لم يكن ياسر عرفات يتصور أن يتقاتل أبناء شعبه في ذكري رحيله وأن يقف رفاق السلاح يطلقون النيران علي بعضهم البعض وهم واقفون علي بقايا رفات الرجل.. لم يكن عرفات يتصور أن الأيدي التي حملت السلاح دفاعا عن الأرض سوف تحمله مرة أخري ليس من أجل الأرض ولكن لتقتل به الأخ والشقيق والجار.. خرج رفاق السلاح يحتفلون بذكري مرور 3 سنوات علي رحيل قائدهم بأن أطلقوا النيران هنا وهناك وقتل منهم من قتل.. لم نشاهد يوما جماعة من حزب الليكود تحمل السلاح وتقتل شخصا واحدا في حزب العمل.. ولم يخرج بيريز يوما لكي يهاجم شارون رغم أن كليهما قاتل.. ولم يحمل باراك مسدسه ويطلق النار علي نتنياهو رغم أن كل واحد منهما لطخ يديه اَلاف المرات بدماء شهداء فلسطين.. ولكن فتح وحماس حملا السلاح وقتلوا بعضهم من أجل أرض محتلة وأمام عدو غاصب يتربص بهم.. فلا الكراسي التي جلسوا عليها تستحق هذه المعارك ولا المساحات التي حصلوا عليها تحررت حتي يحاربوا بعضهم علي أطلالها. إن ياسر عرفات حزين الاَن في قبره.. حزين علي الملايين من أبناء شعبه الذين خذلتهم قيادات لم تدرك أمانة المسئولية.. وحزين لأن أحلام شعبه في العودة تتراجع أمام صراعات لا منتصر فيها ولا مهزوم.. إن أطفال فلسطين في الملاجيء ينظرون الاَن إلي هذه المعارك وهم يتساءلون: هل هذا هو مصير اَلاف الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل فلسطين الشعب والقضية؟ وهل هؤلاء هم خلفاء ياسر عرفات الذي وضع اسم فلسطين يوما علي خارطة العالم وليس خارطة الطريق؟ كان ينبغي أن يقدر زعماء حماس وفتح مسئولية اللحظة التاريخية وذكري الرجل الذي أصبح رمزا لقضيتهم.. كان ينبغي أن يلقي كل واحد منهم السلاح وأن يوجهه إلي مكانه الصحيح.. إن مكان هذا السلاح ليس صدور الشعب الفلسطيني الذي يعاني سنوات طويلة من أجل استرداد أرضه.. وهل هؤلاء يتذكرون شهداء الانتفاضتين الأولي والثانية ويتذكرون محمد الدرة ودماء أطفال صغار ماتوا من أجل قضيتهم.. كان ينبغي أن تكون ذكري أبو عمار دعوة لتوحيد الصف وليست مجزرة جديدة بأيدي الفلسطينيين أنفسهم.