نودع عام 2007 وتستقبل البشرية معنا عام 2008.. وإذا أردنا أن نضع وصفا للعام الذي مضي وأن نضع عنوانا للعام الجديد فماذا نقول. لقد حاولت أن أستعرض الكتابات التي حملتها وسائل الإعلام المختلفة في هذا الصدد فوجدتها - كالعادة - تنقسم علي طريقة الثمانينيات بين الإشادة بعام 2007 لما تحقق فيه من انجازات علي الصعيد الاقتصادي وعلي الصعيد السياسي.. والترحيب بالعام الجديد الذي ندخله بالثقة والاطمئنان في أننا سوف نحقق فيه المزيد والمزيد من التقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وهذا كان اتجاه معظم الصحف القومية.. أما علي الطرف الآخر فقد كان الأمر علي خلاف ذلك، ففي الصحف الحزبية والمستقلة كانت النغمة تري في العام الذي مضي أنه عام الكوارث والإضرابات وحديث الدعم وانفلات الأسعار.. وتري أن التوقعات للعام الجديد لن تكون أحسن حالا مما مضي بل إن البعض يتوقع الأسوأ. وعندما لم أجد في تلك الصحف ما يشفي غليلي ويستريح له عقلي وضميري فقد رحت أجرب الاتصال بمجموعة من الأصدقاء والزملاء بعضهم من أساتذة الجامعات، والبعض الآخر من رجال الأعمال، والبعض الثالث من المهنيين والحرفيين بل وبعض الناس البسطاء والعاديين، وأضفت لهم بعض الناس السياسيين من أطياف مختلفة.. وكان حديثي مع كل تلك النوعيات يدور حول نقطة واحدة هي محاولة تحديد وصف للعام الذي انقضي ووضع عنوان علي عام جديد يدق الأبواب.. وقد كانت حصيلة حديثي مع هؤلاء علي النحو التالي: أنه من الصعب أن نجد صفة واحدة يمكن أن تجمع وتلخص ما وقع من أحداث داخلية أو خارجية في عام ،2007 ومع ذلك فإنه يمكن أن نلتقط بعض الأحداث المحلية أو الخارجية الأكثر أهمية أو تأثيرا لكي نجعل منها صفة للعام المنقضي.. وهنا فقد تباينت تلك الصفات بين أفراد المجموعة الذين تحدثت معهم.. غير أن أكثر الصفات تكرارا كانت خمس صفات هي: * عام البدايات بالإشارة إلي أنه قد شهد بدايات حقيقية في الإصلاح الاقتصادي والسياسي واختتم أيامه بالتركيز علي أهمية وضرورة الاهتمام بالعدالة الاجتماعية والبعد الاجتماعي في عملية التنمية فهو من هذا المنظور يعتبر عام البدايات بالنسبة لأوضاعنا الداخلية. * عام النهايات بالإشارة إلي ما تردد أيضا من أيام وزمن الأسعار الرخيصة أو المعتدلة قد ولي وانتهي علي المستوي العالمي، لا سيما في السلع الغذائية، وبالإشارة أيضا إلي أنه عام النهايات لأمور كثيرة لا تأخذ المنحني أو الاتجاه الصحيح ويجب وضعها علي الطريق الصحيح، ومنها قضية عدم وصول الدعم إلي مستحقيه والمناداة بتصحيح ذلك ليس بهدف أو غرض الانتقاص من حجم الدعم بأي حال من الأحوال، ولكن بغرض تعديل مسار الدعم ليصل لمن يستحقه ودعوة المجتمع إلي المشاركة في تحديد المستحقين وآليات الوصول إليهم سواء بالدعم النقدي أو الدعم العيني فالمهم في كل الحالات أن يصل لمن يستحقه. * عام الصحوة وذلك بالإشارة إلي ما شهده عام 2007 من ظاهرة إيجابية علي مستوي الأفراد أو علي مستوي الحكومة والجهات المعنية، فعلي مستوي الأفراد كان هناك مزيد من التعبير عن الرأي بالنسبة للحقوق الذين يطالبون بها من زيادة الرواتب أو غيرها.. ولعل أبرز الأمثلة في هذا الصدد ما قام به موظفو الضرائب العقارية، وعلي الجانب الآخر فإن الأجهزة الحكومية كانت علي مستوي أفضل في رد الفعل بل أيضا في التعامل مع تلك المشكلات وإن كان البعض يلاحظ أن الأمور تستحق مزيدا من الاهتمام من جانب الحكومة ومواجهة المشكلات في مهدها والأخذ بمفهوم الوقاية خير من العلاج. * عام التوتر باعتبار ما شهده عام 2007 من احتقان وردود أفعال سريعة ومنفعلة من مختلف الأطراف وعلي مختلف الأصعدة ويري أصحاب هذا الرأي أنه كان من الممكن معالجة الأمور علي نحو أفضل وتدارك الأسباب علي نحو مختلف يسمح بحوار متبادل في المجتمع وليس صراخا منفلتا ومنفعل. * عام الكوارث بالإشارة إلي ما وقع فيه من أحداث دولية ومحلية. وهكذا عزيزي القارئ ما بين البدايات والنهايات والصحوة والتوتر والكوارث تعددت الرؤي واختلفت الأوصاف ولابد أيضا أن لديك تسمية قد تتفق مع هذا وقد تختلف وأسباب لذلك فأهلا لأي رؤية تضعها في هذا الصدد نتواصل معها وحولها. أما عن عام قادم وعنوان له فقد كان أكثر العناوين تكرارا هو عام الدعم والعدالة الاجتماعية وعام الضرائب العقارية وعام الثروة العقارية وعام الفاعلية المجتمعية. ويتضح من تلك العناوين الاعتبار الذي استند إليه والأسباب التي تكمن وراءها فقد أبدي البعض تخوفات من قضية الدعم والضريبة العقارية في ثوبها الجديد ونطاقها المتسع وما قد يحدث من ارتفاع في تقدير القيمة الايجارية للمباني التي سوف يطبق عليها السعر الجديد للضريبة، كما أبدي البعض تخوفا من ترك الثروة العقارية دون صيانة وما تتعرض له من انهيارات وما يقع من تجاوزات ومخالفات ربما متأثرا مما حدث في نهاية العام المنصرم من انهيار عمارة في الإسكندرية في حي شهير وسقوط سقف عمارة أخري في حي شعبي. وعموما فإن الثروة العقارية تستحق منا اهتماما آخر حصرا وتسجيلا وصيانة وتجميلا ليشرق علينا وجه الوطن الجميل في عام جديد.