هبت البنوك المركزية العالمية للدفاع عن الدولار خلال الايام القليلة الماضية من خلال الدخول بقوة لسوق الصرف مشترية العملة الامريكية بهدف وقف هبوطها امام عملاتها المحلية ،ولم يكن البنك المركزي المصري هو الاستثناء في ذلك ،ففي نفس يوم تدخل المركزي المصري تدخلت بنوك مركزية كبري في الاسواق لاعادة الانضباط لاسواق الصرف بها وحماية عملاتها المحلية التي شهدت ارتفاعا غير مبرر وهو ما قد يضر بموارد الدولة من النقد الاجنبي . وكان علي رأس البنوك المركزية العالمية التي تدخلت في اسواق الصرف البنك المركزي الاوروبي الذي لا يحبذ كثيرا سياسة اليورو القوي في مواجهة الدولار باعتبار ان ذلك مضر بمصالحها وكذا تدخل عدد من البنوك المركزية الاسيوية والاوروبية كبنك هونج كونج والمركزي الروسي،الي جانب مجلس الاحتياط الفيدرالي المركزي الامريكي الذي ضخ خلال الفترة الماضية مئات المليارات من الدولارات لحماية سوق العقارات من الانهيار وهو ما قد يؤثر سلبا علي وضع الدولار التنافسي مقابل العملات الرئيسية الاخري وفي مقدمتها اليورو والجنيه الاسترليني. فقد ضخ البنك المركزي الروسي 112.6 مليار روبية "4.53 مليار دولار" من أموال يوم واحد في القطاع المصرفي يوم الجمعة الماضي بسعر فائدة 6.05% في اول مزاد علي عقود اعادة الشراء. كما تدخل البنك المركزي في هونج كونج يوم الجمعة الماضي ايضا لوقف ارتفاع دولار هونج كونج وتأكيد التزامه بربط العملة بالدولار بعد أن بلغ سعرها الحد الاقصي لنطاق التذبذب للمرة الثانية في أسبوع. وباعت السلطة النقدية في هونج كونج 775 مليون دولار هونج كونج 100 مليون دولار مقابل العملة الامريكية بعد أن بلغ سعر ثاني انشط عملة في اسيا بعد الين 7.75 للدولار.وقال متحدث باسم السلطة النقدية ان الحكومة ملتزمة تماما بالابقاء علي نظام اسعار الصرف القائم. وكان تدفق الاموال علي هونج كونج وتسارع معدل التضخم مع ارتفاع تكاليف الواردات الصينية قد أثار تكهنات بأن هونج كونج قد تتخلي عن سياسة ربط عملتها بالدولار المستمرة منذ نحو 20 عاما او علي الاقل ستوسع نطاق تأرجحها. وكان مسح مجلس فيلادلفيا الاحتياطي الاتحادي لنشاط الاعمال قد قدم في أحدث تقرير له يقدم مؤشرات علي تراجع الاقتصاد الامريكي. وكان الدولار ضعيفا بالفعل قبل اعلان أرباح بنك اوف امريكا وذلك اثر بيانات مخيبة للامال عن سوق الاسكان الامريكية يوم الاربعاء. وفي يوم الجمعة الماضي انخفض سعر الدولار الي مستويات قياسية أمام اليورو وسلة عملات مع توقع المستثمرين بعد بيانات اقتصادية أمريكية ضعيفة ان يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي الامريكي اسعار الفائدة الاسبوع الجاري. وتضرر الدولار كذلك من ارتفاع أسعار النفط الخام الامريكي متجاوزة 92 دولارا للبرميل وصعود الذهب الي أعلي مستوياته في 28 عاما الامر الذي رفع اسعار عملات الدول الغنية بهذه السلع الاولية علي حساب الدولار فزاد الدولار الاسترالي الي أعلي مستوياته في 23 عاما.وارتفع سعر اليورو الي 1.4393 دولار وهو أعلي مستوياته منذ طرحه عام 1999 . وانخفض مؤشر الدولار الذي يقيس قيمته أمام سلة من ست عملات رئيسية الي 76.980 وهو ادني مستوياته في مرحلة ما بعد بدء العمل به بعد اتفاقية بريتون وودز منذ 30 عاما. وبلغ سعره 77.013 ومع تاكيد اوروبا علي الدولارالقوي قالت كريستين لاجارد وزيرة الاقتصاد الفرنسية ان الدولار القوي يخفف من أثر ارتفاع أسعار النفط.لكنها اشارت الي أن الحكومة منتبهة للغاية للزيادات في أسعار النفط. وعودة لسوق الصرف المحلي والأسباب التي دفعت البنك المركزي المصري للتدخل في السوق في أول مرة من نوعها منذ اطلاق الية الانتر بنك الدولار في ديسمبر 2004 حيث اشتري الاجانب الجنيه بكميات كبيرة بعد ان نقل عن د.يوسف بطرس غالي وزير المالية يوم الاربعاء الماضي قوله ان الدولار الامريكي من المتوقع أن ينخفض بأكثر من اربعة بالمئة أمام الجنيه بحلول نهاية عام 2007.وهو ما نفاه الوزير امس الاول السبت مؤكدا عدم صدور مثل هذه التصريحات عنه خلال زيارته الاخيرة لواشنطن لحضور اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي ،لكن مصرفيين متابعين لسوق الصرف يؤكدون ان الوزير ادلي بهذه التصريحات في حديث مطول لمجلة المصور الاسبوعية تم نشره الاربعاء الماضي. وانتقد هؤلاء عدم مسارعة الوزير لنفي التصريحات عقب نشرها مباشرة والسكوت لأكثر من 3 أيام.