع سكر وأسمدة ضمن برنامج الرئيس مبارك الخاص بإنشاء ألف مصنع وعن جدوي تلك المصانع وأثرها علي السوق والقطاع الخاص قال عمرو عسل إن وجود القطاع العام في السوق حتما سيكون له آثار إيجابية علي السوق ومناخ الاستثمارموضحا أن هذا لايعني العودة للقطاع العام وتقليص دور القطاع الخاص كما أنه لايعني أن الحكومة أخطأت عندما باعت شركاتها للقطاع الخاص كما يظن البعض. من جانبه يري صلاح مقلد أستاذ الاقتصاد الزراعي أن عودة الحكومة لإنشاء مصانع جديدة أصبح أمرا حتميا للحد من عملية الاحتكارات التي أصبحت ظاهرة ملحوظة في بعض القطاعات لكنه في نفس الوقت ضد تقليص دور القطاع الخاص لأن هذا يتعارض مع آليات الاقتصاد الحر وسياسة الانفتاح التي تعيشها مصر، موضحا أن وجود مصانع حكومية أمر لايتعارض أبدا مع آليات السوق لكن لابد أن يقوم علي دراسات وسياسات واضحة حتي لاتتكرر الاخطاء التي وقعت فهيا الشركات السابقة بمعني ضرورة تحديد القطاعات وجدوي ذلك ومدي حاجة هذا القطاع لاستثمارات جديدة مشيرا إلي أن مشكلة ارتفاع الاسعار والاحتكار أمر تسببت فيه الحكومة وهي الوحيدة القادرة علي حل تلك المشاكل مضيفا أن هذا لايعني العودة للاشتراكية وإعلان الحرب علي القطاع الخاص ولكن يمكن أن يسمي بالعودة إلي الوضع الطبيعي فكل دول العالم يوجد بها قطاع عام وقطاع خاص مثل فرنسا وأمريكا وروسيا وكل الدول المتقدمة الحكومية لها دور والقطاع الخاص له دور. أحمد عاطف عضو اتحاد الصناعات المصرية يقول إن عودة الحكومة لإنشاء مصانع جديدة لها بجانب مصانع القطاع الخاص أمر تأخر كثيرا لأن الحكومة هي التي صنعت الأزمة وهي الوحيدة القادرة علي ايجاد حلول لها بسبب تطبيق سياسة الانفتاح بشكل خاطئ، فكل دول العالم التي طبقت سياسات انفتاحية تمت بشكل تدريجي وعلي مراحل ولم يحدث في أية دولة أن تم بيع شركات القطاع العام بهذا الشكل العشوائي غير المدروس مضيفا أن توازن السوق وإحكام السيطرة عليه يحتم ضرورة وجود مصانع تابعة للدولة لأن أية دولة في العالم لديها مصانع حكومية ومصانع خاصة لاسيما في القطاعات الاستراتيجية والحيوية المتعلقة بالجمهور فمثلا لو احتفظت الحكومة بثلاثة أو أربعة مصانع أسمنت لتغير الوضع الآن كذل قطاع الحديد والأسمدة وهكذا مشيرا إلي أن رفع الدولة يدها عن قطاع الصناعة أمر غير مجد في ظل الظروف والمتغيرات الكبيرة التي يمر بها السوق مطالبا بضرورة المضي قدما في توسع دور الدولة في بعض القطاعات حتي نحافظ علي توازن السوق. المهندس يحي حسين عبد الهادي أحد كوادر القطاع العام وصاحب قضية بيع شركة عمر أفندي المعروفة يري أن التوسع في إنشاء مصانع للحكومة ليس "ردة" ولكنه إعادة تصحيح مشيرا إلي أن عمليات بيع القطاع العام وإنشاء مصانع خاصة وعامة مسألة تحتمل وجهات نظر كثيرة ومختلفة فالبعض يري أن الاصلاح في مصر هو الاحتفاظ بالقطاع العام والبعض الاخر يري العكس لكن وفق قواعد مدروسة مؤكدا أنه ليس ضد عمليات البيع ولكن ضد إهدار المال العام فبيع مصنع خاسر أمر طبيعي لكن ما المقصود من بيع مصنع ناجح ينتج سلعة استراتيجية مطالبا الحكومة بضرورة السعي لإعادة التوازن داخل السوق من خلال آليات قوية فمثلا لو أن الحكومة أحتفظت بأربعة أو خمسة مصانع أسمنت ما كانت هناك مشكلة.