كثفت السلطات الفرنسية أمس مجهوداتها لكشف غموض واقعة الاحتيال علي بنك سوسيتيه جنرال والمتهم فيها موظف البنك كيرفل بالتسبب في الحاق خسارة بالبنك تزيد علي 7 مليارات دولار. وكانت السلطات الفرنسية قد أجرت تحقيقا مع موظف البنك ووجهت إليه تهمة الغش وهي أخف بكثير من التهم المحتملة التي كان يواجهها قبل أن يطلق سراحه بكفالة. وتقول التقارير إنه إذا ثبتت النهمة ضد كيرفيل وفقا للاتهام الموجه فقد يسجن لمدة لا تتعدي 3 أعوام. من جانب آخر وصلت قضية سوسيتيه جنرال إلي أعلي مستوي سياسي في فرنسا، حيث حمل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دانيال بوتون الرئيس التنفيذي لسوسيتيه جنرال المسئول عن الاحتيال. ورغم أن ساركوزي لم يشر صراحة إلي اسم الرئيس التنفيذي لسوسيتيه جنرال، إلا انه قال إن علي الرجل الأول في ثاني أكبر بنك في فرنسا، أن يتحمل المسؤولية عن خسارة المصرف لأكثر من 7 مليارات دولار . ورفض الرئيس الفرنسي الإشارة إلي دانيال بوتون، الرئيس التنفيذي للبنك، لكنه قال إن علي من يأخذون رواتب كبيرة أن يتحملوا المسؤولية عندما تسوء الأمور. وكان بنك سوسييتيه جنرال الفرنسي قد قال ان جيروم كيرفيل، الموظف المتهم بعمليات مضاربة غير مصرح بها تصرف بمفرده وبدون أي دافع من جشع شخصي وصادقت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد علي كلام البنك، مشيرة إلي انه ليس هناك حتي الآن ما يدعو للاعتقاد بان حادثة الاحتيال أكثر من مجرد موظف تصرف بشكل فردي. وفتحت النيابة العامة في باريس التي تتجمع لديها الشكاوي في عملية الاحتيال القياسية تحقيقا اوليا في القضية وعهدت به الي الشرطة المالية. وقال مصدر قضائي إن جيروم كيرفيل أدلي بأقواله. وذكر موقع مجلة دير شبيجل الألمانية ان الموظف الفرنسي جيروم كيرفيل الذي اعتبر مسئولا عن خسارة بنك سوسييتيه جنرال 4,9 مليار يورو اشتري 140 ألف عقد من مؤشر الأسهم داكس في ألمانيا ، وتم التفاوض بشان هذه العقود بحسب المجلة قبل أسابيع في سوق يوركس وهي فرع سويسري للشركة الألمانية دويتشي بورص. وأضاف الموقع ان -رؤساء البنك الفرنسي - تلقوا من ألمانيا بلاغات تنذر بهذه الخسائر الضخمة. وقد اعترف البنك ان الموظف تعامل في نحو 73 مليار دولار من أموال البنك في مضاربات علي أسعار الأسهم المستقبلية. من جانب آخر قالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية امس ان بنك سوسيتيه جنرال يعاني من أزمة جراء الخسائر التي مني بها نتيجة مضاربات متعامل محتال وتساؤلات حول قيادته وتكهنات بشأن صفقة استحواذ وتراجع أسعار الاسهم.وقالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاجارد لمحطة تلفزيون ال.سي.اي " سوسيتية جنرال في موقف متأزم". وفي 24 يناير الجاري أعلن بنك سوسيتيه جنرال أنه كشف تعاملات غير مصرح بها أبرمها أحد المتعاملين كبدت البنك الذي تأسس قبل 144 عاما خسائر حجمها 4.9 مليار يوريو (7.22 مليار دولار. وكان المتعامل جيروم كيرفيل (31 عاما) قد أفرج عنه تحت رقابة قضائية بعدما فشل المدعون في اقناع القضاة يوم الاثنين بالمضي قدما في فتح تحقيق في دعوي احتيال علي نطاق واسع. واعترف كيرفيل بمخالفة قواعد البنك ولكنه اتهم اخرين بفعل الشيء نفسه وسيجري التحقيق معه في تهم خيانة الامانة واختراق أمن الحاسب الالي والتزوير. وقال مدعون انهم سيستأنفون قرار الافراج عنه. وفي فرنسا يمكن أن يقود فتح تحقيق رسمي الي محاكمة ولكنه لا يعني توجيه اتهامات.