تصدرت قضايا الإصلاح والتحديث مؤتمر الحزب الوطني التاسع الأسبوع الماضي وخرج المؤتمر بتوصيات عدة كان من بينها الاهتمام بالكوادر البشرية، وإعادة هيكلة الأجور وتنفيذ الكوادر الخاصة بالأطباء والمعلمين، وترسيخ مبدأ الشفافية في التعاملات المالية، وتم خلال جلسات المؤتمر طرح ورقة مناقشة أولية تحت عنوان "نحو مجتمع أكثر شفافية في مصر" أعدها عبد الفتاح الجبالي رئيس الوحدة الاقتصادية بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام وخرجت الورقة بتوصيات مهمة وجريئة اذ طالبت أصحاب المناصب العامة من الوزراء السياسيين بالإفصاح عن ممتلكاتهم بشكل واضح فبل شغل وظائفهم، وأن يتم الإفصاح عما تقدمه الشركات والأفراد من رجال الأعمال "ذوي المصالح" لتمويل المؤتمرات والنشاطات الحزبية وتمويل الحملات الانتخابية. وطالبت بخطوات أكثر فاعلية لتحسين هيكل الأجور في مصر، ومن المقرر أن تقدم هذه الورقة للمجلس القومي للأجور خلال الفترة القادمة لتكون أساساً لوضع خريطة لإصلاح الأجور وإعادة هيكلتها ووضع آليات لإصلاح الفساد. يأتي ذلك فيما بدأت اللجنة السباعية التي شكلها الدكتور أحمد درويش وزير الدولية للتنمية الإدارية، كلجنة دائمة بالوزارة، في وضع استراتيجية قومية لمكافحة الفساد ووضع الإطار التشريعي والقوانين واللوائح التي تؤدي إلي مزيد من الشفافية والنزاهة، ورصد حالات الفساد الإداري، ووضع آليات لسد الثغرات ونظام فعال لخدمة المواطنين وتلقي شكاواهم، وتعد اللجنة تقريراً دوريا عن أعمالها كل ستة أشهر لعرضها علي رئيس مجلس الوزراء، ورغم أن هذه اللجنة لم يمض علي تشكيلها أكثر من شهر واحد إلا أنها بدأت مشوارها "الصعب" باستطلاع للرأي أجرته الوزارة حول المؤشر العام لادراك الفساد الإداري لدي المواطنين، وأكد الاستطلاع ارتفاع المؤشر إلي 66 نقطة بزيادة 16 نقطة عن مستوي الحياد المتمثل في 50 نقطة. ويتفق كثير من الخبراء والمتخصصين علي ضرورة التصدي للفساد الإداري في مصر، خاصة أن ترتيب المجالات الأكثر عرضة للفساد في مصر يشير إلي أن مجالات الحصول علي الخدمات والتراخيص هي الأكثر عرضة للفساد ودفع الرشاوي تليها الضرائب والجمارك ثم المخالفات بأنواعها، ثم إدارة المرافق العامة التي تعاني من الإهمال واللامبالاة يليها التوظيف الحكومي والمشتريات الحكومية. ويشير عبد الفتاح الجبالي في دراسته إلي أن العلماء وضعوا ثلاثة أنواع مختلفة من الفساد، الأول هو الذي يحصل به المواطن أو الشخصية الاعتبارية علي حق من حقوقه القانونية، أي فساد دون سرقة، مثل تقديم رشوة لتخطي الصفوف أو لسرعة إنجاز عمل ما أو استخراج بعض التصاريح وهو ما اصطلح علي تسميته بالفساد الصغير، والنوع الثاني هو الذي ينتهك القواعد القانونية أو يؤدي إلي التطبيق المتحيز لهذه القواعد وهو ما يطلق عليه الاستيلاء علي الدولة، ويهدف إلي تغيير القواعد المنظمة للدولة لكي تحابي مصالح البعض وعدم مراعاة المصلحة العامة والتأثير المباشر في التشريعات والسياسات العامة سواء لخفض التكاليف علي تلك المجموعات أو زيادة انتفاعها. موقع مصر وتحتل مصر المرتبة التاسعة بين الخمس عشرة دولة في الشرق الأوسط تسبقها الإمارات وقطر وإسرائيل والبحرين وعمان والاردن والكويت ولبنان والسعودية وتليها سوريا وإيران وليبيا واليمن والعراق واحتلت مصر المرتبة ال 70 بين الدول في مجال دفع الرشاوي في الخدمات العامة مثل التليفونات والكهرباء والمرتبة 62 في دفع الرشاوي في مجال الاستيراد والتصدير والمرتبة 77 في دفع الرشاوي في الضرائب، والمرتبة 33 في رشاوي النظام القضائي والمرتبة 39 فيما يتعلق بالعقود العامة والمشروعات الاستثمارية، ومن المؤشرات المهمة ايضا مؤشر "شفافية الموازنة العامة للدولة" وفي هذا الاستطلاع احتلت مصر الترتيب 54 وهو ما يرفضه الجبالي، موضحا أن البيانات المنشورة مبنية علي أسس مغلوطة، لأنه إذا صح هذا التحليل علي البيانات الرسمية فماذا عن البيانات غير الرسمية خاصة أن البيانات الرسمية يصعب اللعب فيها خاصة بيانات السياسة النقدية مثل المعروض النقدي والودائع بالبنوك.