التقرير الاستراتيجي العربي هو احد اهم مطبوعات مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الاهرام" ويصدر سنويا بانتظام منذ عام 1985. وها نحن امام التقرير الاستراتيجي العربي "2006 2007" الذي يختلف في الشكل والتبويب عن التقارير السابقة وان كان لا يختلف عنها في الاهمية باعتباره وثيقة ترصد التحولات الاساسية خلال عام الامر الذي يجعله اقرب مايكون الي "دفتر احوال" لا يستغني عنه الباحث والمهتم بالشأن العام. وقبل عرض اهم ملامح التقرير الجديد يجدر اولا تقديم التحية والتهنئة لكل الزملاء الذين ساهموا في اعداده وهم حسب الترتيب الوارد في التقرير رئيس التحرير عبدالفتاح الجبالي ونائب رئيس التحرير أيمن السيد عبدالوهاب ومدير التحرير محمد فايز فرحات ومجلس التحرير الدكتور عبدالمنعم سعيد ونبيل عبدالفتاح والدكتور وحيد عبد المجيد والدكتور حسن ابوطالب والدكتور جمال عبدالجواد والمستشار الفني السيد عزمي والمدير الفني حامد العويضي وسكرتير التحرير الفني حسني ابراهيم ومصطفي علوان. بعد الافتتاحية المقدمة يتكون التقرير من خمسة اجزاء ، الاول عن التفاعلات الدولية، والثاني عن التفاعلات الاقليمية ، والثالث عن القضية الفلسطينية، والرابع عن النظام الاقليمي العربي، والخامس والاخير عن مصر. وفي الافتتاحية التي كتبها عبدالفتاح الجبالي عن العولمة والازمات المالية والتي حاول فيها هذا الباحث المتميز الاجابة عن سؤال رئيسي هو: هل يشهد الاقتصاد العالمي ازمة مالية قريبا؟ كانت الخلاصة هي ان الهيكل الحالي للنظام المالي الدولي اصبح لا يتسم بالكفاءة ، واصبح مفتتاً، واصبح بالتالي غير قادر علي ادارة المخاطر المالية المحتملة. وفي رأي الجبالي فإن كثيرا من هذه المخاطر يرتبط بالتطورات في اسواق المال الدولية بما في ذلك موقف المستثمرين الدوليين والبنوك الدولية ونشوء اخطار تهدد وضع المدفوعات الدولية مصحوبة باضطرابات علي الصعيد التجاري وحدوث المزيد من الانخفاض في اسعار الاوراق المالية وغيرها من الاصول مصحوبا بخسائر في الثروات المالية وانكماش الاستهلاك والاستثمار علي الصعيد العالمي. ويضيف ان هناك العديد من العوامل التي يمكنها ان تغذي هذه العملية منها الزيادة المتوقعة في معدلات التضخم في الدول المتقدمة في ضوء تدني معدلات الفائدة طويلة الاجل وكذلك استمرار العجوزات الهائلة في الموازنات العامة وتدني معدلات الادخار والاختلالات المالية الناجمة من الفوائض البترولية وغيرها، خاصة وان السلوك الطبيعي للاسواق المالية في مواجهة الصدمات هو الاستسلام لحالة الذعر العام واتباع سلوك القطيع بشكل غريزي ومن ثم تفتقد الاسواق القدرة علي التمييز بين الاقتصادات التي تتمتع بعوامل اقتصادية اساسية قوية والاخري ذات العوامل الاقتصادية الضعيفة. وبناء علي التحليلات الكثيرة التي قدمت خلال السنوات الاخيرة يخلص عبدالفتاح الجبالي الي القول بانه يمكن استخلاص نتيجة واحدة بكل يقين وهي ضرورة اعادة النظر كلية في المبادئ الاساسية التي يعتمد عليها النظام المالي والنقدي الحالي، فمازال هناك قدر كبير من عدم اليقين في الاسواق الدولية، وهناك مايشير بالفعل الي ان العاقبة قد تكون اسوأ، إذ مع احتمال حدوث ركود اقتصادي واسع واكثر عمقا مما يؤدي الي مجموعة من المخاطر المتشابكة التي تعيب الموقف الاقتصادي الحالي بضعف غير عادي. بهذه النظرة المتشائمة الي مستقبل النظام المالي العالمي وبتلك التحذيرات من مخاطر واضطرابات وخسائر وانكماش وتضخم وعجز في الموازنات وتدن في معدلات الادخار واختلالات مالية هائلة، وما قد تولده من حالة ذعر عام، تأتي افتتاحية التقرير الاستراتيجي العربي بصورة مفزعة تجعلنا نضع ايدينا علي قلوبنا لكن الافتتاحية الممتازة لم تقل لنا مع ذلك ماذا يجب علي حكومات بلدان "غلبانة" مثل بلدنا وغيرها من البلدان العربية وبلدان العالم الثالث ان تفعل؟