وكون كيرفيل مركزا بنحو 50 مليار يورو وبدلا من ان يحمي استثمارات البنك كما أبلغ رؤساءه تركها معرضة لخطر انخفاض أسعار الاسهم. وأدت الفضيحة لهبوط سهم سوسيتيه جنرال ويري كثيرون الان أن البنك هدف رئيسي لصفقة شراء أو التقسيم. وارتفع السهم يوم الثلاثاء 2.8 في المئة الي 73 يورو. كما أن ادارته تتعرض لهجوم من المؤسسة السياسية في فرنسا. ويوم الاثنين قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان كبار المديرين ينبغي ان يتحملوا نصيبهم من المسؤولية.وفي نشرة بحثية يوم الثلاثاء تساءلت مؤسسة ليمان براذرز "هل يمكن أن تستمر الادارة .." وجددت أزمة سوسيتيه جنرال التكهنات القديمة بان بنك بي.ان.بي باريبا وهو أكبر بنك مسجل في فرنسا ربما يتقدم بعرض لشرائه. وفي عام 1999 نجا بنك سوسيتيه جنرال من محاولة شراء من جانب بي.ان.بي باريبا. وتضيف ليمان براذرز "قد يكون بي.ان.بي باريبا مهتما بشراء حق الامتياز بقيمة أقل." وتابعت المؤسسة أنها لا تري سببا وجيها لشراء أسهم سوسيتيه جنرال ولكنها أبقت السعر المستهدف للبنك عند 95 يورو للسهم. ويوم الاثنين أغلق سهم سوسيتيه جنرال منخفضا 3.8 % عند 71.05 يورو لتحوم القيمة السوقية للبنك حول 33 مليار يورو. وانخفض سهم البنك 29 % منذ بداية العام الجاري و23 % في العام الماضي. وعلي مستوي عملية الاحتيال نفسها لايزال المتعاملون في المشتقات والأسهم يبحثون عن إجابات بعدما أوضح سوسيتيه جنرال كيف أن متعاملا محتالا استطاع تكوين مركز بقيمة 73 مليار دولار وكبد البنك الفرنسي خسارة بلغت 7 مليارات دولار. وقال سوسيتيه جنرال إن المتعامل جيروم كيرفيل "31 عاما" أنشأ حسابات زائفة لكي يجعل مراكزه المكشوفة تبدو كما لو كانت مغطاة وزور وثائق لاخفاء أفعاله. وقال مات مكيث مدير تداول الأسهم لدي فرست ستيت انفستمنتس في هونج كونج: أعتقد أن معظم الناس مندهشون لكون شخص استطاع الافلات بمعاملة من هذا النوع لفترة طويلة دون أن يلاحظ مشيرا إلي أنه يشعر دائما ببعض الشك بشأن رواية الشركة في هذه الملابسات. وأثار التفسير حيرة متعاملي المشتقات والأسهم لاسيما أن كيرفيل لم يحقق فيما يبدو مصلحة شخصية من وراء مقامرته. وتباينت تكهنات المتعاملين بشأن ما إذا كان كيرفيل البسيط نسبيا لديه ضغينة ضد البنك أو أنه كان محبطا لعدم قدرته علي التداول بأحجام أكبر أو أنه كان كبش الفداء لاخفاق النظام في سوسيتيه جنرال ولايزال الكثيرون متشككين فيما إذا كان قد تصرف بمفرده. وقال متداول للأسهم في سول مستنكرا أن صفقة صغيرة جدا لا يمكن أن تمر دون اكتشافها لأكثر من يومين إذا لم تتم تسويتها، إنه ليس بالأمر الذي يستطيعه متعامل واحد معتبرا أن الأمر برمته يبدو غريبا في الحقيقة.