لا ندري علي أي أساس تم استدعاء سفراء دول الاتحاد الأوروبي في القاهرة والتهديد بقطع العلاقات معهم احتجاجاً علي قرار البرلمان الأوروبي الذي ينتقد سجل مصر في مجلس حقوق الإنسان..! وهل كان الذين استدعوا السفراء يتوقعون أو يعتقدون أن حكومات هذه الدول سوف تقوم باستدعاء أعضاء البرلمان وإملاء رغباتهم عليهم وإبلاغهم اعتراض القاهرة وتهديدها بقطع العلاقات..! وهل كان رئيس مجلس الشعب المصري موفقا وهو يهدد بأن مجلس الشعب سيقطع علاقاته مع البرلمان الأوروبي معتبراً أن القرار الصادر يمثل تدخلاً في الشئون المصرية..! ان القرار قد صدر برغم كل المحاولات الرسمية المصرية غير الموفقة والتي جاءت متأخرة بعد أن كان المجلس قد عقد العزم علي المضي قدما في إجراءات إصدار القرار..! والقرار يثبت مرة أخري عجزنا عن التحرك الدبلوماسي الخارجي الفعال، فلم تكن القضية قضية رسمية تدار من خلال القنوات العادية، وإنما كانت قضية شعبية مفترضاً أن تدار ويتم التحرك فيها من خلال منظمات المجتمع المدني المصري والمنظمات غير الحكومية لمساندة الحكومة والتأكيد علي الخطوات التي تتخذ في مجال حماية حقوق الإنسان في مصر وتقديم الأدلة والبراهين التي تدعم ذلك. ويجب أن يكون واضحاً في هذا الشأن أن العالم لا يتعامل الآن مع قضايا مثل حقوق الإنسان علي أنها قضايا داخلية تتعلق بالسيادة المحلية لكل دولة وإنما هي قضايا إنسانية عالمية يصونها المجتمع الدولي كله ويعبر عن رأيه وقناعاته فيها ويضغط علي الدول للالتزام بها ويمارس ويصدر العقوبات اللازمة بشأنها أيضاً..! والذي يحدث حالياً يثبت أن تحركنا وسياساتنا وتعاملاتنا مازالت تتسم بالتردد والالتزام بخطاب إعلامي وسياسي لا يتواءم ولا يتفق مع شعارات ومبادئ العصر الجديدة. ونحن نفتقر في هذا إلي آليات التحرك الدبلوماسي الخارجي السليم. فلدينا عجز واضح في السفراء القادرين علي تمثيل مصر بشكل مشرف، وعدد كبير من هؤلاء السفراء وصلوا إلي مراكزهم بالأقدمية ومازالوا يتصرفون بعقلية الموظفين المكتبيين دون قدرة أو اجتهاد أو إبداع ودون تدريب جيد علي كيفية التعامل مع وسائل الإعلام، ولذلك يتضح بجلاء عجزهم عن استغلال ثورة الإعلام الهائلة في توظيفها لخدمة مصالح مصر. ويقينا فإن وزارة الخارجية في حاجة إلي قيادة من نوع خاص تمتلك إلي جانب الكاريزما الشخصية صفات أخري مؤثرة قادرة علي إدارة الأزمات والقيام بدور دبلوماسي مؤثر علي الساحتين العربية والخارجية..! ان أعضاء البرلمان الأوروبي الذين أصدروا القرار الذي ينتقد مصر اعتمدوا في أحكامهم علي عدة تقارير سلبية عن مصر، ولم يجدوا في المقابل من يؤدي واجبه بعرض وإبراز ما قامت به الحكومة المصرية من إنجازات في هذا المجال ومن بينها الحرية المتاحة حالياً لكل مواطن بعرض مشاكله بكل شفافية في مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، وما يتم أيضا من جهود لكبح بعض تجاوزات الأجهزة الأمنية والتي وصلت إلي حد محاكمة العديد من الضباط وأفراد الأمن وإصدار أحكام بالسجن في حقهم. كما أن هناك تقصيراً واضحاً في تقديم المعلومات المتعلقة بظروف الحكم بحبس أيمن نور رئيس حزب الغد السابق وهي القضية التي أصبحت مثيرة للشك بسبب التدخلات الكثيرة فيها والتي أصبحت أيضاً تمثل صداعا مزمنا للحكومة المصرية سواء في علاقتها بدول الاتحاد الأوروبي أو بالولايات المتحدةالأمريكية..! إننا ومع رفضنا القاطع لما صدر عن البرلمان الأوروبي فإننا كنا نأمل أن تكون هناك حملة مسبقة لكيفية التعامل مع الاتحاد الأوروبي وغيره من المنظمات الدولية التي نتجاهل تحركاتها وزياراتها ودوافعها، ولا نتحرك لإمدادها بوجهات نظرنا وبالمعلومات الصحيحة إلا بعد فوات الأوان.. ان علي الاتحاد الأوروبي وهو يتحرك للدفاع عن حقوق الإنسان في مصر أن يبادر للحصول علي الحقوق المشروعة للإنسان في كل العالم العربي من جراء سنوات الاستعمار الأوروبي الطويلة التي استنزفت ثرواته وخيراته، فحقنا في الحصول علي تعويض من هذه الدول مازال قائماً، وحقنا في المطالبة بهذه التعويضات لا يجب أن يتوقف أبداً.. فالولايات المتحدةالأمريكية ودول أوروبا تلاحق ليبيا بصفة مستمرة من أجل تعويضات لعائلات مواطنيها الذين قتلوا في حوادث غامضة.. ومن حقنا أن نطالب بتعويضات عن الآلاف من شعبنا العربي الذي قتلتهم قوات الاحتلال في كل بلد عربي..! إننا نتقاعس عن المطالبة بحقوقنا التاريخية والمعنوية ونمنحهم الفرصة دائماً لأن يواصلوا فرض هيمنتهم ووصايتهم علينا، والعيب فينا دائماً فنحن لا نؤدي واجبنا ولا نهتم..! [email protected]