تحرير تجارة الخدمات بين مصر والاتحاد الأوروبي ملف شائك باعتبار أن الخدمات تسهم بنحو 48% من الناتج المحلي الإجمالي وتوفر فرص عمل لأكثر من 57% من إجمالي المشتغلين في مصر. يأتي ذلك في الوقت الذي طالب المهندس رشيد خلال مباحثاته مع المفوض التجاري الأوروبي بيتر ماندلسون ببدء التحرير الثنائي لقطاع الخدمات خاصة تلك المرتبطة بقطاع النقل والتوزيع والتخزين لأهميتها في رفع القدرة للمنتجات المصرية الزراعية والصناعية. ويطرح السؤال نفسه: هل تحرير تجارة الخدمات علي المستوي الثنائي أكثر ملائمة وما عليه من تحرير في إطار مفاوضات الجاتس؟ وهل كفاءة الخدمات المصرية تجعلها قادرة علي المنافسة؟ وكما توضح الدكتورة مني الجرف كبير الاقتصاديين بمكتب وزير التجارة والصناعة ومسئول ملف تحرير الخدمات أنه لن تكون هناك مفاوضات مباشرة قبل الربع الأول من 2008 وأن التحرير مازال في مرحلة ترتيب الأوراق ولم نصل إلي شكل خطة متكاملة وما يحدث الاَن هو مجرد مباحثات مع جميع القطاعات الخدمية وعقد جلسات مناقشات لمناقشة الأولويات المتعلقة بالتحرير في كل قطاع.. وتشير إلي أن الجانبين المصري والأوروبي سيقدمان التزامات أعلي مما يقدماها في إطار "الجاتس" ووفقا لإعلان مراكش، بمعني أنه سيتم فتح قطاعات أخري غير تلك التي التزمت بها مصر في إطار الجاتس وحسب السياسة الاستراتيجية لكل قطاع. وتلفت الدكتورة مني الجرف إلي أن اتفاقية المشاركة بين الجانبين لم تتطرق إلي تحرير تجارة الخدمات ولم يكن بها سوي المادتين 29 و30 التي تلزم الطرفين بتحرير تجارة الخدمات وفقا لالتزاماتهما في إطار الجاتس، موضحة أن التفاوض حول تحرير تجارة الخدمات بين الجانبين بدأ في مارس 2006 وفقا لإعلان مراكش الذي ضم وزراء التجارة الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي ومصر وتونس ولبنان والأردن والمغرب ومنذ ذلك التاريخ جرت 4 جولات للتفاوض الذي يتم علي مستويين الأول اقليمي والثاني ثنائي، وللاَن لم يتم التحدث عن القطاعات التي سيتم التحرير بها. الثنائي والاقليمي وتضيف أنه نتيجة للخلاف في وجهات النظر علي المستوي الاقليمي الذي يحدد القواعد العامة اتفق وزراء التجارة الخارجية في أكتوبر الماضي خلال اجتماعات لشبونة علي البدء في التفاوض الثنائي بالتوازي مع الاقليمي لتحديد القطاعات، مشيرة إلي أن مصر في إطار التفاوض الاقليمي قدمت بروتوكولا متكاملا يتناول كيفية التحرير في إطار جولة "ميد 4" خاصة أن بها عددا من المزايا تساهم في زيادة نقل الخدمات المصرية للخارج، لكن البروتوكول مازال محل الدراسة من قبل ال 27 دولة أوروبية، خاصة أن ملف نقل خدمات العمالة يقابل بحذر شديد من قبل الاتحاد الأوروبي. وتوضح كبير الاقتصاديين بمكتب وزير التجارة والصناعة أن مصر لم تقدم التزامات في تحرير تجارة الخدمات في إطار الجاتس إلا في 5 قطاعات أهمها الإنشاءات والخدمات الهندسية والسياحية والسفر والخدمات المالية والنقل البحري وهو تحرير نسبي بمعني أنها أزالت بعض العقبات وفتحت بعض القطاعات الفرعية وقدمت مصر قدرا نسبيا من التحرير في قطاعي السياحة والاتصالات وكلاهما حقق معدلات نمو موجبة يفوق معدل نمو الناتج المحلي في الوقت الحالي، مشيرة إلي أن ذلك لا يرجع إلي التحرير فقط وإنما هناك عوامل أخري، ولا أحد يستطيع أن ينكر التطور في نوع الخدمات المالية بعد التحرير الجزئي في القطاع المالي. وتؤكد الدكتورة مني الجرف أنه لا يقصد بتحرير تجارة الخدمات أن يتم فتح الباب علي مصراعيه ولا يمكن فعل ذلك حتي في أمريكا، وإنما كل دولة تضع الضوابط التي تتفق مع إمكانياتها وهو نص مسموح به في إطار التفاوض خاصة أن مفاوضات الجات أكدت أن لكل طرف أن يعكس مصالحه الوطنية في التفاوض، موضحة أن العبء يقع علينا في المرحلة القادمة لترتيب أوراقنا وأولوياتنا الوطنية وقدرة كل قطاع علي المنافسة بعيدا عن وجهة نظر المنتج فقط ولكن يجب أن نضع في الاعتبار وجهة نظر المستهلك الذي يجب أن يحصل علي سلعة جيدة وتكلفة أقل.