الحوار مع الدكتور عثمان محمد عثمان لا يمكن إلا أن يكون مهما, فهو حامل حقيبة التنمية الاقتصادية ومعلوماته تصلح كمؤشر لمعرفة حجم التغيرات الاجتماعية في مصر, في عصر باتت التنمية هي كلمة السر لخفض معدلات الفقر والبطالة والسيطرة علي الغلاء, ومن ثم تحسن مستويات المعيشة للمواطن. ينعته البعض بالوزير المتفائل.. إلا أنه تفاؤل حذر يعتمد علي العلم والدراسة والأرقام الدقيقة والمعلومات الموثقة. ولما لا وهو الباحث والأكاديمي المتخصص قبل أن يكون وزيرا للتنمية الاقتصادية. في عهده قدمت وزارته تقرير متابعة الأداء الاقتصادي وهو تقرير ربع سنوي يرصد المتغيرات المختلفة في كل المجالات, ويعرض علي مجلس الوزراء لرسم السياسات وتحديد التصورات الاقتصادية واتخاذ القرارات والاجراءات المناسبة.. وبات من غير اللائق التشكيك في الأرقام والبيانات التي تصدر عن وزارته أو فريقه المعاون ولأول مرة منذ زمن بعيد نجد خبراء المؤسسات الدولية يعترفون بدقة البيانات الصادرة عن الحكومة المصرية. لكل هذا تأتي أهمية الحوار مع الدكتور عثمان محمد عثمان الذي يحمل علي عاتقه الكثير من الهموم والمهام التي قد لا يشعر بها المواطن العادي, علي الرغم من أنها تمس كل جوانب حياته اليومية. وفي هذه الندوة طرحنا الكثير من الأسئلة التي تشغل بال المواطن المصري وحاولنا البحث عن إجابات شافية لها. الأهرام: بماذا تفسر التضارب في بعض الأرقام والتقارير الحكومية؟ الوزير: لم يعد من اللائق التشكيك في الأرقام الصادرة عن وزارة التنمية الاقتصادية.. فالأرقام التي تصدر في التقارير عن الوزارة دقيقة بنسبة100%, كل رقم يصدر عن وزارة التنمية الاقتصادية مستند إلي أسلوب وطريقة علمية.. وإحصائيا هناك هامش للخطأ.. ومنذ عام2003 يوجد خبراء أجانب يتعاونون مع نظرائهم المصريين لمعرفة كيفية الحساب والإحصاء والأرقام وتم اعتمادنا في نظام النشر الخاص. وفي التعداد, لأول مرة يتم في مصر عمل عد' بعدي' وهو غير العد الشامل. ويقوم بالعد البعدي خبراء يختلفون عن خبراء جهاز الإحصاء الذين يقومون بالتعداد, وتم الاتفاق مع خبراء من صندوق السكان التابع للأمم المتحدة وبالتعاون مع خبراء مصريين. وهنا أشير إلي أن الخبراء المصريين يفوقون الخبراء الأجانب. وتم عمل العد البعدي وأتضح أن هناك هامشا للخطأ يقدر بنحو4-5%. ويجب الالتفات إلي أن بيانات وزارة التنمية الاقتصادية لا تقل مصداقية عن بيانات تصدر عن أي وزارة في دولة محترمة.. وهو ما أعطي مصر مصداقية لدي جميع المؤسسات الدولية. الأهرام: هل انتهي عهد الخطط الخمسية؟ الوزير: تقرير المتابعة الربع سنوي, الذي ناقشناه في مجلس الوزراء مؤخرا عنوانه' العام الثالث من الخطة الخمسية السادسة2008/2007 2012/2011 وبحكم الدستور والقانون لابد من وجود خطط خمسية وخطط سنوية يقرها البرلمان.. وبإذن الله خلال شهر نوفمبر القادم سوف يتم إعداد الخطة الخمسية السابعة وذلك بالتنسيق التام بين الوزارات المختلفة وبين وزارة التنمية الاقتصادية.. وعلي سبيل المثال فان خطة العام المالي الحالي2011/2010 تستهدف ضخ استثمارات كلية تقدر بنحو256 مليار جنيه بزيادة19% عن الاستثمارات المتوقعة العام الماضي وقدرها215 مليار جنيه, بهدف تنفيذ البرنامج الانتخابي للسيد رئيس الجمهورية, ومن المستهدف ضخ نحو40.1 مليار جنيه كاستثمارات حكومية بنسبة15.7% من الاستثمارات الكلية.. هذه الاستثمارات تستهدف تنفيذ نحو25 برنامجا لدعم البنية الأساسية وتعزيز جهود التنمية البشرية.. الأهرام: رغم الدور الكبير الذي تقوم به وزارتكم, إلا أن المواطن لا يشعر بأهمية وزارة التنمية الاقتصادية, فما هو السبب ولماذا تم تغيير مسماها من التخطيط إلي التنمية الاقتصادية؟ الوزير: الفكرة الأساسية كانت تغيير المسمي, من الوسيلة, التخطيط, إلي الهدف الذي نسعي إليه وهو التنمية.. أي من التخطيط إلي التنمية الاقتصادية. وبحكم المسمي والوظيفة المكلفة بها فإنها وزارة تنسيق في الأساس وليست وزارة تنفيذية.. تنسيق بين الوزارات المختلفة التي تنفذ البرامج والسياسات الخاصة بالتنمية.. وأيضا تنسيق علي مستوي المجتمع بين القطاع الخاص والدولة. وتبرز أهمية هذا الدور في ضوء الموارد المحدودة للمجتمع.. فيتم سؤال كل وزارة عن خططها خلال خمس أو عشر سنوات.. وعند ذلك تطلب كل من هذه الوزارات اعتمادات معينة. الأهرام: هل تغير دور الوزارة في عهدتكم عما كان الحال قبل ذلك؟ الوزير: تقوم وزارة التنمية الاقتصادية بالمتابعة لقياس اثر تنفيذ هذه المشروعات أو الاستثمارات علي المجتمع وهل حققت المستهدف منها.. وقبل تشرفي بدخول الوزارة كانت وزارة التخطيط تعد وثيقة الخطة, ولا يعرف احد ما إذا كانت الخطة تم تنفيذها أم لا, لأنه لم يكن يصدر عن وزارة التخطيط تقارير متابعة بأي شكل.. ما يصدر الآن من تقارير متابعة ربع سنوية ترصد بدقة ما الذي تم خلال الربع سنة وتراكميا خلال النصف ثم الأشهر التسعة, ثم السنة كاملة.. أيضا لم يكن يعرض علي مجلس الوزراء أي شيء يتعلق بخطة التنمية في مصر.. بعد ذلك يتم تقديم تقارير المتابعة علي النشاط الاقتصادي والأداء التنموي وحجم المشروعات التي تمت وتسمي مؤشرات الأداء المختلفة ويتم تقديم تقرير عنها كل ثلاثة شهور أمام مجلس الوزراء, بخلاف ما تقدمه كل وزارة من تقارير عن نشاطها وما حققته.. ومن ثم أصبح لدينا نقاش حقيقي عن سياسات وبرامج واستراتيجيات.. توضح مثلا أن هناك زيادة في الصناعة وانخفاضا في الزراعة.. الخ.. أثناء الأزمة المالية تم إصدار المرصد الاقتصادي وكان يعرض بتفاصيل كل أسبوع علي مجلس الوزراء ويوضح بدقة تفاصيل الاقتصاد المصري ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.. وهو ما حدث بالفعل. أيضا في ظل نظام اقتصاد السوق.. يحتاج المستثمر في دراسته للسوق لبيانات ومعلومات عن الاقتصاد ككل وليس عن نشاطه فقط.. وأحد المهام الرئيسية للوزارة هي تقديم هذه البيانات, وقد تمكنا بعد فترات عمل طويلة من توفير منظومة معلومات وبيانات عن الاقتصاد المصري ككل وعن القطاعات المختلفة وعن كافة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.. فالوزارة تساهم مع رئيس مجلس الوزراء في تنسيق العمل كما تساعد جميع الوزارات سواء في الحصول علي اعتمادات كافية أو في المتابعة لنقاط اختناق.. الخ, فالحكومة وحدة واحدة تعمل في إطار منظومة متكاملة ولا توجد وزارة مهمة وأخري غير مهمة.. هناك وظيفة ودور لابد أن يؤدي بصرف النظر عن المسمي. الأهرام: كيف تجاوزنا الأزمة المالية العالمية.. الوزير: كل التوقعات كانت متشائمة جدا, إلا اننا تجاوزنا الأزمة بالتعامل الموضوعي والجاد وترقب تداعياتها تم اتخاذ حزمة متكاملة من الإجراءات استهدفت بصفة أساسية عدم الدخول في حالة ركود في النشاط الاقتصادي في مصر ومن ثم عدم زيادة معدلات البطالة وتدهور أحوال المعيشة. الأهرام: لماذا لا يشعر المواطن البسيط بارتفاع معدلات الأداء الاقتصادي الذي تتحدث عنه؟ الوزير: من حق المواطن أن يتوقع الأفضل والأحسن وأن يحاسب حكومته علي عدم الوفاء بالخدمات بشكل مناسب وتوفير فرص عمل مناسبة.. نعترف أننا لدينا أوجه قصور ومن حق كل شاب وفتاة عاطلين عن العمل أن يشعروا بالإحباط لإحساسهم أن الكلام عن توفير فرص العمل غير حقيقي, لكن هؤلاء الشباب لا يعرفون انه في السنوات الخمس الماضية تم تشغيل نحو2 مليون شاب وفتاة وربما لو علموا ذلك لشعروا بمزيد من الإحباط لكونهم لم يصبهم الدور في العمل.. ورغم كل هذا يقول المواطن إنها مشكلة الحكومة.. ومعه كل الحق..لان التلاقي بين الطلب علي العمل وفرص العمل الموجودة لا يتم بشكل كامل100%.. ولذلك نستهدف توفير750 ألف فرصة عمل سنويا ونستكمل الحوار في حلقة قادمة المشاركون في الندوة:أحمد العطار رأفت أمين عادل شفيق صفاء جمال الدين ممدوح الولي رأفت سليمان :عبده الدقيشي أعدها للنشر:مجدي حسين